مصدر قضائي يفضح نواقص تقرير فريق العمل حول الاعتقال التعسفي حول بوعشرين
الدار/ عفراء علوي محمدي
عدّد مصدر قضائي رفيع المستوى، مطلع على تقرير فريق العمل حول الاعتقال التعسفي "GTDA" التابع للأمم المتحدة، بخصوص الصحافي توفيق بوعشرين، مدير شركة "ميديا 21" الإعلامية، الناشرة لجريدة أخبار اليوم وموقع اليوم 24، الذي أدين بـ12 سنة سجنا نافذا لاعتدائه جنسيا على مجموعة من النساء، أبرز الأخطاء القانونية التي تشوب التقرير.
وأكد المصدر ذاته، في تقرير توصل موقع "الدار" بنسخة منه، يرد فيه على ما أسماها بـ"البيانات المغلوطة حول ملف بوعشرين"، أن التقرير تشوبه مجموعة من النواقص والتناقضات، لا يروم توظيفها من طرف دفاع المتهم ومنابره الإعلامية سوى التأثير على السير العادي للمحاكمة.
وأكد القضائي أن رأي فريق العمل، لا يمكن قبوله بأي حال أو المصادقة عليه، والمملكة ليست ملزمة بالتعقيب عليه، وأكد انه تكلف بالرد عليه "احتراما لقرارات القضاء المغربي الذي تكلف بالملف ومنح جميع الضمانات الحقوقية الضرورية للمتهم"، على حد قوله.
تجاوز الاختصاص والتدخل في مهام القضاء
واعتبر المصدر أن إصدار رأي حول قضية لا تزال معروضة على القضاء، مهما كانت الجهة التي أصدرتها، هي عرقل لعملية التواصل بين السلطات المغربية وهذه الجهة، مبرزا أن التقرير يمس بالاحترام الواجب لجهاز قضاء تابع لدولة ذات سيادة، حيث يصدر أحكاما دون أن ينتظر الحكم الاستئنافي في الملف.
وأكد المصدر استحالة أن تتقدم السلطات القضائية بأدلة وحجج تفند ادعاءات دفاع بوعشرين، كما طالب بذلك فريق العمل، مادام الملف لا يزال رائجا أمام القضاء، انسجاما مع مقتضيات المسطرة الجنائية المعمول بها داخل المملكة.
"فريق العمل يدعي بأن كل الدعاوى تظل غير مبررة في حق بوعشرين"، ولذلك، يتساءل المسؤول القضائي عن حق الفريق في أن يقوم مقام المؤسسات القضائية المغربية ليحرم الضحايا من رفع مساطر قضائية للدفاع عن حقوقهن وبالتالي منح الحصانة القضائية لشخص يظل، شأنه كشأن أي مواطن مغربي، خاضعا للمساءلة القضائية ومسؤولا عن تصرفاته.
الطعن في استقلالية السلطة القضائية
وبذلك، اعتبر المصدر أن الفريق "لم يولِي أي اعتبار لمبدأ استقلالية السلطة القضائية المنصوص عليها في الدستور المغربي والقوانين المعمول بها داخل المملكة"، مطالبا الفريق بـ"احترام حدود اختصاصاته واحترام القانون"، ومعتبرا أنه يسعى إلى الحلول محل السلطة القضائية لدولة ذات سيادة، وتجاوز المهام المخولة له.
ونبه المسؤول القضائي إلى كون استقلالية القضاء تعد صورة رئيسية لمبدأ فصل السلط المعلن عنه من خلال الفصل 107 من الدستور المغربي الذي يؤكد على أن "السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية".، كما أن القاضي هو أيضا لا يمكنه الخضوع لأي سلطة من شأنها التأثير على استقلاليته أو حياده، مضيفا بكون الفصل 109 من الدستور المغربي جاء فيه "يعد لاغيا كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء، في مهامه القضائية لا يجب أن يكون القاضي موضعا لتلقي تعليمات أو تدخلات أو الخضوع لأي ضغوطات"، الشيء الذي يجعل القاضي في منأى عن الضغوطات أو تلقي أي أوامر من أي كان ولو حتى من قبل زملاءه.
وفي إطار مبدأ الاستقلالية دائما، فالقاضي، حسب المصدر "لا يمكن توقيفه ولا قهقرته ولا إعفاؤه، اللهم في حالة إتيانه خطأ فادحا يقره فقط المجلس الأعلى للسلطة القضائية في حين يمكنه، أي القاضي، أن يتعرض لعقوبات قاسية في حالة ثبوت عدم حياده بشكل واضح".
التحيز لبوعشرين وتغييب الأطراف المدنية
وأوضح المسؤول القضائي أن المقاربة التي اعتمدها فريق العمل، تمس بشكل صريح بالخطوات المعتمدة لإبداء رأيه، فهذا الأخير "تبنى المعلومات المقدمة من قبل دفاع بوعشرين، والتي تروم فقط إعطاء مصداقية للأطروحة التي تقول بأن المعني بالأمر "يتعرض لحملة تضييق ممنهج جراء نشاطه الصحفي"، مع تغييب كامل لرأي الأطراف الأخرى".
وأعرب المصدر عن استغرابه من الرأي الاستشاري للفريق، كونه يعبر عن ثقته في النظام القضائي للمملكة وقدرته على إنصاف ضحايا الصحفي بوعشرين، من جهة، بينما يرصد، في المقابل، أحكام قيمة، عارية من الصحة، استقاها من دفاع المتهم فقط.
ومن أبرز النقاط التي ظهر فيها انحياز الفريق بشكل مباشر لبوعشرين، إقرار التقرير بتعرض المتهم لتحرش قضائي، معتمدا على مساءلات قضائية سابقة في حق المعني بالأمر، على الرغم من أن الفريق "لا يملك العناصر الموضوعية التي تمكنه من تقييمها بالشكل المقبول ولا الخروج باستنتاجات غير تلك اللامقبولة المعلن عنها".
النقطة الثانية التي أشار إليها المسؤول القضائي، ما أثاره فريق العمل حول مسألة خرق حقوق بوعشرين في الحماية المنصوص عليه بموجب المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، "في حين أن نفس الفريق ينفي ولا يعترف بالحقوق ضحايا بوعشرين المنصوص عليها في مقتضيات المعاهدة المشار إليها وكذا جميع المعاهدات الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان"، على حد تعبير المسؤول القضائي.
نقطة أخرى أشار إليها المصدر القضائي، بخصوص مطالبة فريق العمل بإطلاق سراح بوعشرين، على الرغم من أن ملفه مازال رائجا أمام القضاء، كما يتمتع بكل حقوق الدفاع، الأمر الذي يؤكد بأن فريق العمل يوجد في موقف جهل بحيثيات الملف.
وأكد المصدر، أن بوعشرين متابع من خلال دعاوى موضوعة من قبل أشخاص ماديين، وهن ضحايا نساء وصحفيات ومستخدمات يعملن لصالحه، وهن اللواتي وضعن وبشكل تلقائي شكايات، وهذا، حسب المصدر "يدخل في باب حقهن المطلق في اللجوء إلى القضاء والمطالبة بإعمال القانون الذي يجرم الانتهاكات والتعسف الذي طالهن من قبل مشغلهن".