موقع “بلومبيرغ” الأمريكي: تعليق المغرب للتواصل مع ألمانيا رد على النفاق الأوروبي في قضية الصحراء
الدار / ترجمات
أصبحت العلاقات بين المغرب وألمانيا، سابع أكبر شريك تجاري للمملكة، متوترة. لاتزال تفاصيل الخلاف الدبلوماسي الأخير غامضة، لكن ما هو مؤكد لحد الآن هو أن المغرب قام إما بتعليق العلاقات مع الحكومة الألمانية أو تعليق التواصل مع السفارة الألمانية. ولم يوضح أي من الجانبين حتى الآن طبيعة الخلافات.
أحس المغرب باستياء العام الماضي من استبعاده من قائمة ضيوف المستشارة أنجيلا ميركل في مؤتمر دولي حول الحرب الأهلية الليبية، كما أعربت الرباط عن غضبها من تقرير صدر مؤخرا عن التلفزيون الحكومي الألماني حول انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في المغرب، لكن السبب الأكثر ترجيحًا للموقف المغربي، هو موقف ألمانيا من قضية الصحراء “الغربية”.
حدث السنة الماضية، كان هو قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية، غير أن الاتحاد الأوروبي تراجع عن هذه الخطوة، مشيرًا إلى إجماع طويل الأمد في الأمم المتحدة على أن ساكنة الصحراء لهم الحق في تقرير المصير.
أخذت ألمانيا زمام المبادرة نيابة عن لأوروبيين وأثارت موضوع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء مع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث دعت الولايات المتحدة إلى “العمل في إطار الشرعية الدولية”. لم تتبع أي قوة عظمى ترامب في اعترافه بمغربية الصحراء، لكن يبدو أن الرباط قررت قطع التواصل مع ألمانيا لإظهار استيائها من موقف الاتحاد الاوربي. وبذلك كشفت الرباط عن نفاق أوروبا: لجأ أعضاء الاتحاد الأوروبي إلى القانون الدولي للإشارة إلى دعم تقرير المصير في الصحراء، حتى وهم يسعون الى توسيع علاقاتهم الاقتصادية مع المغرب.
وحرصًا على الحفاظ على مكانته كأكبر شريك تجاري للمغرب، يسعى الاتحاد الأوروبي الى أن ينظر في الاتجاه الآخر، حيث تقوم الشركات الأوروبية بأعمال تجارية في الصحراء، وخاصة في مجالات الفوسفاط وصيد الأسماك والطاقة الخضراء، وذلك على الرغم من العديد من القرارات الصادرة عن محكمة العدل الأوروبية بأن الاتفاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لا تنطبق على الصحراء.
وفي عام 2018، قضت محكمة العدل الأوروبية بأن اتفاقية الصيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب كانت سارية فقط “بقدر ما لا تنطبق على الصحراء والمياه المجاورة لها”.
فرغم عدم اعتراف الاتحاد الأوروبي بمغربية الصحراء، إلا أنه يستغل خيرات جنوب المغرب في وقت كانت محكمة العدل الأوروبية قد أعلنت بأن الاتفاق الأوروبي التجاري مع المغرب لا يجب أن يشمل تلك المنطقة، إلا أن الاتحاد الأوروبي خالف القرار بدعوى أنه أجرى استشارات مع سكان جنوب المغرب وقد عبروا عن موافقتهم.
وفي الوقت الذي تعارض ألمانيا مطالب المغرب بالسيادة على الصحراء، إلا أن شركاتها، ومن بينها شركة “سيمنس” تتمتع بامتياز بيع أعداد ضخمة من أعمدة الطاقة المتجددة لزرعها في جنوب المغرب.
كان رد الاتحاد الأوروبي هو إرسال بعثة لتقصي الحقائق من البرلمان الأوروبي “للتشاور” مع بعض الصحراويين، وهو الامر الذي وافق عليها المغرب، حيث ادعت ألمانيا بأن موافقتهم كانت كافية للوفاء بالمعيار الذي حددته المحكمة الأوربية. سمحت حيلة اليد هذه للاتحاد الأوروبي بأن يدعي أن الاتفاقات مع المغرب تسمح له باستغلال موارد الصحراء دون التلميح إلى “أي شكل من أشكال الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
لكن الرباط لم تعد راضية عن مثل هذه العروض البذيئة للرسالة الدبلوماسية. المغرب اغتنم بطاقة ترامب الخاصة بالاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، ووصف مواقف ألمانيا بأنها خدعة. لقد تغيرت الرهانات بالنسبة للاتحاد الأوروبي ككل.