الحقاوي: ندرس الدعم المباشر للأشخاص في وضعية إعاقة.. ولم يكن هناك الترحاب الكافي بالنساء في السياسة
الدار/ حاورتها: مريم بوتوراوت – تصوير ومونتاج: ياسين جابر
كشفت بسيمة الحقاوي، وزير التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، أن الوزارة التي تشرف عليها بصدد إنجاز دراسة حول تقديم الدعم للأشخاص في وضعية إعاقة، واعتبرت في حوارها مع "الدار" أن النساء لم يكن موضوع ترحاب كافي في مجال السياسة.
- كيف تقيمون حضور النساء في مراكز القرار، خصوصا أن التقارير الرسمية تقول أن نسبة قليلة من النساء التي تصل إلى هذه المناصب ؟
هناك نساء في مراكز القرار، وأغلبيتهن الساحقة هن أهل لهذه الثقة ولتحمل هذه المسؤوليات وبرهنن أنه شيء عادي وطبيعي أنه عندما تكون الشهادة العلمية والكفاءة والحنكة في التدبير والتسيير فلا يهم الجنس، إن كان رجل أو مرأة، والنساء برهنن أنهن قادرات على التدبير والتسيير وعلى القيام بالمهام الكبرى التي تتعلق بها حقوق الناس، وتتعلق بها مصائر المؤسسات، وبالتالي يظهر لي اليوم لم يعد السؤال مطروحا هل تصلح أو لا تصلح، لكن السؤال اليوم كيف نغطي العجز الموجود اليوم في وجود النساء في مواقع القرار بنسب تقل بكثير عن وضع الرجال، وهذا ما يجب أن نشتغل عليه لتقليص هذه الفجوة وتحقيق المساواة وتوفير الشروط التي تدفع النساء لهذه المواقع.
- هناك أخبار يتم تداولها حول حذف كتابات الدولة من التشكيلة الحكومية…
أولا الأمر يتعلق بمعطيات ومعلومات نجدها على صفحات الجرائد، أو في مواقع التواصل الاجتماعي، وإلا ليست لدي هذه المعلومة من مصدر رسمي وموثوق، لكن إذا حذفت ربما سيكون هناك بديل لحل بعض المشاكل التي تبقى عندما يكون هناك تدبير مؤسسات من لدن وزير ووزير منتدب وكاتب دولة، ربما هذه التصنيفات قد تجد بديلا أفضل، وإلا هناك اشتغال ما بين الوزراء وكتاب الدولة أعطى أكله وهناك تكامل وتعاون في العديد من القطاعات الحكومية.
- المقصود هنا هو حضور النساء في الحكومة، خصوصا أن معظم عضواتها كاتبات دولة..
إذا افترضنا أنها حذفت فالأمر يتعلق بأكثر من 11 كتابة دولة فيها نساء ورجال، طبعا لا أعتقد أنه سنفقد بحذف كتابات الدولة حضور المرأة لأن هذه المسألة لا تحتمل أي تراجع، لا يمكن أن نتراجع عن حضور محترم للمرأة داخل الحكومة.
- في نظركم لماذا المرأة ليست حاضرة بقوة على الساحة السياسية؟
هناك سيدتان تقودان حزبين سياسيين لكن هذا ليس كافيا، أن المرأة غير موجودة في الساحة السياسية ليس صحيحا، هناك نساء داخل الأحزاب مناضلات يشتغلن بمثابرة..
- لكن لا يصلن لمواقع المسؤولية..
هناك نساء داخل الأمانات العامة والمكاتب السياسية، ونساء في المجالس الوطني للأحزاب ونساء في البرلمان اليوم حاضرات بقوة فاعلات نشيطات خلقن دينامية داخل البرلمان بالتزامهن وحضورهن، وإصرارهن على النجاح في عملهن البرلماني، وبالتالي إذا أردنا أن نتحدث بالأرقام يمكن أن نجد أعداد مقلصة مقارنة بالرجال، لكن على مستوى الفعل هناك حضور مهم للنساء على مستوى الساحة السياسية.
- ما الذي جعل هذه الأرقام تكون "مقلصة" كما قلتم؟
هو السبق، سبق الرجال إلى مازال السياسة، هذا من جهة، من جهة أخرى مجال السياسة يحضر فيه بعد السلطة والعقلية الذكورية تستبعد النساء من امتلاك السلطة، وبالتالي لم يكن هناك الترحاب الكافي بالنساء في مجال السياسة لأنه مقترن بالنفوذ والسلطة.
