تعيين كوني باريت على رأس المحكمة العليا يلقي بظلاله على السباق الرئاسي الأمريكي
في حين تتجه الأنظار إلى المناظرة التلفزيونية الأولى التي ستجري بين الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن مساء الثلاثاء، خطف تعيين القاضية إيمي كوني باريت على رأس المحكمة العليا الأمريكية الأضواء من الحملة الرئاسية. ويشرح الباحث جان إيريك برانا الذي ألف كتابا عن السيرة الذاتية لجو بايدن نائب الرئيس السابق باراك أوباما- لفرانس24 الأسباب التي أدت إلى ذلك.
كأن الجمود السياسي هو سيد الموقف قبل شهر واحد من موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في 3 نوفمبر المقبل بعد وفاة رئيسة المحكمة العليا السابقة روث بادر غينسبورغ، واقتراح دونالد ترامب تعيين إيمي كوني باريت مكانها.
فرغم المناظرة التلفزيونية الأولى التي ستجمع بين الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب ومنافسه من الحزب الديمقراطي جو بايدن على قناة “فوكس نيوز” مساء الثلاثاء، إلا أن وسائل الإعلام الأمريكية أصبحت تركز أكثر في تقاريرها عن المرشحة إيمي كوني باريت، والتي من المحتمل جدا أن تتولى منصب رئيسة المحكمة الأمريكية العليا في انتظار التأكيد الذي سيصدر من قبل أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي.
ويرى جان إيريك برانا، الذي ألف كتابا حول المرشح الديمقراطي بعنوان “جو بايدن”، أن “النواب الأمريكيين سيبدؤون الاستماع إلى القاضية التي اختارها دونالد ترامب ابتداء من 12 أكتوبر، وستتخلل الجلسات الحملة الانتخابية إلى حين يتم تعيينها نهائيا كرئيسة جديدة للمحكمة العليا، والذي يأمل الجهوريون في إجرائه قبل أيام قليلة فقط من بدء العملية الانتخابية”.
ما هي التغييرات التي يمكن أن تطرأ على السباق الرئاسي مع تعيين إيمي كوني باريت رئيسة جديدة للمحكمة العليا الأمريكية؟
جان إيريك برانا: أولا، أنصار دونالد ترامب سعيدون بهذا التعيين. الفرحة تتعدى حتى أنصار ترامب لأن إيمي كوني باريت تستوفي جميع شروط الناخبين المحافظين. لكن رغم ذلك، فهذا التعيين لا يغير كثيرا من مجرى الانتخابات الرئاسية لأن الناخبين الذين عبروا عن فرحتهم بعد تعيين كوني باريت من قبل الرئيس ترامب يميلون أصلا إلى الحزب الجمهوري. لكن هذا التعيين قد يؤثر على أوساط الناخبين الكاثوليك الذين يميلون هذه السنة إلى جو بايدن، وهو كاثوليكي، بعدما صوتوا لترامب في 2016. أما كوني باريت فهي كانت تعمل كقاضية في محكمة الاستئناف في المنطقة السابعة والتي تضم كل من الإيلينوي وإنديانا وويسكونسن. فإذا كانت منطقة الإيلينوي تميل إلى جو بايدن وإنديانا إلى دونالد ترامب، فمنطقة ويسكونسن، حيث يعيش 25 بالمئة من الكاثوليك، لا تزال مفتوحة على جميع الرهانات. لذا تعيين كوني باريت رئيسة جديدة للمحكمة العليا بإمكانه أن يحفز بعض الناخبين في هذه الولاية إلى التصويت.
إيمي كوني باريت معروفة بمواقفها المحافظة حول الإجهاض أو امتلاك الأسلحة. فهل سيؤدي تعيينها إلى إلقاء الضوء على مثل هذه المواضيع؟
لا أعتقد لأن وسائل الإعلام حاليا لا تتحدث سوى عن المحكمة العليا. جميع المواضيع المتعلقة بالحملة الانتخابية تراجعت كلها إلى الدرجة الثانية. نحن حاليا أمام صراع بين معسكرين سياسيين. الأول موال لترامب والثاني مناهض له. ولم يتبق سوى المناظرة التلفزيونية بين المرشحين من أجل التطرق إلى قضايا أخرى سياسية واقتصادية. وسيكون الأمر صعبا لأن المرشحين لا يملكان الوقت الكافي للنقاش. فأمام كل مرشح 15 دقيقة على الأكثر للحديث عن موضوع ما. وهي مدة زمنية قصيرة جدا.
وفي هذا الإطار، ما هي الاستراتيجية التي اختارها جو بايدن؟
جو بايدن يحث أعضاء مجلس الشيوخ على عدم تأكيد تعيين إيمي كوني باريت على رأس المحكمة العليا. فهو يتمنى أن يكرر ما فعله في 1987 عندما حاول الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغن تعيين القاضي روبرت بورك على رأس المحكمة العليا الأمريكية العليا لكن دون جدوى. جو بايدن كان يشغل آنذك منصب رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ. وتعامل مع روبرت بورك حينها بقسوة إلى درجة أنه تم رفض ترشيحه من قبل أعضاء مجلس الشيوخ.
ويتمنى المرشح الديمقراطي أن يتكرر هذا السيناريو مرة ثانية، خاصة وأنه يعتمد على نائبته كامالا هاريس، التي تشغل حاليا منصب نائبة رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، لخوض المعركة. لكن تبدو حظوظ نجاح هذه الاستراتيجية ضئيلة جدا بسبب امتلاك الجمهوريين الأغلبية في مجلس الشيوخ.
هل سيؤثر تعيين إيمي كوني باريت على إعادة انتخاب ثلث من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي؟
نعم لأن غالبية الأمريكيين يعتقدون بأنه لا ينبغي استبدال منصب روث بادر غينسبورغ الراحلة إلا بعد نهاية الانتخابات الرئاسية.
فعلى سبيل المثال، بعض أعضاء مجلس الشيوخ الذين يواجهون صعوبات في إعادة انتخابهم مرة أخرى في هذا المجلس، مثل ليندسي غراهام في ولاية كارولينا الجنوبية وتوم تيلس في كارولينا الشمالية أو جوني أرنست في ولاية آيوا، بإمكانهم فقدان أصوات بعض الناخبين في حال استمروا في مساندة عملية تأكيد تعيين رئيسة المحكمة العليا الجديدة.
إنه شيء غير منتظر لأنه لم يكن أحد يتخيل أنه يمكن للديمقراطيين السيطرة على مجلس الشيوخ الأمريكي. لكن عملية تأكيد التعيين لإيمي كوني باريت على رأس المحكمة العليا الأمريكية قد يغير الموازين. صحيح أن الأمر غير محتمل لكن في نفس الوقت يمكن أن يحدث.
المصدر: الدار– أف ب