أخبار الدارسلايدر

حوار هادئ مع محمد حفيظ.. حول الحد الفاصل بين التبخيس المؤسسي والاستهداف الشخصي

الدار / تحليل

من حق السيد محمد حفيظ أن يتفق أو يختلف مع بلاغات وزارة الداخلية، كما من حقه أن يتجاوز حدود الاتساق أو الاختلاف إلى حد النقد والانتقاد في كل ما يتناقض أو لا يتماهى مع قناعاته الشخصية وخلفيته الإيديولوجية.

ومن حق محمد حفيظ أيضا أن يستثمر رصيده المعنوي، الذي تختزله تصريحاته المحفوظة في وسائط الاتصال الجماهيري، كأول برلماني يتخلى عن مقعده الانتخابي الذي طاله، حسب تعبيره، تزوير وتحريف إرادات الناخبين في سياق زمني معين.

لكن “إخراج بلاغ وزارة الداخلية الأخير من سياقه المحدد والمقصود”، رغم أن السياق هو الذي يعطي معنى للأشياء، والإمعان في استنباط مظاهر الشخصنة من باطن البلاغ رغم انتفائها في الظاهر والباطن، إنما يٌسقط محمد حفيظ في الشطط في الرأي والتعسف في التدوين.

فالشخصنة التي أسدلها محمد حفيظ على بلاغ وزارة الداخلية، مقتبسا مقولة لويس الرابع عشر أو ملك الشمس عندما قال “الدولة أنا وأنا الدولة”، إنما تنصرف إلى موجبات صدور البلاغ، وهي بيان الحزب المغربي الحر الذي تماهى حد الانصهار في ذات محمد زيان، هذا الأخير الذي انبرى ينشر بلسان حزبه وعلى موقعه الإلكتروني بيانات تصدح بالفردانية والشخصنة.

وحتى لا يتهم أحد منا محمد حفيظ بممارسة الانتقائية في التصريحات التي أسّس عليها انطباعات “المؤسسة الفرد”، فيكفي أن يراجع ملّيا نص البيان الذي نشره محمد زيان منسوبا لحزبه في 25 نونبر المنصرم، ليطلع هل المقصود بالاستهداف والهجوم الممنهج وحملات التبخيس هي “مؤسسات وطنية أمنية” كما كتبت صراحة وزارة الداخلية؟ أم أنها كانت تستهدف أشخاصا موظفين بإحدى هذه المؤسسات الأمنية كما ادعى محمد حفيظ ؟

وبالرجوع لبيان محمد زيان الذي يستوعب فيه جميع بنيات حزبه، نجده يقول بصريح القول ” من خلال المقاربة الموضوعية المعتمدة من قبل المكتب السياسي في تحليل هذه الإشكالية، اتضح أن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني لا تقوم بأي دور أمني بتاتا، مما يجعلنا نتساءل عن جدوى هذه المديرية ودورها الحقيقي في المنظومة الأمنية”؟ فهل من حق وزارة الداخلية أن تعقب على هذه المزاعم ذات الطابع المؤسسي؟ أم تكتفي بالانسياق مع تصريحات محمد حفيظ وتستنكف عن الرد، بدعوى أن الأمر لا يعدو أن يكون بيانات ذات طابع شخصي؟

أكثر من ذلك، لقد تجاسر محمد زيان وفرض إعادة هيكلة جديدة للمؤسسات الأمنية الوطنية، في خرق سافر للدستور وللقوانين الوطنية وفي عمل حزبي غير مسبوق، إذ سحب مسؤولية الإشراف على المكتب المركزي للأبحاث القضائية من المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، كما سحب منها أيضا جميع الصلاحيات والمسؤوليات التي تضطلع بها في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والمحافظة على التراب الوطني. فهل من حق وزارة الداخلية أن ترد على هذه المزاعم الوظيفية والمؤسساتية، أم أنه يفترض فيها أن تلوذ بالصمت حتى لا يتهمها محمد حفيظ بالتقعيد “للمؤسسة الشخص”؟

وإمعانا أيضا في الاستهداف المؤسسي، طالب محمد زيان وحزبه بحل المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بدعوى أنها “منعدمة الدور الفعلي”!! بل إنه قدم مقترحات قمينة، بحسب زعمه، بتنزيل هذه الاستيهامات فوق-منطقية عندما التمس توزيع موظفي هذه المديرية العامة على قطاعات أخرى، وكأننا في فصل دراسي غاب عنه المعلم، فتم الركون للحل السهل وهو توزيع التلاميذ الصغار على فصول دراسية أخرى من نفس المستوى.

إن بلاغ وزارة الداخلية الذي دافع عن الطابع الدستوري والصلاحيات القانونية للمؤسسات الأمنية، إنما استحضر في التعقيب والتصويب بيان الحزب المغربي الحر الذي يتصرف فيه محمد زيان كمشاعة شخصية، كما أن أنه استند في الرد والتوضيح على بيانات من يهاجمون المؤسسات بدافع انتقامي وخلفيات شخصية. وفي هذا الصدد، أكد مصدر مأذون، بأن وزارة الداخلية ومصالح الأمن تبقى غير مسؤولة عن زوايا المعالجة والقراءة التي ينطلق منها الأشخاص، بمن فيهم السيد محمد حفيظ، لتكوين قناعاتهم الشخصية، فهم أحرار في التعبير، لكن محاولات “تجزيئ وتبضيع قضايا الأمن العام” فهي تبقى مسائل عدمية ومشوبة بالتجريم، وتبقى المؤسسات العمومية هي الكفيلة بالرد عليها إعلاميا، والمؤهلة أيضا لسلك المساطر القضائية لمتابعة مرتكبيها، وذلك بعيدا عن الشخصنة أو الذاتية التي يفترضها البعض أو يتوهمها.

زر الذهاب إلى الأعلى