فيشر بالدراعية الصحراوية ينهي أحلام الجزائريين من الداخلة
الدار /افتتاحية
خطاب السفير الأمريكي اليوم بالداخلة وظهوره باللباس الصحراوي وحماسه الظاهر خلال ندوته الصحافية لتنزيل المرسوم الرئاسي الأمريكي أكبر وأبلغ رد على الدعايات الجزائرية التي تتنبأ بنهاية الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء بمجرد انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتنصيب خليفته جو بايدن. والزيارة التي قام بها اليوم إلى مقر القنصلية الأمريكية بالداخلة رفقة مساعد كاتب الدولة الأمريكي المكلف بقضايا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ديفيد شينكر، تفعيل رسمي للمرسوم الأمريكي التاريخي الذي أنهى عقودا طويلة من تردد واشنطن في حسم نزاع مفتعل من تركة الحرب الباردة.
لقد ظهرت الرسائل البليغة الموجهة للجزائر من خلال ذلك الخطاب الذي ألقاه السفير الأمريكي بعفويته المعهودة وهو يلح ويصر على الحديث عن “الأقاليم الجنوبية”، معتبرا أن هذه التسمية هي الأدق والأصح بالنسبة لوصف الصحراء المغربية، في إشارة واضحة إلى نهاية اصطلاح الصحراء الغربية، الذي كان في الأصل تعريفا جغرافيا، ثم حمّلته الجزائر وأزلامها من البوليساريو حمولة سياسوية استغلتها لعقود من أجل معاكسة الوحدة الترابية للمغرب، وعرقلة بناء اتحاد المغرب العربي الذي تتطلع إليه شعوب المنطقة.
ولم يكن ما أرسله اليوم ديفيد فيشر من رسائل محددة وهادفة، إلا استكمالا لما بعثه رفيقه ديفيد شينكر الذي صدم الجزائريين قبل يومين عندما زارهم ليؤكد لهم في عقر دارهم، أن مستقبل الصحراء لن يكون إلا في إطار مقترح الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب، مؤكدا في الوقت ذاته أن الولايات المتحدة اتخذت قرار الاعتراف بمغربية الصحراء للمساهمة في حل هذا النزاع بشكل نهائي ودائم وعادل. ولم يكد الجزائريون يستفيقون من صدمة هذه التصريحات، حتى انطلقت عملية التنزيل الرسمي للمرسوم الرئاسي الأمريكي بشكل لن يتيح مستقبلا الفرصة لأي من لوبيات الجزائر في واشنطن من أجل اللعب على وتر إلغائه أو تعديله، كما يحلمون بذلك.
فزيارة مقر القنصلية وترسيم الخريطة الكاملة للتراب المغربي ثم الشروع في فتح الملفات الاقتصادية والاستثمارية التي سيساهم فيها فاعلون ومستثمرون أمريكيون كلها إجراءات تم الاتفاق عليها سلفا، وعلى أجندتها من أجل التسريع من وتيرة آثار القرار الأمريكي وتحويله إلى واقع ملموس وميداني. وهذا ما يفسر ظهور السفير ديفيد فيشر بمظهر المتحمس والسعيد جدا لكونه أول سفير أمريكي يزور مدينة الداخلة بقلب الأقاليم الصحراوية المغربية. ولهذا لم يتردد فيشر في التصريح أمام الصحافيين بأنه سيشتري منزلا بمدينة الداخلة بكثرة ما أعجب بها في إشارة واضحة إلى أن المرسوم الأمريكي المعترف بمغربية الصحراء صدر ليبقى ويستمر، وليس مجرد صفقة سياسية عابرة ستنتهي بنهاية موقّعه.
وفي سياق دحض دعايات الصفقة التي تم ترويجها بربط القرار الأمريكي باستئناف المغرب علاقاته مع إسرائيل، لم ينس ديفيد فيشر أن يبلغ إشارة لا تقل أهمية عندما أكد أن الإعلان عن قرار الولايات المتحدة باعترافها بسيادة المغرب على الصحراء جاء نتيجة لسنوات من العمل والتعاون بين البلدين، كما أن جميع الإدارات الأمريكية دعمت مقترح الحكم الذاتي منذ إدارة أوباما، وذلك لتعزيز فعاليات المجتمع المدني وتحفيز الشباب على خلق المشاريع ومواكبة مشاريعهم والإستثمار في عدد من المبارات التنموية. هذا الموقف يعتبر في حد ذاته سندا قويا للمرسوم الأمريكي الذي لا يمكن اعتباره نزوة من نزوات ترامب العابرة، التي سيراجعها بايدن، لأن الأمر يتعلق بمفاوضات استمرت لسنوات بين المغرب وواشنطن لتدشن مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين قوامها التعاون والاعتراف المتبادل والتوجه نحو المستقبل.