واليوم، أصبح هناك قبول بشكل أكبر داخل هذه المؤسسات، والقضية ليست ثقافية، لأن المجتمع يقبل المرأة في مواقع القرار، وأحيانا يحبذ أن يكون فيها ويصوت لأجلها، يمكن أن التنظيمات السياسية هي التي يجب أن تبذل جهدا أكبر، ويتخلى الرجال عن أنانيتهم على أساس أنهم هم الأصلح وأن الذي سيجلب الأصوات هو الرجل وأنه هذا ما تم ترشيح امرأة قد يخسر التنظيم السياسي ذلك المقعد..هذه الطروحات يجب أن تغيب من أجندة الأحزاب وأن يكون المجال فسيحا رحبا بالمرأة في هذه المواقع.
- "كوطا" ذوي الاحتياجات الخاصة خلقت جدلا كبيرا، هل احترمت الوزارات العمل بها؟
أولا هذا مسار، ومنذ سنة 1997 تحددت نسبة 7 بالمائة، لم تحترم بالشكل الكافي، لأنه كانت هناك قطاعات تحترمها وأخرى لا تحترمها، فابتداء من 2012 بدأنا نفكر كيف تصبح هذه النسبة نسبة حقيقية ولا يمكن مخالفة أي قطاع لاحترام هذه النسبة.
وجدنا أنه من الصعب، هناك قطاعات تطلب تخصصات غالبا لا تكون لدى الأشخاص في وضعية إعاقة، لأنها مجالات أصلا في القانون لا يمكن أن تكون مجالا لاشتغال الأشخاص في وضعية إعاقة، مثل حملة السلاح وغيرها..إذن حتى مناصب الشغل التي تمكن من تشغيل الأشخاص في وضعية إعاقة هي مقلصة بالنسبة للآخرين، لكن كان لا بد أن نجد حلا، فأوصلنا التفكير والدراسة إلى تنظيم امتحانات خاصة لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة.
هذا أخذ منا وقتا في التفكير والتداول داخل الحكومة، بعد ذلك سنة 2016 أخرجنا مرسومين أحدهما يتعلق بإعادة حساب النسبة، ومرسوم تنظيم المباريات الذي أدخلنا فيه تنظيم مباريات خاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، فتمت المصادقة على هذه المراسيم بدأنا فعليا في تفعيل هذا المرسوم وذلك بإحداث اللجنة الدائمة التي تشرف على تنظيم هذه المباريات، وبالفعل نظمنا نهاية سنة 2018 أول مباراة خاصة للأشخاص في وضعية إعاقة حول 50 منصب التي تبقت لدى القطاعات الحكومية من قانون مالية نفس السنة، سنة 2019 اشتغلنا على مستويين للتمكين للأشخاص في وضعية إعاقة، بتنظيم مباريات خاصة ستعطينا 200 منصب لفائدة الأشخاص في وضعية اعاقة، وكذلك حث السيد رئيس الحكومة القطاعات الحكومية على احترام 7 بالمائة، والذي ستراقبه اليوم اللجنة الدائمة، التي أحدثت لهذا الشأن، وكذلك شرط رئيس الحكومة لتنظيم مباراة عندما يحدد القطاع المعني عدد المناصب المخصصة للأشخاص في وضعية إعاقة، إذن عندنا حزمة من التدابير لتمكين الأشخاص في وضعية إعاقة أولا احترام القانون الذي يتكلم عن التوظيف في الوظيفة العمومية من خلال مباراة، مع ضمان حقهم في اجتياز المباريات في الحق العام، إذن هناك ثلاثة إمكانيات، الحق العام، المباراة الخاصة، و7 بالمائة بالمباراة.
