ماذا يريد المزايدون في قضية مقتل الطفل عدنان بوشوف؟
الدار/ افتتاحية
هل هناك بلد في العالم سلم أو سيسلم من جرائم اختطاف وهتك عرض الأطفال؟ كم هي شنيعة هذه الجريمة وكم هي مستفزة للمشاعر ومزعزعة للرشد والحصافة؟ من الطبيعي أن يفقد المرء رزانته وتوازنه عندما يسمع خبرا كهذا الذي اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام ويتعلق بخطف واغتصاب وقتل الطفل عدنان بوشوف في مدينة طنجة، لكن هذه الصدمة لا يجب أن توتر المرء إلى درجة يفقد معها سداد الرأي واتزان المنطق. كلنا منفعلون ومصدومون من هول الجريمة التي حدثت، ومن المشروع أن يتناقش الناس في سياقها عن عقوبة الإعدام ومدى جدواها، وأن يطالب البعض بسحل المجرم أو تقطيعه إربا أو سجنه مدى الحياة مع الأشغال الشاقة.
كل هذا الجدل وتلك المشاعر أمور متوقعة ومفهومة، لكن المستغرب هو الزج بمصالح الأمن في جريمة كانت مفاجئة للجميع. أن يتم فتح نافذة جانبية للمزايدات المجانية ضد مصالح الأمن، بعد كل الجهود التي تم بذلها لتوقيف المجرم واعتقاله في ظرف لا يتعدى بضعة أيام، فهذا أمر لا يدخل في نطاق الجدل والنقاش المحمود الذي تفتحه مثل هذه المناسبات المأساوية والجرائم الاستثنائية. إنه ببساطة ولغ في دم الضحية البريء الذي سلبه مجرم غير معروف حياته وكرامته. هل نجحت المصالح الأمنية الفرنسية في تجنب واتقاء مئات جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال سنويا؟ في عام 2016 وحده تعرض 19 ألفا و700 قاصر للاعتداء الجنسي في فرنسا. هل كان من الممكن أن يكون في لحظة كل اعتداء رجل أمن يترقب وقوعها؟
هذا هو عبث الجدل الذي نعيشه اليوم وغذته للمفارقة بلاغات مثل الحزب المغربي الحر الذي يرأسه “المحامي” زيان، والذي ذهب بعيدا في تحليله لأبعاد جريمة طنجة.
تحليل ودعوات بلاغ زيان الذي يتابع ابنه في ملف “الكمامات”، يشتم منها رائحة تصفية الحسابات والمزايدات المجانية مع أجهزة الأمن التي بذلت قصارى جهودها في الشهور الأخيرة لتأمين المغاربة، وحمايتهم وتنفيذ إجراءات الحجر الصحي للوقاية من فيروس كورونا.
ولم يحس المغاربة بالأمن يوما أكثر مما أحسوا به خلال هذه الشهور، التي اختفت فيها مشاهد الاعتداءات المسلحة والسطو المسلح. لكن أكثر المزايدات مزايدة هي تلك التي ربط فيها بعض المدونين على صفحات التواصل الاجتماعي فيسبوك بين جريمة طنجة وتفكيك الخلية الإرهابية مؤخرا. وبلغ الأمر بإحدى تدوينات رئيس جماعة من الجماعات الترابية حد التساؤل “كيف يعثر رجال الحموشي على من هم تحت التراب ولا يعثرون على الطفل عدنان قبل مقتله؟”. هذه الصيغة من تقديم الرأي تؤكد أن الأمر مجرد تصفية للحسابات إذ لا يمكن لعاقل أن يقارن بين من يخططون لارتكاب جريمة إرهابية بكل ما يعنيه ذلك من تحركات ولوجستيك وعناصر، وبين شخص موتور دفعته غرائزه الجنسية المرضية إلى أن يقرر في لحظة من اللحظات العبث بشرف طفل صغير ويقرر التخلص من جريرته في لحظة عابرة.