غياب الاستقرار السياسي يؤثر سلبا على مكافحة الارهاب في تونس
أعاد اعتداء نيس الذي نفذه تونسي وصل حديثا الى فرنسا، طرح سؤال حول مدى مضي تونس في مكافحة الارهاب خاصة في ظل الصعوبات التي تواجهها السلطات لوضع استراتيجية ملائمة وسط غياب الاستقرار السياسي.
ويصعب تحديد ما اذا كان المشتبه به ابراهيم العويساوي (21 عاما) قد خطط للعملية انطلاقا من تونس أو بعد الوصول الى أوروبا عبر مسارات الهجرة غير القانونية في منتصف شتنبر.
ولم تتبن الاعتداء على الكنيسة بمدينة نيس في 29 اكتوبر، وأسفر عن ثلاثة قتلى، أي جهة.
ولا تزال تونس تشهد بين وقت وآخر عمليات جهادية تستهدف أمنيين، وإنما بنسق أقل مقارنة بعام 2015 الذي شهدت فيه البلاد اعتداءات دامية أسفرت عن مقتل أمنيين وعناصر في الجيش وسيّاح.
ويقول رئيس منظمة اتحاد التونسيين المستقلين من أجل الحريات معز علي، “نعوّل كليّا على المقاربة الأمنية ولا نعطي الأهمية الكافية للمقاربة الوقائية التي ليست في المستوى بعد في تونس”.
ويشير علي إلى أنّ من أسباب تنامي الظاهرة الانقطاع عن التعليم وغياب “تأطير الأطفال” وسط تنامي مؤشرات العنف في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية حادة.
ويوضح “لا يمكن ان ننتظر منهم الا ان يتبعوا الطريق الخطأ، اما ركوب البحر (الهجرة غير القانونية) أو الالتحاق بالتنظيمات الجهادية”، مشددا على ان الوقاية يجب ان تشمل المدرسة والعائلة والسجون ودور الشباب لتعزيز الشعور بالانتماء المجتمعي.
ومن جانبه، يقول رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الارهاب منير الكسيكسي “اذا أردنا مجابهة ذلك، يجب حصر الأسباب”. وأمام تصاعد الظاهرة، أرست السلطات التونسية الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب عام 2016 لوضع المخطاطات الاستراتجية والتنسيق اللوجستي والاستشاري مع الوزارات.
لكن هناك تأخر في انجاز هذه الاستراتيجية وتنفيذها “بسبب غياب الاستقرار السياسي وتتالي الحكومات”، وفق الكسيكسي.
ومنذ عام 2011 تعاقبت تسع حكومات على السلطة ولم يدم بعضها إلا لشهور قليلة بسبب التجاذبات السياسية.
ويوضح الكسيكسي أنه اضافة الى تصاعد خطابات العنف في المجال السياسي عبر وسائل الاعلام، تطورت ظاهرة الانجذاب الى الأديولوجيات المتشددة عبر انتشار خطابات الكراهية ضد المسلمين في الخارج، كما انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي مضامين تهدف الى التطرف.
– “البحث عن خطابات بديلة” –
ويعتبر الباحث في التنظيمات الجهادية علية العلاّني أن ما يحدث في تونس هو تداعيات “توظيف الدين في السياسة” والتسامح مع الجماعات المتشددة في أعقاب 2011.
ويلفت العلاّني وهو أستاذ جامعي وباحث في التيارات الراديكالية، الى افلات مروّجي الخطابات الدينية المتشددة من العقاب.
ويرى أن الخطاب الديني الموجود “ضعيف شكلا ومضمونا وليس جذابا وهو ما يدفع الشباب الى البحث عن خطابات بديلة” عبر قنوات أخرى عاذة ما تروّج للعنف.
والكثير من منفذي الهجمات المسلحة سواء في تونس أو في الخارج، من الشباب الذين كبروا مثل ابراهيم العويساوي في بيئة تشهد مستويات من العنف والاستهلاك المفرط للمخدرات، ثم حدثت لهم نقلة سريعة نحو الالتزام بالدين.
ولم يكن المشتبه فيه في اعتداء نيس معروفا لدى السلطات التونسية المكلفة تتبع الجهاديين، وتمت مقاضاته سابقا فقط في قضايا تتعلق بالعنف والمخدرات.
وهناك من تم استقطابهم وتأطيرهم للقيام بعمليات داخل أوروبا.
وفي 19 دجنبر 2016 قام أنيس العمري (24 عاما) -وهو طالب لجوء تونسي رُفض طلبه ومعروف بتطرفه – بخطف شاحنة واقتحم سوقا ميلاديا مزدحما في وسط برلين، ما أسفر عن مقتل 12 شخصا.
وظهر اثر ذلك في مقطع فيديو وهو يعلن مبايعته لتظيم الدولة الإسلامية.
وشهدت نيس كذلك في 14 يوليوز 2016 اعتداء خلال الاحتفالات بالعيد الوطني، أدى إلى مقتل 86 شخصا. وصدم المهاجم محمد لحويج بوهلال وهو فرنسي تونسي يبلغ 31 عاماً، بشاحنة كان يقودها، أطفالاً وعائلات كثيرة وسياحاً أجانب خلال أربع دقائق، قبل أن ترديه قوات الأمن.
المصدر: الدار– أف ب