- الأشخاص المكفوفون يشتكون من "الحيف" في المباريات، خصوصا أنهم لا يستفيدون من إجراء المباريات العامة، ما تعليقكم على ذلك؟
أولا حتى المباريات العامة ليس هناك إقصاء لأي شخص في وضعية إعاقة سواء أكان مكفوفا أو غير مكفوف، لكن طرحهم أن إعاقة البصر هي تحتاج إلى ترتيبات تيسيرية أكثر من الآخرين، يعني ربما وقت أطول ومرافق..أتفهم أن الشخص المكفوف درس بطريقة مختلفة عن باقي الأشخاص في وضعية إعاقة، نعم هذا صحيح، أن ربما العنت الذي يلقاه الأشخاص في وضعية إعاقة بصرية ربما يكون أكثر من الآخرين، لكن هذا هو الدفع الذي يدفع به الإخوة المكفوفون، وأنا أعتقد بأنه في هذه المباراة الأولى التي نظمناها كانت الترتيبات التيسيرية لصالح الأشخاص المكفوفين واجتازوا الامتحان ونجحوا بنسبة مهمة جدا، وأعتقد أن اليوم لابد أن نتخلص جميعا من صورة سابقة حول أنه لا يمكن أن ينجحوا في المباريات، والقطاعات ستتفهم بعد أن تشغل الناجحين في المباريات بأن هناك كفاءة بين الأشخاص في وضعية إعاقة وبأنه يمكن أن تعول عليهم.
بالنسبة لي ما نقوم به الآن هو أكثر من مناصب للأشخاص في وضعية إعاقة، نحن بصدد إرساء ثقافة جديدة تبني الثقة في الأشخاص في وضعية إعاقة وكفاءتهم وبالتالي سنزيل الصور المسبقة التي كانت موجودة حول الأشخاص في وضعية إعاقة، وهذه الثقة ستزيد من قبول القطاعات وتشجعهم على الثقة بأن 7 بالمائة التي سيخصصونها من المناصب المخصصة لهم ستوفر لهم كفاءات ستشتغل معهم لتحقيق أهداف المؤسسة.
- كان هناك حديث عن الدعم المباشر للأشخاص في وضعية إعاقة، أين وصل هذا لملف؟
نعم، هو لازال مطروحا، خصوصا أنه اليوم هناك اشتغال موسع في إطار سجل اجتماعي موحد، ولكن كذلك في إطار برامج خاصة منها الدعم الاجتماعي الذي نص عليه القانون الإطار للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، ووزارة التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية أطلقت دراسة في هذا الباب، ومخرجات هذه الدراسة ستساعدنا على صياغة القانون الذي سيضمن الدعم الاجتماعي لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة.
- تحدثتم في تصريحات قبل شهور حول دعمكم لإثبات النسب للأطفال خارج علاقات الزواج وقلتم أنه يمكن أن يكون قانون في هذا الإطار..
لا، لم أتكلم بهذا الطرح، أنا تحدثت عن المصلحة الفضلى للأطفال والتي تستدعي أن نحمل المسؤولية للآباء الذين يقفون من وراء ولادة هذا الطفل الذي قد لا يتمتع بحياة كباقي الأطفال، بسبب أن أحد الآباء قد أنكر علاقته بهذا الطفل.
الأم لا تنكر غالبا وتثبت أمومتها وعلاقتها بطفلها، مهما كانت الأسباب التي أدت إلى هذه الولادة خارج العلاقة الشرعية، لكن الرجل دائما يتملص، وقد لا يلتفت لا للأم ولا للطفل، وأنا أقول أن هناك مسؤولية يجب أن تثبت على الرجل الذي قام بما قام به ولا يريد أن يتحمل مسؤوليته إزاء الطفل على وجه الخصوص، لذلك اليوم نتوفر على وسائل علمية لإثبات هذه العلاقة الترابطية بينه وبين الطفل حتى يؤدي ما عليه من مسؤولية، أما إثبات النسب فهذا يفتي فيه المجلس العلمي الأعلى لأن المسألة شرعية وفيها جوانب لا يمكن أن يتحدث فيها إلا ذوو العلم في هذا المجال.
