أخبار الدارسلايدر

هل نتجه نحو حجر صحي عام من جديد؟

الدار / افتتاحية

رقم قياسي في عدد الوفيات بلغ أول أمس الجمعة 73 حالة، ورقم قياسي آخر على مستوى الإصابات التي بلغت أول أمس 4045 إصابة جديدة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد، وعدد الحالات الإجمالية يقترب من 200 ألف حالة، بينما بلغ إجمالي الوفيات 3255 حالة، بينما بلغ عدد الحالات الخطيرة أو الحرجة الموجودة حاليا بأقسام الإنعاش والعناية المركزة الجديدة المسجلة، خلال الـ24 ساعة الأخيرة، 43 حالة، ليصل العدد الإجمالي لهذه الحالات إلى 699 حالة، 42 منها تحت التنفس الاصطناعي الاختراقي. هذه الأرقام المفزعة تؤكد أن الوضعية الوبائية في المغرب بلغت ذروة غير مسبوقة، وأننا نسير نحو الكارثة، بالنظر إلى أننا مقبلون على أيام شتاء قد تكون هي الأسوأ في تاريخ المغرب والعالم.

فهل يعني هذا أننا مقبلون في شهر نونبر المقبل على العودة إلى إغلاق كلي للبلاد ولكل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية في انتظار تراجع المنحنى؟ هذا سؤال يحير الكثيرين اليوم خصوصا بعد أن لاحظوا توجها حكوميا نحو تشديد الإجراءات التي تحد من الاختلاط والتجمعات. فقد قررت الحكومة اتخاذ مجموعة من التدابير على مستوى الدار البيضاء الكبرى (عمالتي الدار البيضاء والمحمدية وإقليمي النواصر ومديونة) وإقليمي برشيد وبن سليمان، ابتداء من يوم الأحد 25 أكتوبر الجاري على الساعة التاسعة ليلا، ولمدة أربعة أسابيع .وذكر بلاغ للحكومة، يوم الجمعة الماضي، أن هذا القرار اتخذ بناء على خلاصات عمليات التتبع اليومي والتقييم المنتظم المنجزة من طرف لجان اليقظة والتتبع، وتبعا لتوصيات اللجنة العلمية والتقنية بضرورة الاستمرار في الإجراءات اللازمة لمواجهة تفشي فيروس كورونا – كوفيد 19.

وشملت التدابير المتخذة توسيع مجالات الإغلاق والحد من ساعات التنقل والتواجد خارج البيوت إضافة إلى إعادة العمل ببعض الإجراءات كالرخص الاستثنائية وغيرها. كل هذه التدابير تقلق اليوم ساكنة العديد من المدن وخصوصا منها تلك التي تعرف وضعا وبائيا متفجرا وعلى رأسها مدينة الدار البيضاء. لكن على ما يبدو فإن هذه الإجراءات المتخذة قد تكون أكبر دليل على أن عودة الإغلاق الكلي والحجر العام أمر لم يعد من الممكن اللجوء إليه بتاتا على الرغم من كل ما تلوح به السلطات بين الفينة والأخرى من تحذيرات. وهناك أسباب عديدة لا تسمح اليوم بعودة الحجر الصحي العام والتزام المواطنين بيوتهم بشكل كلي مثلما حدث في مارس الماضي عندما بدأت الجائحة.

أول هذه الأسباب هو أن الحجر الصحي أثبت عدم نجاعته في الحد من انتشار فيروس كورونا المتسجد. وأكبر دليل على ذلك أن الشهور الطويلة التي كادت تقارب الثلاثة أشهر التي قطعها المغاربة جميعا في حجر منزلي ما بين مارس وماي، لم تجد في النهاية شيئا، ولم تنجح في القضاء على الفيروس، وبمجرد ما أن تم إعادة فتح مجالات الحياة العامة عاد الوباء لينتشر من جديد وانفجرت العديد من البؤر. بل إن الحديث عن مفهوم البؤرة في حد ذاته لم يعد ذا معنى منذ أسابيع، بعد أن تبين أن الفيروس لم يترك مدينة أو مكانا أو حيا لم يدخل إليه.

أما ثاني هذه الأسباب التي تجعل العودة إلى الحجر أمرا مستبعدا، فهو السبب الاقتصادي، فالحكومة تدرك أن أي إغلاق جديد ستكون له نتائج كارثية على الوضع الاقتصادي، الذي يعاني أصلا من أكبر ضربة تلقاها منذ سنوات طويلة. فقد تراجع النمو بشكل سالب وانهارت بعض القطاعات الأساسية كقطاع السياحة، وارتفعت معدلات البطالة إلى مستويات قياسية. وسيمثل الحجر الصحي في مثل هذه الظروف ضربة قاصمة لما تبقى من الفرص الاقتصادية، بل وسلوكا معاكسا ومناقضا لما تم الإعلان عنه فيما يخص خطة الإنقاذ الاقتصادي التي خصصت لها الدولة 120 مليار درهم. هذا السببان وحدهما يؤكدان بما لا يدع مجالا للشك أن أي حديث عن الحجر الصحي العام يبقى مجرد تهديدات وتحذيرات لدفع المغاربة نحو المزيد من اليقظة والوعي بمخاطر الوباء واتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة لمواجهته.

زر الذهاب إلى الأعلى