هكذا حاول إبن كيران استغلال “توقيع العثماني على الاتفاق مع إسرائيل” للظهور بمظهر رجل دولة
الدار / خاص
رغم حرصه على دعوة أعضاء حزبه إلى دعم سعد الدين العثماني عقب تعرضه لهجوم بسبب توقيعه على اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، لازال موقف عبد الإله ابن كيران من العثماني، يشويه الكثير من الضبابية و الغموض، تجلى في تأكيده خلال خرجته الأخيرة على أن ما يجمعه بالأمين العام للحزب، ورئيس الحكومة هو “الصواب” فقط.
المتتبعون لخطابات إبن كيران التواصلية، يؤكدون أنها تكون حبلى بالاشارات و الرسائل المضمرة. فالرجل الذي عزل من رئاسة الحكومة بعد فشله في تشكيلها، لازال يحاول استغلال الأحداث و التطورات المختلفة ليظهر بمظهر “رجل دولة” الذي بإمكانه أن يعيد حزبه إلى جادة الصواب، و أن ينقذه من الإنحراف عن السكة، وهو ما حاول إظهاره في كلمته الأخيرة عندما شدد على أن الرجل الثاني في الدولة (رئيس الحكومة) لايجب أن يخالف الرجل الأول (الملك)، وكذا رفضه لإقالة العثماني من الأمانة العامة للحزب، و الخروج من التجربة الحكومية الحالية، كما طالبت بذلك بعد الأصوات النشاز في الحزب، التي هاجمت قرار الملك محمد السادس بإعادة استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
عبد الإله ابن كيران، الذي يرفض “التقاعد السياسي”، حاول خلال خرجته الأخيرة أن يظهر عدم رضاه عن ما آل إليه الحزب منذ مغادرته رئاسة الحكومة، وبعد ذلك الأمانة العامة للحزب، رغم أن يعرف أكثر من غيره أن تدبير الشأن العام له إكراهاته.
واستحضر إبن كيران الخرجة التي قام بها ضد مشروع القانون الإطار للتربية و التكوين و البحث العلمي، الذي ذكر بأنه لازال يعتبره قانونا ل”فرنسة التعليم”، متحدثا عن اختياره الصمت وعدم الخوض في العديد من القضايا، معتبرا ذلك “سكوت من يرى ما لايسره”، وكل ذلك محاولة من الرجل لتصدر المشهد مجددا، وإظهار نفسه كمنقذ للحزب من الانهيار و الانقسام.
وما يزكي هذا الأمر، بحسب عدد من المتتبعين لمسار الرجل ما بعد مغادرة سفينة الحكومة، هو حديثه عن رغبته في مغادرة الحزب، قبل أن يستطرد مؤكدا أن “ما يمنعه هو رغبته في أن لا يفهم الأمر على أنه تخلى عن الحزب في أوقات حرجة يمر منها”، رغم أن قيادات حزب العدالة والتنمية قالت كلمتها، واختارت سعد الدين العثماني لقيادة الحزب بعد المؤتمر الاستثنائي، الذي تلا تعيينه رئيسا للحكومة في سنة 2017.
كما حاول عبد الإله ابن كيران أن يبعث برسائل مشفرة إلى من يهمهم الأمر، مفادها أنه قادر على ضبط الإيقاع داخل حزب العدالة والتنمية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بقضايا إستراتيجية تهم الدولة المغربية، وأن يظهر حزبه كما لو أنه حزب أغلبي يستطيع التأثير في القرارات السيادية للبلاد، وأن ينقذ الدولة في أحلك الظروف.
هذا الخطاب ظل ابن كيران يردده منذ سنوات في مناسبات كثيرة، عندما صرح بأنه أنقذ المغرب من مالات الربيع العربي، ومما وقع في بلدان عربية أخرى، وهو خطاب مردود عليه لأن حكمة و تبصر جلالة الملك، وتفاعله المستمر مع هموم وقضايا شعبه هي التي مكنت المغرب من التوقيع على استثناء مغربي في منطقة عربية تعيش على محك الشك وعدم اليقين.