- هل يمكن الحديث في وقت ما عن دعم للأمهات العازبات لتمكينهن من الاحتفاظ بأبنائهن؟
عندما نشتغل على الملفات الخاصة بالنساء في وضعية صعبة لا نميز بين وضعية هذه المرأة وتلك، كل النساء اللواتي يعشن في وضعية صعبة يجب أن نقدم لهن يد العون لفائدة أبنائهم على وجه الخصوص، لأن المصلحة الفضلى للطفل هي البوصلة والهدف والغاية وهي التي يجب أن نبلغها "باش ما نضيعوهش"، لأنه إذا ضاع الطفل قد يصبح عالة على المجتمع وقد يكون بعد ذلك مهددا للمجتمع، فيجب أن نستبق كل ما يمكن أن يقع بالوقاية، لكن عندما تقع الواقعة حينها يجب أن تستبق بمقاربة وقائية من الدرجة الثانية، حينها لا بد من أن نحتضن الطفل ونقدم جميع المساعدات والإعانات للطفل عبر المرأة طبعا، وليس هناك أي فرق بين النساء اللواتي يتواجدن في وضعية صعبة.
- القانون الجنائي يتضمن عقوبات ثقيلة في حق مغتصبي الأطفال، لكن تصدر أحكام يؤكد النشطاء على أنها لا تتناسب والجرم، ما تعليقكم على ذلك؟
مجال حماية الأطفال دقيق جدا، والجرائم فيه لأنها تقع خفية يصعب أن تؤخذ جميع الاحتياطات حتى لا يقع المحظور، ولكن هناك طرق للحماية القبلية، ومن ضمنها توفير شروط الحياة الهنيئة فيها شروط حماية الأطفال حتى لا يسقطوا بين مخالب المجرمين، والاحتياطات اللازمة داخل البيت والشارع والمدرسة وفي كل مكان يتواجد فيه الطفل. هذه الاحتياطات يجب أن تكون دائمةن ونقتسم فيها المسؤولية.
و إذا وقع شيء، ويجب أن يكون شاذا في أي مجتمع فما بالك في مجتمع مسلم ومواطن ولديه علاقات إنسانية حميمة.. فالمجتمع المغربي طبعا قام بأدوار مهمة جدا في حماية الأطفال والدفاع عنهم، لذلك مسألة التبليغ وضعنا لها أجهزة ترابية ستنخرط فيها القطاعات الحكومية والمجتمع المدني، وهي ضمن مقاربتنا المتعلقة بالسياسة العمومية المندمجة لحماية الأطفال، فيها عدة أهداف، من ضمنها تمكين الأطفال من هذه الأجهزة الترابية التي يمكن أن يلجأ لها الطفل إذا كان ضحية تحرش أو كان شيء يهدده أو وقع له شيء. هذه المنظومة تساعد في ذلك وكذلك المجتمع المدني ومؤسسات الرعاية.
هناك جانب آخر هو التربية الوالدية في مجال الأسرة والإرشاد الأسري ليحافظ الآباء على أبنائهم داخل الأسروكطذلك يقوموا بكل ما يجب القيام بهم لحماية الأطفال.
- قانون محاربة العنف ضد النساء دخل حيز التنفيذ، ما الأثر الذي تركه لدى المغاربة في نظركم؟
اليوم هناك اعتراف بأهمية هذا القانون حتى من طرف من كان لهم ملاحظات عليه، وتقارير دولية نوهت بقانون العنف، كما أن هناك تنويه على مستوى الدول العربية وعلى المستوى الدولي وفي المغرب بطبيعة الحال.
هل كان له تأثير، القانون دخل حيز التنفيذ منذ شهور قليلة ولا نستطيع اليوم تقييم أثره. لكن يمكن أن نقول بأنه قد تم إصدار أحكام بموجب هذا القانون وكانت أحكام مختلفة عن الأحكام التي كانت تصدر في حق الرجال المعنفين للنساء، وهذا سيكون رادعا لآخرين لهم القابلية للقيام بهاته الأعمال.
هذا القانون له دور زجري نعم، لكنه حمائي ووقائي وله دور مهم جدا على المستوى البيداغوجي حيث يعرف ممارس العنف أن هناك عقوبات، والمرأة أيضا تعرف أن هناك قانونا يحميها، وأظن أن هذا الأمر يوفر للمرأة طمأنينة أكبر كحق أي مواطن أنه يعيش في بلاده ويمر في الفضاءات العمومية بأمان.
وهذا القانون ينتمي لحزمة قوانين تضمن الحقوق وتؤسس وتكرس هذه المبادئ، أي مبدأ العيش جميعا بطمأنينة، دون أن تكون مغالبة من جنة ويكون لجنس مفاضلة أو امتياز على الآخر، هذا ما نريد بناءه عند المواطنين وأظن أنه يبنى شيئا فشيئا.