أخبار الدارسلايدر

حزب الحمامة يكرس معيار “الخدمة” لاستقطاب الكفاءات

الدار / افتتاحية

“اللي بغا يترشح بلا ما يخدم، بلاصتو ماشي فالأحرار” هكذا لخص عزيز أخنوش في أشغال المجلس الوطني خلاصة التجربة السياسية والحكومية لحزب التجمع الوطني للأحرار. إنها صياغة جديدة لقاعدة العمل داخل حزب الحمامة الذي يحضر بدأب ونشاط كبيرين للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، التي تحمل وراءها رهانات كبيرة، ويعول عليها المغرب لرفع العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية. وقد أظهر التقرير السياسي الذي تم تقديمه أمام المشاركين في الدورة العادية للمجلس الوطني للحزب يوم السبت بعضا من ملامح هذه القاعدة الجديدة التي يعتبر تجويد الأداء وتحسين الإنتاجية عنوانها الرئيسي.

وليست هذه القاعدة بغريبة على حزب تهيمن فيه عقلية التدبير والإدارة الناجعة، بحكم نخبه الاقتصادية الوازنة، التي تراهن على معنى جديد للممارسة السياسية خارج دائرة الممارسة الحزبية الإيديولوجية التقليدية التي تركز على الصراعات والتنازع على المواقع واقتسام الامتيازات والحقائب. وقد ظهرت عقلية الأداء والإنتاج بجلاء في الحصيلة التي تم استعراضها لوزراء حزب التجمع الوطني للأحرار، بمبادراتهم ومشاريعهم القائمة على إعادة الثقة للمواطن في الفعل والفاعل السياسيين. إنها حصيلة ملموسة في قطاعات منتجة تقود اليوم قطار التنمية بالمغرب، بدء بقطاع الفلاحة مرورا بالصناعة وصولا إلى السياحة.

ومن المؤكد أن الربط بين “الترشيح” و”الخدمة” كما ورد في كلمة عزيز أخنوش إشارة واضحة إلى أن الحزب مقبل في إطار التحضير للانتخابات المقبلة على تشديد معايير تزكية المرشحين أكثر من أي وقت مضى، للحرص على إفراز منتخبين مؤهلين للعمل الميداني ولتنزيل برامج ومقترحات الحزب، والانخراط في الدينامية الوطنية للتنمية خصوصا في أفق تفعيل النموذج التنموي الجديد. وسيُقبل الحزب على هذه المرحلة مطمئنا إلى هذا الإرث الإيجابي جدا الذي حققه أطره ووزراءه خلال جائحة فيروس كورونا وهم يدبرون قطاعات حساسة جدا بقدر كبير من النجاعة والفعالية. وزراء من أمثال محمد بنشعبون ومولاي حفيظ العلمي عبروا هذه الأزمة الصحية الحساسة بنتائج ومنجزات مهمة لم يكن أقلها ضمان التوازنات المالية للبلاد على الرغم من التراجع الكبير المسجل على مستوى النمو والموارد.

هذه إذا هي عملة حزب الحمامة التي أصبحت ماركة مسجلة له. وستبوئه في الاستحقاقات المقبلة مرتبة متقدمة لا محالة، في ظل هذه الاستراتيجية المحكمة التي ينهجها الحزب. حملة تواصلية غير مسبوقة جابت 100 مدينة مغربية لاستقصاء الآراء وتحري الاحتياجات ورصد الانتظارات، واستقطاب ذكي للعديد من النخب في مختلف المجالات بشكل يغني رصيد الحزب من الموارد البشرية المؤهلة لتولي المسؤوليات في الحكومة المقبلة. يكفي إلقاء نظرة على السير الذاتية لأعضاء المكتب السياسي للحزب، ليدرك المرء أن الأمر يتعلق بحزب يريد فعلا أن يفرض هذه الثقافة الجديدة في المشهد الحزبي، بالرهان على الكفاءات الحقيقية القادرة على إعادة الاعتبار للعمل السياسي، في ظل هذا التراجع الملحوظ في منسوب الثقة في السياسيين وفي المؤسسات.

ويتأكد هذا الرهان أيضا من خلال إطلاق الحزب لأكاديمية التجمع الوطني للأحرار لتكوين منتخبي المستقبل. هذا المشروع أكبر دليل على أن الاحترافية التي يسير الحزب في اتجاه تكريسها، تسعى نحو إحداث قطيعة حقيقية مع مرحلة كان فيها الترشح والعمل من داخل المؤسسات حكرا فقط على الأعيان أو “أصحاب الشكارة” القادرين على تمويل حملاتهم الانتخابية والمساهمة في تمويل الحزب. لقد فطِن التجمعيون إلى أن المغرب مقبل على مرحلة سياسية جديدة ينبغي التكيف معها من خلال جيل جديد من النخب المؤهلة التي تمتلك الإرادة الفعلية لـ”الخدمة” قبل الطموح السياسي الانتخابي من أجل انتزاع مقعد في هذا البرلمان أو في ذلك المجلس البلدي. حزب التجمع الوطني للأحرار لم يعد يريد أرقاما في حصيلته الانتخابية بقدر ما أضحى راغبا في استقطاب كفاءات نوعية تمثل الإضافة الحقيقية المنشودة.

زر الذهاب إلى الأعلى