هكذا كشف الحراك الشعبي بالجزائر زيف شعارات ومواقف الأحزاب الإخوانية
الدار / خاص
بانهيار نظام الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، سقطت الأقنعة عن جماعة الإخوان في الجزائر، رغم زعمهم معارضة نظامه في العقدين الماضيين.
ويرى مراقبون أن أركان النظام الجزائري السابق، لم يكن الخاسر الوحيد من استقالة الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة، بل أظهرت الأحداث المتتالية منذ تفجر “أزمة الترشح للولاية الخامسة” وما بعدها، بأن صدمة “رحيل بوتفليقة عن الحكم” زلزلت وكر جماعة الإخوان، رغم زعمهم معارضة نظامه في العقدين الماضيين.
كما تنبه الجزائريون الى أن الإخوان لم يكونوا إلا “تيارات طفيلية تتغذى من شجرة نظام بوتفليقة والدولة العميقة”، اذ أحدثت استقالة بوتفليقة “القسرية” جزعاً وارتباكاً مفضوحاً لدى الإخوان، ترجمته مواقفهم المتناقضة والمهرولة من التآمر والتشكيك و”الركوب” تارة والتملق والخنوع تارة أخرى خلال الفترة الماضية، بشكل كشف زيف ادعاءاتهم بأنهم “القوة الضاربة” في المشهد السياسي بعدما أيقظهم الحراك الشعبي، وحزْم الجيش من تلك الأوهام، وأعادهم إلى حجمهم الطبيعي “المنبوذ شعبيا”
التواطؤ و الاصطفافات المصلحية
أسوة بالتيارات والأحزاب المنتمية لجماعة الإخوان المسلمين، التي اعتادت “الاصطياد في المياه العكرة”، شرع الإخواني عبدالرزاق مقري رئيس ما يعرف بـ”حركة مجتمع السلم” الإخوانية في محاولة التموقع والاستفادة من احتمال ترشح بوتفليقة لولاية خامسة.
وتفجرت في يناير 2019، وقبيل إعلان الترشح رسميا بـ”شهرين كاملين”، فضيحة لقاءات سرية عقدها الإخواني مقري مع السعيد بوتفليقة شقيق ومستشار الرئيس السابق لـ”التفاوض” على المرحلة وما ستجنيه الحركة الإخوانية من مكاسب سياسية.
وروّج الإخواني لما أسماها “مبادرة التوافق الوطني” التي دعت إلى التمديد لبوتفليقة لعام أو عامين آخرين وعدم إجراء الانتخابات الرئاسية، مُغلقة بغطاء “تكريس إصلاحات سياسية خلال تلك الفترة”.
تآمر الأحزاب الاخوانية
ابان تلك المرحلة الحساسة التي مرت بها الجزائر، ظهر تسابق وتنافس بين التيارات الإخوانية على “من يتآمر ويتواطأ أكثر للتموقع أكثر”، وهو ما تكرر مع الإخواني عبدالله جاب الله رئيس ما يعرف بـ”جبهة العدالة والتنمية” الإخوانية.
بنهاية شهر الماضي، فضح نشطاء في الحراك الشعبي الإخواني جاب الله، وكشفوا علاقته بـ”الدولة العميقة” بعدما تحول إلى “ناطق رسمي باسمها” من خلال دعوته إلى مرحلة انتقالية تقودها هيئة رئاسية، جمع لها أحزابا معارضة لتُزكيها، والتي عدها الجيش الجزائري “مؤامرة تهدف إلى إعادة سيناريو التسعينيات”.
كما تسربت معلومات أكدت أن الفريق المتقاعد محمد مدين رئيس جهاز المخابرات الأسبق هو من أرسل “نص المبادرة بحذافيرها” إلى الإخواني جاب الله، ودعاه إلى التسويق والترويج لها، وإقناع بقية أقطاب المعارضة لها.
تزايد أعداد الجزائريين في الشوارع الرافضين لبقاء نظام بوتفليقة، لم يجد معه إخوان الجزائر “حرجاً” في الانتقال بسرعة البرق إلى “دعم الحراك الشعبي” ومحاولة تسلقه والركوب على مطالبه بعد “استشعرت السقوط الوشيك لنظام بوتفليقة”.
وسعت التيارات الإخوانية إلى “التأهب لاختطاف الدولة ومصادرة ثمرة الديمقراطية من خلال زعمهم تبني مطالب المتظاهرين الرافضة للولاية الخامسة”.
رد فعل ملايين الجزائريين على تحرك التيارات الإخوانية المشبوه كان سريعاً وصادماً لجماعة الإخوان، بعد أن تعرضت قيادات إخوانية لمواقف محرجة وغير مسبوقة في الحراك الشعبي، أفشلت مساعيهم لركوب الحراك واختطاف ثمار نجاحه.
وقام المتظاهرون بطرد الإخواني جاب الله من مظاهرة في العاصمة على وقع هتافات “جاب الله ارحل”، كما طارد متظاهرون جزائريون في فرنسا الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم الإخواني أبوجرة سلطاني وتعرض للضرب والإهانة واتهموه بأنه “واحد من رموز نظام بوتفليقة”.
كما حاولت قيادات حركة مجتمع السلم الإخوانية إيهام الرأي العام بمشاركتها في المظاهرات، ونشرت صوراً لذلك، سرعان ما فضحها رواد مواقع التواصل الاجتماعي والتي لم تكن إلا تجمعاً أمام مقر الحركة في العاصمة وبعيداً عن المظاهرات الحقيقية، كما حمل المتظاهرون لافتات بها صور شخصيات سياسية “مطالَبة بالرحيل مع بوتفليقة” بينها قيادات إخوانية من حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية.
رد فعل من قبل الجزائريين
مع بداية الأزمة السياسية، حاولت التيارات الإخوانية “توريط الجيش” الجزائري من خلالها تكثيف دعواتها لتدخله، ثم سرعان ما انقلبت بمواقف عدائية بعد أن أعلن قائد الجيش الراحل الفريق أحمد قايد صالح مرافقة مطالب الحراك وحماية المظاهرات، والحرب على الفساد فيما اصطلح عليه “منجل اقتلاع الفساد والعمالة”.
استشعرت التيارات الإخوانية جدية وحزم المؤسسة العسكرية بعد أن رأت أركان نظام بوتفليقة يُنقلون الواحد تلو الآخر إلى المحاكم والسجون أمام أنظار العالم بتهم فساد، وهو ما نقل الرعب إلى وكرهم، بعد أن تكشفت فضائح علاقتهم المشبوهة للتمديد لبوتفليقة وخرجت ملفات التمويل الخارجي.
سارعت التيارات الإخوانية إلى تغيير مواقفها من دور الجيش خلال الأزمة بشكل مفضوح، وأعلنوا “دعمهم المزعوم للدور الذي يقوم به” في حماية البلاد والشعب، وكثفوا في الوقت ذاته عبر الإعلام المحلي من تبرير فضائحهم، وتلوينها بألوان “الوطنية والحرص على الوقوف مع خيار الشعب” وغيرها من الأكاذيب التي لم يصدقها حتى أصحابها.
انكشاف خطط الأحزاب الاخوانية قوبل بوابل من الانتقادات والشتائم والسخرية من قبل الجزائريين الذين أجمعوا على أن “الحراك الشعبي كشف حقيقتهم وزيف شعاراتهم ومواقفهم، وأجندتهم المشبوهة التي لا تخدم إلا مصالحهم الضيقة ومصالح أنظمة إخوانية.