أخبار الدارسلايدر

الراضي الأب.. جينات منحرفة تتحدث عن فصيلات هجينة

لم يماري أي شخص أو جهة إدريس الراضي عندما كان يناجي ابنه في عالمه الافتراضي برسائله اليومية على منصات التواصل الاجتماعي، ولم يحاججه أحد في مشروعية الاصطفاف إلى جانب نجله المعتقل. فكما يقال: الأب والمحامي هما من يصدقانك ولو كنت كاذبا أو مذنبا.

لكن أن يصطنع الوالد لنجله ونفسه جينات خالصة وبصمات وراثية صافية في موقع الفايسبوك، بينما يسدل على الآخرين “عينات هجينة” من جزيئات الحمض النووي، لا لشيء سوى لأنهم لم يشرعنوا الخيانة المنسوبة للابن، ولم يسوغوا اغتصاب الزميلة الصحفية في “وكر الجواسيس” بالمدينة الخضراء، ولم تأخذهم العزة بأوزار الابن المشتبه فيه بالاغتصاب، ولم يضمّوا أسماءهم رياءً ومحاباة للموضة الجديدة لبيانات التضامن الإلكترونية، أو لأنهم ناصروا فقط الضحية من منظور الانتصار لمقاربة النوع، وعبروا عن رأي وفكرة ومواقف تقطع مع الإفلات من العقاب.. فهذا يتجاوز تأكيدا حدود “الدفاع المشروع للأب عن ابنه”، ويدخل توكيدا في خانة “شرعنة اقتراف الجرائم”، أو كما يتجسم ذلك في القانون والأخلاق ” بإعطاء القدوة السيئة للأبناء”.
وإذا كان من حق كل والد أن يحفّ أنجاله وكريماته بحب لا مشروط، لأن ذلك رهين بجينات وراثية لا تخضع لمعايير القياس البيولوجي، فما ليس من حق هذا الوالد هو أن ينخرط في شرعنة شبهات الاغتصاب وإرساء ضروب جديدة من “الخيانة الحلال”، بل وأن يتمادى في تخوين معشر الصحفيين والإعلاميين والمحامين الذين لم ينضموا لكورال المطبلين لنجله المتابع من طرف القضاء، وآثروا في المقابل أن ينتصروا للصحفية حفصة بوطاهر التي كانت ضحية لاغتصاب جنسي من قبل الولد وآخر رمزي من طرف الوالد.

والمؤسف، أن يعتبر سليل “الجينات الصافية المزعومة” سلطة الادعاء، التي أسدل عليها الفقه القانوني وصف الخصم الشريف، وكل من يتماهى معها من الصحفيين والمدونين والمحامين، (يعتبرهم) فصيلات مهجنة تم تركيبها في مختبرات الدولة السرية، في تحليل نرجسي موغل في التطرف، يتوسم في الجميع خصوما ومناوئين لابنه، بيد أن الخصم الفعلي والحقيقي هي تلكم الأنانية المفرطة التي تجعل الوالد ينتصر لخطيئة نجله، ويشجعه على الإمعان فيها، وكأنه يحاول أن يجتر من خلاله رواسب “أدب السجون في الثقافة الشيوعية البائدة”.

ولعلّ من غرائب تدوينة صاحب الفصيلة غير الهجينة، أنه ربط بشكل هجين بين قانون الإرهاب (1) وتراجع دور الدفاع والجمعيات الحقوقية (2) والحجر على استقلالية القضاء (3) واعتقال ومتابعة بعض المحامين (4)، في سياق حديثه عن التضامن مع ابنه المتابع بشبهة الاغتصاب والمس بأمن الدولة الداخلي. فمن الهجين إذن؟ هل من يناصر ضحايا الاغتصاب وينافح من أجل توقيع العقاب على المغتصبين؟ أم من يفهم المقتضيات الموضوعية والإجراءات الشكلية التي جاء بها قانون الإرهاب من منظوره الشخصي الغارق في الذاتية والاستهجان.

زر الذهاب إلى الأعلى