الإمارات والبحرين تقودان دبلوماسية الاستثمار والتنمية في الصحراء المغربية
الدار / افتتاحية
قرار البحرين فتح قنصلية لها في مدينة العيون لا يقل أهمية عن القرار المشابه الذي اتخذته ونفذته دولة الإمارات العربية المتحدة. إنه استمرارية للدينامية المهيكلة التي شهدتها وتشهدها مواقف الدول العربية من قضية الصحراء. ولأنه يأتي تزامنا مع قرار المملكة الأردنية الهاشمية فإنه يؤكد أن المفاجآت الدبلوماسية لم تنته بعد. ويؤكد بالملموس التأثير القوي للقرار الإماراتي وتداعياته المستقبلية التي ستخدم القضية الوطنية.
بعد البحرين والأردن سيأتي دور سلطنة عمان ولن نبالغ إذا توقعنا التحاق جمهورية مصر العربية على الرغم من علاقاتها القوية مع النظام العسكري في الجزائر. فأبو ظبي قادرة بما تمتلكه من نفوذ وعلاقات قوية مع القاهرة على إقناعها بجدوى هذه الخطوة وأهميتها. إن أهمية الدائرة العربية تتجلى في أنها تكمل دائرة غرب إفريقيا التي أقدمت العديد من بلدانها على فتح تمثيليات لها في الأقاليم الجنوبية. بهذا التكامل بين الدائرتين يضيق الخناق أكثر على البوليساريو والجزائر. ماذا تبقى لهما غير بعضهما؟ رحل القذافي قبل سنوات ومات فيديل كاسترو ويعاني جاكوب زوما في جنوب إفريقيا، واليوم تتجه دول الجامعة العربية إلى حسم موقفها بشكل نهائي مع نزاع مفتعل.
والقادم سيكون أكثر إيلاما لهم إغاظة. ماذا سيكون موقف الجزائر وهي تشاهد معبر الكركرات يتحول إلى نقطة استقطاب اقتصادي ولوجيستيكي دولي؟ كيف سيبتلع العسكر تحول الداخلة إلى مركز اقتصادي أطلسي جذاب يعادل في جاذبيته قطب ميناء طنجة المتوسط؟ في هذا الجانب تبرز أهمية البحرين والإمارات اللتان تمثلان معا قوة مالية إقليمية ودولية كبيرة ومؤثرة. فلا يمكن أن تُقْدما على فتح قنصليتيهما في الأقاليم الجنوبية دون أن تكون لهما نوايا ومخططات استثمارية للمشاركة في تنمية الصحراء المغربية من جهة والاستفادة من الفرص الواعدة التي تقدمها من جهة أخرى.
هناك إذا واقعية مثمرة في انفتاح الإمارات والبحرين على أقاليمنا الجنوبية. صحيح أن الأبعاد السياسية والدبلوماسية لهذا القرار مهمة ومؤثرة، لكننا لا يجب أن ننسى أن لكلا البلدين مصالح مشروعة من حقهما الدفاع عنها، ومكاسب طبيعية يتعين تحقيقها. وإذا أنفقا معا مواقف سياسية فنحن ننتظر منهما أيضا تعزيز هذه المواقف بالاستثمارات والمشاريع الاقتصادية المهيكلة، خصوصا أن مجال التعاون الاقتصادي للبلدين مع المغرب يتوفر سلفا على ارضية مشتركة وتاريخ سالف.
فالعلاقات بين المغرب والإمارات على سبيل المثال تستمد جذورها من تعاون اقتصادي كبير وواسع إذ لا تزال دولة الإمارات العربية المتحدة تحتل المرتبة الأولى على صعيد الاستثمارات العربية بالمغرب، بفضل التدفق الكبير للاستثمارات الإماراتية في مجالات الطاقة والعمران والسياحة والاتصالات والخدمات. كما تمنح الإمارات العديد من المساعدات والمنح للمغرب. كما يحظى المغرب بوضع خاص في علاقته بالبلدين باعتباره أول بلد عربي خارج منطقة الخليج يحظى بشرف عضوية مجلس التعاون الخليجي إلى جانب الأردن.
كل هذه الإمكانات الواعدة هي التي تقلق اليوم العسكر في الجزائر، وتجعلهم يبحثون عن خلق أزمة موازية في علاقاتهم بأبو ظبي بتوجيه اتهامات لها بالتدخل في الشأن الداخلي، قد يصح ذلك في حالة واحدة، وهي إذا كا العسكر يعتبرون بناء وتدشين قنصلية إماراتية في العيون المغربية شأنا داخليا.