أخبار الدار

جهة الشرق : قطاع الصناعة التقليدية المتضرر بشدة من جائحة كورونا يتطلع إلى نفس جديد

الواضح أن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19) أثرت بشكل كبير على قطاع الصناعة التقليدية بجهة الشرق، ويبدو أن الخروج من الأزمة قد يأخذ وقتا طويلا، في ظل الارتفاع الكبير لعدد حالات الإصابة المسجلة بالفيروس بالجهة والإجراءات الاحترازية الرامية إلى كسر سلسلة انتشار الجائحة.

واعتبارا للإنجازات التي تمكن القطاع من تحقيقها خلال العقد الأخير، عبر عدد من الحرفيين عن تفاؤلهم وتطرقوا إلى مسألة عودة الأمور إلى طبيعتها تدريجيا بعد أشهر اتسمت بصعوبة بالغة، فيما يتساءل آخرون أنهكتهم الأزمة عن موعد الخلاص من المعاناة، لاسيما أن الجائحة تواصل التفشي بالجهة.

ولخصت التالية الإسماعيلي، رئيسة تعاونية الإيلاف للحرف التقليدية (الخياطة التقليدية والطرز)، الوضع قائلة “كان الحرفيون يسيرون في منحنى تصاعدي من حيث التسويق والتكوين والمواكبة والإتقان وتوسيع مجال اشتغالهم، لكن تفشي الجائحة جعلنا نواجه صعوبات كبيرة ذات طابع سوسيو اقتصادي”.

وأشارت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن التعاونية التي تأسست سنة 2015 من قبل مجموعة من النساء المنحدرات من أوساط هشة بهدف تحسين ظروف عيشهن بدأت تفرض نفسها شيئا فشيئا بفضل مشاركتها في عدد من التظاهرات والمعارض وتسويق منتجات الصناعة التقليدية واستقطاب زبناء جدد.

وأوضحت السيد الإسماعيلي، بمرارة، أنه “ينبغي الاعتراف بأن كل شيء كان على ما يرام وأن طموحاتنا كانت بدورها كبيرة، إلى حين تفشي جائحة كوفيد -19″، مسجلة أنه بسبب الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية توقفت أنشطة التعاونية إلى حد كبير، إلى درجة أنها اضطرت للتخلي عن مقرها الفسيح لعدم قدرتها على دفع الإيجار الجاري، والانتقال إلى مقر آخر أصغر حجما.

واعتبرت هذه المعلمة السابقة للخياطة التقليدية والعصرية أنه بالرغم من أن التعاونية بدأت تستعيد أنشطتها تدريجيا، فإن التعاونيات التي تشكل مورد رزق لمجموعة من الأسر المعوزة، تحتاج في السياق الحالي أكثر من أي وقت مضى للدعم المستمر والتكوينات المكثفة في مجال البيع الإلكتروني التي تستجيب لحاجيات الصناع التقليديين كي يستغلوا الإمكانيات التي تتيحها منصات التسويق الرقمي.

وخلصت رئيسة التعاونية التي حصلت على الشارة الوطنية للصناعة التقليدية واعترافات أخرى “ما زلت متفائلة بالرغم من السياق الحالي، وأنا على يقين من أن قطاع الصناعة التقليدية الذي يزخر بالعديد من المؤهلات ويحظى بالرعاية الملكية السامية يمكن أن يشكل رافعة أساسية للتنمية السوسيو – اقتصادية”.

من جهته، اعتبر أحمد المسعودي، صانع تقليدي يشتغل منذ سنة 1970 في مجال صناعة الجلد أن أزمة كوفيد -19 عمقت معاناة مزاولي هذه المهنة بجهة الشرق، مؤكدا على ضرورة إيلاء المزيد من العناية لهذه الحرفة حتى تستعيد مكانتها، ومساعدة الحرفيين عبر مختلف الوسائل (قروض ، سكن اجتماعي، تغطية صحية) كي يمضوا قدما ويساهموا في الحفاظ على هذا الإرث الثمين بالجهة.

وحسب مسعودي، الذي يشغل عضوية الغرفة الجهوية للصناعة التقليدية منذ سنة 1990 ، فإن مهنيي صناعة الجلد بالجهة يتمتعون بالخبرة والمهارة، لكنهم غير قادرين على مواجهة المنافسة الأجنبية غير الشريفة، ناهيك عن تأثيرات جائحة كورونا.

وأبرز المدير الجهوي للصناعة التقليدية والاقتصادي التضامني، خالد الدليمي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن جهة الشرق سجلت خلال السنوات الأخيرة نموا ملحوظا على عدة مستويات حيث تعززت البنيات التحتية والمبادرات الموجهة الرامية إلى تقوية أداء هذا القطاع الذي يشغل أزيد من 130 ألف شخص.

وأضاف أن هذه المنجزات والمبادرات العديدة التي تم القيام بها أو البرامج تهدف إلى تشجيع الإبداع والابتكار لدى الحرفيين بوضع رهن إشارتهم الآليات الضرورية لتحسين ظروف عملهم وعيشهم، والنهوض بالتكوين والتكوين المستمر، وإرساء أسس متينة لاقتصاد اجتماعي وتضامني قوي.

وأوضح أن جهة الشرق، التي تضم نحو 334 تعاونية ينخرط بها 2599 عضوا، سجلت قفزة نوعية في ما يتعلق بالبنيات التحتية سواء في المدن أو العالم القروي، موجهة للصناعة التقليدية والحرفيين، من خلال إنجاز العديد من الفضاءات المعاصرة بمختلف أقاليم الجهة، ضمنها مركبات مندمجة وقرى للصناع التقليديين ودور للصناعة التقليدية، بالإضافة إلى مراكز للتكوين.

وعن تداعيات جائحة كورونا على القطاع أبرز السيد الدليمي بالخصوص الاستراتيجية الجديدة 2030-2021 للنهوض بقطاع الصناعة التقليدية والجهود المبذولة على المستوى الوطني والجهوي لمساعدة الصناع التقليديين على تسويق منتجاتهم عبر منصات رقمية، والاستئناس مع هذه الآليات الجديدة.

بدوره، أفاد رئيس الغرفة الجهوية للصناعة التقليدية بجهة الشرق، إدريس بوجوالة، بأن القطاع تضرر بشدة جراء جائحة كورونا التي لازالت متفشية إلى الآن، مشيرا إلى أن الحرفيين الذين لم يستفيدوا من الدينامية الكبيرة التي عرفها القطاع في فصل الصيف، تكبدوا خسائر فادحة، ما يتعين معه إيلاء القطاع المكانة التي يستحقها والاهتمام أكثر بالتعاونيات التي تضطلع بدور هام في التنمية السوسيو – اقتصادية.

وخلص السيد بوجوالة إلى أن الظرفية الحالية تقتضي مبادرات مدروسة ومتشاور بشأنها لدعم وتشجيع الصناع التقليديين بالجهة، وإعطاء نفس جديد للقطاع الذي سجل تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة على عدة مستويات.

المصدر: الدار- وم ع

زر الذهاب إلى الأعلى