مطالب لحزب “البيجيدي” بالفصل بين الدعوي والسياسي بعد توقيع العثماني على الاتفاق الثلاثي مع إسرائيل
الدار / خاص
هاجم عدد من “الفايسبوكيين” المغاربة حزب العدالة والتنمية بعد توقيع الأمين العام للحزب، ورئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، على الاتفاق الثلاثي المشترك بين المغرب وأمريكا وإسرائيل، أمس الثلاثاء، برحاب القصر الملكي بالرباط.
ورغم اشادة البعض بخطوة العثماني، التي وصفوها بـ”الشجاعة”، وبكونها نابعة من تصرفات “رجل الدولة”، اعتبر عدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي بالمغرب أن توقيع العثماني على هذا الاتفاق يدق آخر مسمار في نعش حزب العدالة والتنمية، الذي بنى أدبياته الحزبية و الدعوية على القضية الفلسطينية و معاداة إسرائيل.
ويرى “الفايسبكيون” المغاربة، وعدد من المواطنين، الذين استقى موقع “الدار” تصريحاتهم زوال اليوم، في ميكرو طروتوار، أن ” حزب العدالة والتنمية انتهى سياسيا، وتلقى الضربة القاضية، متسائلين كيف يعقل أن تخرج قياداة هذا الحزب، الذي خان أصوات المغاربة طيلة السنوات الماضية من تسيير للحكومة، في مسيرات شعبية، وفي مهرجانات خطابية لحشد الناس للمسيرات، ودغدغة عواطفهم بمعادة إسرائيل، وفي الأخير يقوم الأمين العام للحزب، سعد الدين العثماني، أمام عدسات كاميرا القنوات الوطنية والدولية بالتوقيع على هذا الاتفاق الثلاثي المشترك.
وطالب بعض المتتبعين حزب العدالة والتنمية بوضع حد فاصل بين النشاط الدعوي الديني القائم على الأدلجة، والعزف على وثر معاداة الآخر، وعلى المقدس، والعمل السياسي القائم على البراغماتية السياسية، والمصالح، حتى لا يجد الحزب نفسه مستقبلا في وضع حرج يضع أدبياته الحزبية، وخطاباته محل شك وتساؤل من قبل المواطنين، خصوصا وأن سعد الدين العثماني، خرج قبل أشهر، ليؤكد في لقاء حزبي رفض الحزب لتطبيع الإمارات لعلاقاتها مع اسرائيل، مشددا على أن “كل التنازلات التي تتم في هذا المجال هي مرفوضة من طرف المغرب”، قبل أن يجد نفسه وهو يوقع بخط يده على اتفاق تاريخي له دلالات قوية في العلاقات بين المغرب وإسرائيل، بغض النظر عن تشويش بعض التيارات الدعوية على هذه الخطوة السيادية للمملكة المغربية.
بنى حزب العدالة والتنمية، وذراعه الدعوي، “حركة التوحيد والإصلاح”، خطابه السياسي والحزبي، على رفض “التطبيع مع الكيان الصهيوني”، حيث كان يعتبر أن الاقدام على ذلك يعتبر “خيانة وطعنة في ظهر الشعب الفلسطيني المقاوم وخذلانا للإجماع العربي في موقفه الموحد ضد الاحتلال الصهيوني”، غير أن توقيع العثماني على الاتفاق الثلاثي المشترك لأمس الثلاثاء، يؤكد بأن المنظومة الدعوية و الأخلاقية للحزب انهارت كليا، ولم يتبقى له من رصيد سياسي و أخلاقي يخاطب بها الحزب عامة الشعب، الذين فطن أغلبهم الى أن مواقف الحزب حربائية و ازدواجية، وأنها لا تستقيم على حال، مطالبين قياداته بالتحلي بالوضوح التام تجاه المواطنين.
غير أن الجانب المضيء في تجربة الحزب في تدبير الشأن العام، بحسب عدد من المتتبعين لشأنه الداخلي، هو قدرة التجربة المغربية على ادماج الإسلاميين في منظومة الدولة، والمؤسسات، ودفعهم الى تغيير أو على الأقل تعديل عدد من أدبياتهم وقناعاتهم الأيديولوجية لتنسجم مع متطلبات العمل السياسي والدبلوماسي للبلاد، التي تزن الأمور بمقاصدها السياسية، وبمكاسبها الدبلوماسية بعيدا عن الخطاب الديني الدعوي الجامد، الذي لا يراعي السياق و مقتضيات العلاقات الاستراتيجية بين البلدان المؤسسة على المكاسب السياسية، عوض الخطابات والشعارات المؤسسة على معاداة الآخر، وشيطنته، عوض ربط أواصر العلاقات معه في عالم تحكمه مقاربة “رابح-رابح” بعيدا عن “الشوفنية السياسية”.
إعادة استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، أوقعت اذن حزب العدالة والتنمية في مفترق الدعوة والسياسة، و ستحتم عليه حتما ضرورة الفصل بينهما مستقبلا، ورسم أدبيات جديدة لمستقبل الحزب حتى ينفلت من هذه الأزمة الداخلية، التي تضع خطابه محل تساؤل سواء من طرف قياداته، أو من طرف الناخبين، الذين منحوا أصواتهم لحزب بنى خطابه على المقدس في مجال المدنس، وهو السياسة.