ليبيا: رئيس الوزراء المنتخب عبد الحميد دبيبة يتعهد بإعادة إعمار البلاد والعمل مع جميع الأطراف
تعهد السبت رئيس الوزراء الليبي للفترة الانتقالية عبد الحميد محمد دبيبة، في أول خطاب متلفز له غداة انتخاب السلطة التنفيذية المؤقتة والموحدة، بإعادة إعمار البلاد مبديا استعداده للعمل مع الجميع حتى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 24 ديسمبر من العام الجاري. وبتشكيل السلطة التنفيذية المؤقتة والموحدة تكون ليبيا قد طوت صفحة مرحلة انتقالية بدأت باتفاق الصخيرات في المغرب عام 2015 برعاية الأمم المتحدة.
في خطاب متلفز له السبت، تعهّد رئيس الوزراء الليبي الجديد للفترة الانتقالية الموحدة عبد الحميد محمد دبيبة إعادة إعمار البلاد الغارقة في الفوضى والانقسام، مؤكدا استعداده “للاستماع للجميع والعمل مع الجميع باختلاف أفكارهم ومكوناتهم وأطيافهم ومناطقهم”. ودعا دبيبة الليبيين “للالتفاف حول هذه الحكومة” من أجل “إعادة بناء” البلاد.
وانتخب المهندس عبد الحميد محمد دبيبة (61 عاما) الجمعة رئيسا للوزراء للفترة الانتقالية في ليبيا، وذلك من جانب المشاركين في الحوار الذي أطلق في نوفمبر بين الأفرقاء الليبيين في سويسرا برعاية الأمم المتحدة.
وسيحاول مع ثلاثة قادة جدد من المناطق الثلاث في ليبيا إعادة توحيد مؤسسات بلد يعاني انقسامات مع وجود سلطتين متنافستين في غرب البلاد وشرقها. واعتبر دبيبة أن فوز قائمته “تجاوز انتصار قائمة بذاتها لما هو أكبر من ذلك إذ يمثل رمزية انتصار الوحدة الوطنية ولم الشتات وبناء السلام وتحقيق الديمقراطية المنشودة”. وحصدت قائمة عبد الحميد دبيبة 39 صوتا من أصل 73.
ودخلت ليبيا السبت مرحلة انتقالية جديدة غداة انتخاب سلطة تنفيذية مؤقتة وموحدة يتعين عليها تشكيل حكومة والتحضير للانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر لإنهاء عقد من الفوضى.
ففي الغرب، حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج التي تتّخذ طرابلس مقرّا وتعترف بها الأمم المتحدة وتدعمها تركيا، وسلطة يجسدّها المشير خليفة حفتر في شرق البلاد مدعومة من روسيا والإمارات خصوصا. وهنّأت القوات الموالية للمشير خليفة حفتر الليبيين السبت بالنتائج المنبثقة من الحوار. وتم الترحيب بهذه الانتخابات في كافة أنحاء العالم.
في نيويورك، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس “أعتقد أن ذلك يمثل اختراقا”، مضيفا أنها “أخبار جيدة جدا في بحثنا عن السلام” بعد اتفاق لوقف إطلاق النار. وانضمت حكومات ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا إلى الولايات المتحدة في الترحيب بالحكومة الانتقالية الليبية الجديدة، لكنها مع ذلك حذرت بأن الطريق “لا يزال طويلا”.
وسيكون أمام هذا المهندس المتحدر من مصراتة 21 يوما كحد أقصى لتشكيل حكومته. وبعد ذلك سيكون أمامه مدة مماثلة لنيل ثقة البرلمان، أي بحلول 19 مارس على أبعد تقدير. وبهذه الانتخابات، تطوى صفحة مرحلة انتقالية بدأت مع اتفاق الصخيرات في المغرب عام 2015 برعاية الأمم المتحدة، والذي أفضى إلى تشكيل حكومة الوفاق الوطني (مقرها طرابلس) برئاسة فايز السراج. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
مثير للجدل
ورئيس الوزراء الجديد بعيد كل البعد عن الإجماع خصوصا أنه شغل مناصب مهمة في ظل نظام معمر القذافي الذي سقط عام 2011 بعد 42 عاما في السلطة. وهو كان ينتمي إلى دائرة الأشخاص الموثوق بهم لدى القذافي.
كذلك، كان قريبه علي دبيبة، وهو أيضا رجل أعمال، رهن تحقيقات في ليبيا وأماكن أخرى بتهم الاختلاس. وهو كان مشاركاً في المنتدى الذي اختار السلطة التنفيذية الجديدة الجمعة. وبعد عشر سنوات من الانتفاضة الشعبية، ما زالت ليبيا غارقة في أزمة سياسية كبرى.
وبالنسبة إلى الحكومة الجديدة، فإن التحدي كبير بعد أكثر من أربعين عاما من حكم سلطة لا منافس لها وأفسح سقوطها المجال أمام العنف والصراعات على السلطة والتدخل الأجنبي.
وبعد إخفاق هجوم شنّته قوّات حفتر في أبريل 2019 للسيطرة على طرابلس، توصّل طرفا النزاع إلى اتّفاق على هدنة دائمة في أكتوبر الماضي واستأنفا الحوار السياسي، ما ساهم في انتعاش إنتاج النفط، القطاع رئيسي للاقتصاد.
وقال عادل الككلي وهو مواطن ليبي يبلغ 43 عاماً، في وسط طرابلس، “في البداية، الشارع لم يكن متفائلاً جداً ولم يكن يعير اهتماماً لما سيحدث (في الحوار). لكن ما حصل أمس (أنتج) فرحة عامرة لأننا شعرنا بأن هناك بوادر لقيام دولة”. إلا أنه اعتبر أن المهلة لإجراء انتخابات رئاسية في ديسمبر قصيرة جداً.
واتّفق لؤي خزام البالغ 37 عاما مع عادل في الرأي، فقال “لا أعتقد أن الانتخابات ستُجرى في 24 ديسمبر” رغم أنه رأى أن هناك “أملاً بالتغيير”.
من جهته، رأى الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية فولفرام لاخر “سيكون لديها القليل من القوة على الأرض. ستجد صعوبة كبيرة في ممارسة أي نفوذ في شرق ليبيا، وحتى في غربها، وستواجه معارضة قوية. ليس في قدرة سلطة تنفيذية توحيد ليبيا”.
ولم يكن متوقعا فوز قائمة دبيبة أمام القائمة التي تشمل وزير الداخلية القوي في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا ورئيس البرلمان عقيلة صالح. وأوضح لاخر “الطريقة التي شكلت من خلالها هذه الحكومة تعني أن الأشخاص الأربعة المنتخبين (الجمعة) ليس لديهم في الحقيقة مصلحة مشتركة أو مصلحة سياسية مشتركة إلا الوصول إلى السلطة والبقاء فيها”.
بالنسبة إلى طارق مقريزي المحلل السياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، فقد “أنتجت عملية الأمم المتحدة سلطة جديدة لم يكن يتوقعها أحد بصراحة”. وتابع “يمكن قراءة هذا التصويت على أنه تصويت ضد المرشحين المفضلين”.
ويشكو الليبيون بقاء النخب السياسية على حالها في البلاد وسط استشراء الفساد وشح السيولة والوقود والكهرباء.
المصدر: الدار- أف ب