لقاء الحموشي و مساعد مستشار الأمن القومي الأمريكي..الرباط وواشنطن يتحالفان لمكافحة الإرهاب
الدار / خاص
شكل اللقاء الذي جمع زوال أمس الخميس، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي، وروبير غرينواي مساعد مستشار مجلس الأمن القومي الأمريكي المكلف بشؤون إفريقيا والشرق الأوسط، بحضور دافيد فيشر، سفير الولايات المتحدة الأمريكية المعتمد لدى الرباط، شكل فرصة لتعميق النظر في أوجه التعاون بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية في المجال الأمني والاستخباراتي.
لقاء في سياق الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء
اللقاء، الذي جرى بمقر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بالرباط، يأتي عقب القرار التاريخي لواشنطن القاضي بالاعتراف بالسيادة المغربية الكاملة على أقاليمه الجنوبية، مما يعطيه أهمية قصوى بالنظر أولا لسياق انعقاده، و للمواضيع التي تناولها اللقاء، من جهة أخرى.
وخلال هذا اللقاء، تطرق المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني مع مساعد مستشار الأمن القومي والسفير الأمريكي بالرباط، لمتانة ومستوى العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، التي تعود لأكثر من قرنين من الزمن عندما كانت المملكة المغربية والشعب المغربي أول بلد وأمة يعترفان باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية.
كما توقف الجانبان عند حصيلة وآفاق التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات الأمنية، والتي وصفها بأنها “نموذج يحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي” وبأنها” واعدة بمزيد من التوطيد والتطوير على النحو الذي يضمن تعزيز التعاون الأمني بين البلدين”.
وانصبت المحادثات الثنائية، أيضا على الوضعية الأمنية الراهنة في امتداداتها الجهوية والدولية، خصوصا التهديدات الإرهابية المتنامية في مناطق التوتر في الساحل وجنوب الصحراء، وتقاطعاتها العضوية مع مختلف صور الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، وتحديدا شبكات وكارتيلات الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية.
اشادة بالأجهزة الأمنية المغربية في مكافحة الإرهاب وطنيا ودوليا
وأشاد المسؤولان الأمني والدبلوماسي الأمريكيان بالدور الكبير الذي تنهض به مصالح الأمن المغربية في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة على المستويين الوطني والدولي، وبأهمية وقيمة المعلومات والخبرات التي تتقاسمها في هذا المجال مع مختلف الشركاء الدوليين. كما عبّرا أيضا عن التزام الولايات المتحدة الأمريكية بتطوير مستويات هذا التعاون، وتنويع أشكاله ومجالاته، بما يسمح بخلق جبهة أمنية مشتركة قادرة على حرمان الإرهابيين من كل ملاذ آمن أو من قواعد خلفية أو مصادر للتمويل والاستقطاب.
وشكل اللقاء مناسبة استعرض فيها الجانبان أيضا سبل وآليات تدعيم التعاون الأمني الثنائي في الصحراء المغربية، خصوصا في أعقاب القرار الأمريكي القاضي بالاعتراف الكامل بسيادة المغرب على مجموع أقاليمه بالمناطق الجنوبية للمملكة.
وفي ختام هذه المحادثات الثنائية، جدد الجانب الأمريكي مع المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني التأكيد مرة أخرى على “اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالدور التاريخي للمغرب والمغاربة إزاء الشعب الأمريكي”، كما التزما أيضا بتدعيم وتثمين أشكال التعاون الثنائي ليشمل مختلف المجالات الأمنية والشرطية بين البلدين.
فيشر:المغرب شريك استراتيجي في مكافحة الإرهاب
وقبل أيام من انعقاد هذا اللقاء الهام، قال السفير الأمريكي بالرباط، ديفيد فيشر في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، أن المملكة المغربية والولايات المتحدة يجمعهما تعاون “متين وطويل الأمد” في مجال مكافحة الإرهاب.
كلام لم يكن مجرد تصريح دبلوماسي رسمي أملاه لقاء صحفي في اطار الود والمجاملة، بل كلام موزون نابع من ايمان الولايات المتحدة الأمريكية العميق بالدور الذي يلعبه المغرب في مجال حماية مصالح أمنهما القومي، وهو ما دفعه للتأكيد خلال هذا الحوار الصحفي على أن ” المغرب يظل شريكا مهما بشأن سلسلة من القضايا الأمنية”.
وذهب السفير الأمريكي بالرباط أبعد من ذلك عندما أشار في ذات الحوار، الى أن ” خارطة طريق للتعاون في مجال الدفاع على امتداد السنوات العشر المقبلة، التي تم توقيعها تروم “توجيه” التعاون الثنائي في المجالات ذات الأولوية، بما في ذلك تعزيز الجهود التي يبذلها المغرب في مجال التحديث، وذلك بهدف “مواجهة التهديدات الإقليمية معا، وبطريقة أكثر فعالية”.
كما أبرز فيشر الاستراتيجية “الشاملة” التي وضعها المغرب لمكافحة الإرهاب، وهي الإستراتيجية التي تتضمن تدابير أمنية يقظة، وتعاونا إقليميا ودوليا وسياسات لمكافحة التطرف، مبرزا في هذا الصدد، أن الجهود “الناجحة” للمغرب في هذا المجال مكنت من تقليص المخاطر المرتبطة بالإرهاب”.
مقاربة المغرب في مكافحة الإرهاب متعددة الأبعاد
ولفهم مغزى تصريحات السفير الأمريكي المشيدة بالمغرب، لابد من الرجوع الى المقاربة المتعددة الأبعاد، التي جعلت اليوم، من التجربة المغربية في محاربة التطرف والإرهاب، محط اشادة مستمرة من الولايات المتحدة الأمريكية، دون غيرها من البلدان العربية الأخرى.
هذه التجربة المغربية تقوم على مقاربة متكاملة يمتزج فيها البعد الأمني الاستباقي، الذي تتبعه المملكة في التصدي للمخاطر الإرهابية بفضل اليقظة الدائمة والمقاربة الاستباقية والنوعية التي تنهجها مختلف المصالح الأمنية، بالبعد الديني، المتصل بإعادة هيكلة أسلوب اشتغال المؤسسات الدينية بالمغرب من أجل فعالية أكثر في إشاعة خطاب ديني معتدل ومتسامح ينهل من ثوابت المغربية الدينية والعقدية والروحية.
بالإضافة الى ذلك تقوم التجربة المغربية علاوة على المقاربة الأمنية الاسباقية، و الدينية، على مقاربة سوسيواقتصادية من خلال إطلاق جلالة الملك لعدد من المشاريع الاجتماعية التي تروم محاربة الفقر والهشاشة، وإشراك الشباب المغربي في صياغة السياسات العمومية، وإنشاء المشاريع المدرة للدخل، من منطلق أن الشباب، بحسب تقارير مراكز البحوث والرصد، هم الفئة الأكثر استقطابا و استهدافا من قبل التيارات المتطرفة.
هذه المقاربات الثلاث هي التي جعلت من التجربة المغربية محط اشادة دولية وأممية، ومصدر إلهام لعدد من البلدان العالمية، التي أصبحت تخاطب ود المملكة آملا في الظفر بتعاون ثنائي على الصعيد الأمني والاستخباراتي يقيها شر التهديدات الإرهابية.
—