فيروس كورونا يمنح معلمين فلسطينيين الوقت لترميم مدرستهم بأيديهم في الضفة الغربية
يقف إبراهيم البرغوثي مدير مدرسة ثانوية في إحدى قرى الضفة الغربية المحتلة، أمام كومة من الأخشاب ومواد البناء ويبدو منهمكا في توزيع الأدوار على الهيئة التعليمية التي تطوعت لترميم وتوسيع المدرسة مستغلة توقف الدراسة بسبب كورونا.
ويريد البرغوثي وطاقمه تشييد ثلاث غرف إضافية لصفوف بمساحة تصل إلى حوالى 280 مترا مربعا، وترميم غرف الصفوف القديمة.
ويقول البرغوثي مدير “مدرسة حسان علان” الواقعة في قرية دير أبو مشعل شمال غرب مدينة رام الله، لوكالة فرانس برس “انتهزنا فرصة تعطيل المدارس بسبب كورونا وبدأنا بترميم وبناء مدرستنا بأيدينا وبتبرعات أهالي القرية”.
قبل شهرين، طرح إبراهيم فكرة ترميم المدرسة وتوسيعها، على معلمي ومعلمات المدرسة البالغ عددهم 24 ومعظمهم ممن يسكنون في القرية بينما يأتي آخرون إليها من أماكن بعيدة.
ويضيف “وافق الجميع على التطوع والعمل بأيديهم، خاصة وأن غالبيتهم عملوا سابقا في البناء”.
وتوزعت الأدوار بين المعلمين: بعضهم اهتم في البناء وصف البلاط بينما شرع آخرون بأعمال الحفر والتنظيف أو باشروا بطلاء الصفوف.
وبدت أعمال الترميم عند المدخل الرئيسي للغرف الصفية مكتملة بعد أن قام عدد من المعلمين بوضع اللمسات الأخيرة على البلاط.
وبدأ 285 ألف طالب وطالبة فلسطينيون من أصل حوالي مليون و341 ألف، بالعودة التدريجية إلى مقاعد الدراسة. وكان التلاميذ الذين تقل أعمارهم عن عشر سنوات من أوائل العائدين.
وقالت السلطة الفلسطينية إن هذه السياسة هدفها مراقبة انتشار الفيروس في المدارس.
ويقول البرغوثي “يصل الأساتذة صباحا، منهم من يحمل ملابس أعمال البناء بيده بينما يكون آخرون قد تركوا ملابسهم في المدرسة”.
وبحسب مدير المدرسة الذي قطع حديثه لمساعدة أحد الأساتذة في رفع الأخشاب “يعطي هؤلاء الأساتذة حصة تعليمية أو اثنتين قبل أن يبدلوا ملابسهم ويستكملوا أعمال البناء والترميم”.
تتسع المدرسة التي بنيت بتبرع من أحد أهالي القرية وتحمل اسمه لنحو 300 طالب وطالبة، لكن مساحتها لم تعد تستوعب هذا العدد كله.
ويعتبر موقع المدرسة في منطقة منخفضة وبعيدة عن مركز القرية، عائقا إضافيا يواجهه الأساتذة والطلبة، لا سيما وأن الطريق المؤدي إليها ترابي وغير معبد.
وبالإضافة إلى مشاركته في أعمال التبليط، أوكلت لأستاذ الأحياء محمد عثمان مهمة التنسيق بين زملائه وأهالي القرية الذين يتبرعون للأساتذة بطعام الغداء.
ويقول عثمان “كانت المدرسة بحاجة إلى ثلاث غرف إضافية، وإلى الترميم، وتقدمت إدارة المدرسة بطلبات إلى وزارة التربية والتعليم، لكن كل مرة كنا نواجه بغياب التمويل”. ويضيف “قررنا أن نساهم بأنفسنا في البناء معتمدين على دعم أهالي القرية”.
وتسببت التطورات السياسية التي طرأت على القضية الفلسطينية بداية العام الحالي، بأزمة مالية خانقة أصبحت الحكومة خلالها عاجزة عن دفع رواتب الموظفين العموميين ومن بينهم المعلمين.
وتعتمد السلطة الفلسطينية في بناء مدارسها على ما يقدمه المانحون. وتشير معطيات وزارة المالية الفلسطينية إلى تراجع هذا الدعم منذ مطلع العام الجاري.
ومع ذلك، يبدو المعلمين في مدرسة دير أبو مشعل غير آبهين بعدم حصولهم على رواتبهم كاملة.
ويقول سكرتير المدرسة يوسف سلمان الذي واصل المشاركة تطوعا في أعمال الترميم والبناء على الرغم من إصابة في يده، إن “الدعم المعنوي من أهالي القرية كان كافيا كي يتطوع المعلمين في أعمالهم التي تعتبر أعمال خير، بدون النظر إلى قلة الراتب”.
ومن بين المتطوعين ظامر حمدان الذي فقد إبنه برصاص الجيش الاسرائيلي، في العشرين من غشت الماضي. وقد تطوع في أعمال التنظيف في أروقة المدرسة.
ويقول حمدان “هناك كثير من الموظفين من الممكن أن يقولوا إن كان لا يوجد راتب فلماذا نعمل؟ لكننا هنا نعمل عكس ذلك ونتطوع من أجل اهالي القرية وابنائها من الاجيال القادمة”.
ويواصل المعلمون أشغال البناء إلى ما بعد الظهر ويتناولون طعام الغداء الذي يقدمه متبرعون وتحضره نسوة القرية قبل أن يعودوا إلى أسرهم.
المصدر: الدار– أف ب