الدار/ طنجة
يعيش إقليم فحص أنجرة، بجهة طنجة، أوضاعا مزرية جدا في المجال البيئي، حيث يجري يوميا تجريف الكثير من الكائنات الحية، والتي يتم إبادتها بطرق وحشية، من طرف عدد من المنحرفين في المنطقة، أمام صمت مثير من جانب سلطات الإقليم والهيآت المنتخبة.
ومنذ بضع سنوات، بدأت تجري عمليات تصفها مصادر محلية بـ” الإجرامية”، حيث يتم القضاء على كل أنواع الوحيش والطيور في المنطقة، بوسائل وحشية وبدائية، من دون أي رد فعل من جانب سلطات الإقليم.
وعاين موقع “الدار” مشاهد محزنة لعمليات إبادة الوحيش، منها الأرانب وطيور الحجل وعدد من الحيوانات البرية الأخرى، خصوصا النمس، حيث تخصصت مجموعات من المنحرفين في هذه العملية، وهو ما أدى إلى قيام جمعيات قليلة بدق ناقوس الخطر، لاستشعار الخطر المحدق بالمنطقة.
وفي كل ليلة تقريبا، يقوم أشخاص مزودين بكاشفات ضوئية قوية جدا، بتمشيط عدد من مناطق فحص أنجرة، شبرا شبرا، للقضاء على كل ما يتحرك فوقها، حيث تتم مباغتة الأرانب وطيور الحجل في عمليات التوالد خصوصا، ويتم قتلها بواسطة العصي أو الحجارة.
وتعتمد عمليات إبادة وحيش المنطقة على التزود بالعصي والمصابيح الكاشفة المحمولة، بحيث تبدأ عمليات البحث عن الوحيش منذ الساعات الأولى لليل، ويستمر ذلك حتى ساعات الصباح الأولى، حيث يتم في الليلة الواحدة، القضاء على مئات الطيور والأرانب.
والمثير أن عملية الإبادة هذه تتركز على المرحلة التي تكون فيها الطيور والأرانب تتوالد في المنطقة، حيث تتم مباغتها في عز عملية التوالد، خصوصا وأن طيور الحجل تختار الأحراش للتوالد، وهو ما يسهل عملية عصابات إبادة الوحيش والطيور في المنطقة.
ويعمد من يسميهم السكان “أعداء البيئة” في المنطقة على استعمال مصابيح إنارة قوية مهربة من سبتة المحتلة، يباغتون بها الطيور والأرانب وحيوانات أخرى، بحيث تعجز عن الرؤية، ويباغتونها بضربات وحشية بعصيهم الغليظة، لتموت فوار.
ووفق ما عاينه موقع “الدار”، فإن عمليات الإبادة تشمل كل مناطق فحص أنجرة تقريبا، وهو ما تسبب في إخلال فظيع بالتوازن الحيواني والبيئي، مما أثر بشكل كبير على حياة السكان.
والمثير أن عمليات الإبادة تشمل حيوانا يتواجد في المنطقة منذ مئات السنين، وهو النمس المخطط، والذي لا يصلح للأكل، ومع ذلك يتم قتله باستمرار من أجل المتعة والتباهي، عبر التقاط صور معه، مثلما يبدو في الصور الحصرية التي حصل عليها موقع “الدار”.
وأدى هذا القتل المكثف لحيوان النمس إلى إخلال فظيع بالتوازن البيئي، حيث تكاثرت الجرذان والأفاعي في المنطقة، لأنها كانت الغذاء الأساسي للنمس، ومع قرب انقراضه، فإن الأفاعي والجرذان صارت تقتحم على السكان منازلهم، إلى حد أن بعض السكان عثروا على أفاعي وجرذان في غرف نومهم.
وحصل موقع “الدار” على صور حصرية تم العثور عليها في هاتف أحد أفراد عصابة تدمير البيئة، وكلها صور تثبت بشاعة ووحشية عملية التدمير، حيث يتباهى المدمرون بصورهم مع الحيوانات والطيور المقتولة، بما فيها حيوان النمس الذي يؤدي خدمات جليلة للمنطقة عبر منع تكاثر الأفاعي والجرذان.
كما بدت في الصور فراخ طيور الحجل الحديثة التفقيس، والتي لم يرحمها أفراد عصابات تدمير البيئة، حيث يتباهون بالتقاط صور مع هذه الحيوانات ويتبادلون الصور في هواتفهم المحمولة وكأنهم حققوا إنجازات عظيمة.
وكانت هذه الصور قد وصلت إلى مصالح الدرك في جماعة خميس أنجرة، رفقة عدد من الشكايات مؤرخة بمحاضر، وهي لأشخاص بأوجه مكشوفة ومعروفون في المنطقة، غير أن لا شيء تغير، وبقي هؤلاء يمارسون عربدتهم الخطيرة في المنطقة.
هذا الوضع الخطير، دفع جمعية محلية في عملة فحص أنجرة، إلى مراسلة عدد من الجهات المسؤولة والهيآت المنتخبة، بالإضافة إلى المصالح الأمنية، لتنبيهها إلى المخاطر الكبيرة المحدقة بالمنطقة بسبب عصابات تدمير البيئة، غير أن هذه الشكايات ذهبت أدراج الرياح، ولا تزال عصابات التدمير تصول وتجول ليلا ونهار.
وتقول مصادر جمعوية إن عصابات تدمير البيئة لم تعد تخشى شيئا، إلى درجة أن بعض أفرادها يفترون جهارا بأن وكيل الملك بطنجة أمر بعدم اعتقال أي منهم، وبدا ذلك مسجلا في شريط فيديو، وهو افتراء كبير وجب وضع حد له.
ووفق هذه المصادر فإن ناشطين جمعويين يصرفون كل عام ميزانية معتبرة من أجل تربية الأرانب والحجل لتشجيع توالدها في المنطقة، غير أن هذه المحاولات تفشل باستمرار بسبب وجود عصابات التدمير، والتي وصلت مؤخرا من الجرأة حد تمتعها بـ”حماية”.
هذه الأوضاع البيئية الخطيرة في المنطقة، دفعت السكان إلى توجيه نداء مباشر على عامل إقليم فحص أنجرة، عبد الخالق المرزوقي، والذي يصفه السكان بأنه يتمتع بسمعة ممتازة، غير أن ما يجري في المنطقة من تدمير خطير للبيئة لا يتلاءم مع نقاء هذه السمعة.
صور تثبت الإجرام المرتكب في حق بيئة إقليم فحص أنجرة