موبايل موني نجاعة مؤكدة في زمن الأزمة
في إطار تعبئتهم لمواجهة الإكراهات المرتبطة بالأزمة الصحية الناجمة عن وباء كورونا، انخرط مختلف الفاعلين في مجال الاتصالات في تفعيل وتسريع وضع حلول رقمية جديدة للأداء عبر الهاتف المحمول (موبايل موني) “Mobile Money”.
وتعد (موبايل موني) أو (الأداء بواسطة الهاتف المحمول) حلا ثوريا للحد من تنقلات الأشخاص وللتحفيز على التخلي عن الأداء نقدا (الكاش) والأداء عن بعد أو عن قرب، وهو ما يتيح الأداء من دون أي اتصال مباشر، وكذا تحويل الأموال إلى الخارج. وبذلك بات بإمكان المستخدمين، انطلاقا من مقرات سكناهم وفي احترام تام للإجراءات الصحية، الولوج عبر نقرة بسيطة إلى العديد من الخدمات المالية.
وفي هذا السياق، يعيش سوق (موبايل موني) على وقع حركية ملحوظة خلال هذه الفترة المتسمة بأزمة لم تكن متوقعة، ليؤكد على وجود قدرة كبيرة على الابتكار والمرونة، لاستباق حاجيات الزبناء وإعطاء دينامية خاصة لهذه التكنولوجيا التي تبقى جديدة نسبيا بالمغرب.
ومن ضمن الفاعلين الأوائل في مجال الاتصالات الذين اقترحوا خدمة الأداء عبر الهاتف، توجد “مجموعة إنوي” التي أطلقت منتوجها (إنوي موني) “inwi money” في شتنبر 2019، والذي حقق بالفعل، حسب الرئيس التنفيذي ل(إنوي موني)، نيكولا ليفي، إنجازات جيدة بأزيد من 500 ألف زبون وأزيد من 50 ألف معاملة في الشهر. وأوضح ليفي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن تعميم الدفع بواسطة خدمة (إنوي موني) تم عبر عدة مراحل، حيث تم في يناير 2020 إطلاق هذه الخدمة بالمتاجر الكبرى، ثم أداء الفواتير وغالبيتها تتعلق بالماء والكهرباء، لتشمل بعد ذلك التحويلات المالية الدولية، من خلال خدمة استقبال هذه التحويلات التي تم إطلاقها مؤخرا بشراكة مع WorldRemit و MFS Africa. وأضاف أن هذه النتائج الأولية تعكس القدرة على الابتكار وسرعة التفاعل التي تتسم بها خدمة (إنوي موني) بهدف الاستجابة بشكل استباقي لانتظارات زبنائها، وإضفاء دينامية حقيقية على قطاع الأداء عبر الهاتف النقال.
وأشار ليفي إلى أن إطلاق خدمة التحويلات المالية الدولية “يعد تجسيدا ملموسا لجهودنا من أجل تنويع وسائل الأداء بالمغرب، وتسريع الإدماج المالي لأكبر عدد ممكن من الأشخاص، ونزع الطابع المادي عن المعاملات المدفوعة نقدا”، مبرزا أنه أصبح بإمكان زبناء (إنوي موني) استلام الأموال التي أرسلها أقاربهم من الخارج بشكل سريع وآمن.
من جهتها، قالت نوال غرميلي، مديرة خدمة “أورنج موني المغرب” إنه “قبل أيام فقط من بداية الأزمة الصحية في المغرب، وتحديدا في 10 مارس الماضي، قمنا بإطلاق خدمة أورنج موني”، مضيفة “أننا عملنا على تكييف خطة عملنا لخدمة الزبناء عن بعد، والاستفادة في الوقت ذاته من المرونة المسموح بها من طرف البنك المركزي في هذا الإطار”. كما أبرزت أن هذه الخدمة تتيح للزبناء خوض تجربة رقمية بالكامل انطلاقا من منازلهم.
وأضافت أن (موبايل موني) يعد حلا للإدماج المالي والرقمي يمكن الزبناء من التوفر بسهولة على حساب للأداء، مما يتيح لهم الولوج إلى خدمات تحويل الأموال، واقتناء التعبئة، وأداء الفواتير انطلاقا من هواتفهم.
وأشارت غرميلي إلى أنه في ظل سياقات مثل التي نعيشها اليوم، فإن هذه الأداة تعد الوسيلة المثلى لصرف المساعدات أو الإعانات عن بعد. وفضلا عن ذلك، فإن تطوير الأداء بواسطة الهاتف المحمول بين التجار يتطلب وضع آليات تحفيزية قوية لتشجيعهم على الانخراط في هذه المنظومة.
وقالت إن “النتائج الأولى تكشف عن تأثر واضح جراء الأزمة الصحية، لكنها تبقى مع ذلك مشجعة”، مشيرة إلى وجود سوق على الرغم من معدل الاستبناك المرتفع نسبيا في المغرب. وفي الواقع، مازال استخدام الخدمات المالية محدودا، والمعاملات النقدية (الكاش) هي المهيمنة.
ويتمثل طموح (موبايل موني) في تغطية احتياجات السكان المغاربة الذين لم يتخطوا عتبة الولوج إلى المعاملات المصرفية بعد أو أولئك الذين يبحثون عن وسيلة يسيرة وعملية أكثر لإجراء معاملات مالية، دون أن ننسى أن قابلية التعامل البيني (interopérabilité) تمثل رافعة قوية من شأنها تسريع نمو هذه المنظومة.