محمد رفعات .. فنان بصم بعطاءاته المشهد الثقافي والفني بالحسيمة
بصم محمد رفعات، الفنان الملتزم متعدد المواهب، الذي رأى النور بمدينة القنيطرة سنة 1958، المشهد الفني والموسيقى بإقليم الحسيمة لعقود من الزمن.
وخلف الأستاذ رفعات، الذي ترعرع وسط أسرة فنية تعشق الطرب الأصيل إذ كان والداه متيمان بأغاني سيدة الطرب العربي الفنانة الراحلة أم كلثوم، إرثا فنيا كبيرا حيث أصدر عدة ألبومات غنائية وساهم في بروز مجموعة من الأسماء التي أثرت الساحة الفنية بمنطقة الريف وإقليم الحسيمة على وجه الخصوص.
وأوضح الفنان رفعات، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه كان يميل منذ نعومة أظفاره للفن والموسيقى والطرب الأصيل، وكان يحرص كل ما حلت ذكرى عيد العرش المجيد على إبراز مواهبه الفنية والغنائية بالمدرسة، مضيفا أن أول آلة فنية عزف عليها كانت “الليرة” التي تطورت في ما بعد إلى الناي، وكذا آلة الأرمونيكا.
وتابع الفنان متعدد المواهب بالقول “انخرطت في سن مبكر في دور الشباب واشتغلت إلى جانب عدة جمعيات فاعلة، وكنت شاهدا على بروز الظاهرة الغيوانية التي كان لها تأثير كبير حينها على الشابات والشباب، وقادني الشغف بهذا اللون الموسيقي إلى تأسيس مجموعة غيوانية والاشتغال مع عدد من المجموعات التي تتقاسم نفس اللون الغنائي وأحرزت معها عدة جوائز مهمة”.
وكانت سنة 1975 محطة بارزة في مشوار الفنان رفعات الذي هاجر إلى الديار الأوروبية بغرض صقل مواهبه الفنية، وكون هناك فرقة موسيقة أطلق عليها اسم “رواد الغنة”، قدمت مجموعة من العروض الموسيقية بعدة مدن بلجيكية وفرنسية، واستقر به المقام هناك نحو سنتين.
وبدأ هذا الفنان سنة 1983 مرحلة جديدة وتجربة فريدة من نوعها في مساره الفني بعد تعيينه أستاذا للتعليم الابتدائي بمدينة الحسيمة، حيث خولته التجربة الكبيرة التي راكمها تأسيس فرقة للموشحات بالمدينة وفرقة فنية أخرى قدمتا العديد من العروض المميزة داخل وخارج الإقليم، كما حظي في نفس السنة بشرف اكتشاف المواهب والطاقات الفنية بالمؤسسات التعليمية بالحسيمة.
وفي سنة 1990، تم تعيينه مديرا للمعهد الموسيقي بالحسيمة بعدما أصبح موظفا ملحقا بوزارة الثقافة قادما إليها من قطاع التربية الوطنية، وساهم في بروز عدد من الأصوات الغنائية التي تألقت بشدة وشقت طريقها بنجاح في مجال الفن والموسيقى، من بينها الفنانة صابرين وفريد فوفانا وفؤاد الحسيمي ويوسف نور، وصفوان الأسمر.
كما ساهم بقسط وافر في تأسيس وبروز عدة فرق موسيقية بالساحة الفنية ونيل شهرة واسعة داخل وخارج إقليم الحسيمة، من بينها على الخصوص “إذبان نريف”، و”إمدوكار”، و”إمطاون”، و”تيمسنا”، و”إحودريين”.
وبخصوص طبيعة أعماله الفنية والقضايا التي تعالجها، أبرز الفنان رفعات أن تركيزها ينصب على الخصوص على المواضيع الاجتماعية والهادفة كالوالدين والأم والوطن وحوادث السير والهجرة السرية، وتسعى لزرع الأمل في نفس الشابات والشباب ودعوتهم لعدم الركون إلى اليأس.
وتابع رفعات، الذي أصدر حتى الآن ثلاث ألبومات غنائية سنوات 2004 (الأمير الصغير) و 2019 (الحياة) و 2021 (الأمل)، أنه يحرص في جميع أعماله على توظيف كلمات تربوية هادفة وألحان بسيطة وسهلة الحفظ في متناول الجميع، في مسعى للسمو بالأذواق وتهذيبها.
ويشتمل الألبوم الغنائي الأخير لهذا الفنان الذي أنجز بدعم من وزارة الثقافة والشباب والرياضة (قطاع الثقافة) على أربع أغان باللغة العربية والريفية، تحمل عناوين “الوحدة الترابية”،و”يا آل بين النبي”، و”نحن بنات مسلمات”، و”امينو”.، وأغاني الألبوم من كلمات وألحان الأستاذ محمد رفعات، وبمساهمة متميزة لأطفال وشابات من مدينة الحسيمة يتمتعون بمواهب موسيقية وبأصوات عذبة وجميلة.
من جهة أخرى، اعتبر محمد رفعات أن إنجاز المسرح الكبير للحسيمة والمعهد الموسيقى، في إطار برنامج التنمية المجالية “الحسيمة منارة المتوسط”، يعد مكسبا مهما وحقيقيا لمدينة الحسيمة وفنانيها، ومعلمة بارزة ستساهم من دون أدنى شك في صقل وإبراز مواهب وإبداعات الشابات والشباب، وإعطاء دفعة قوية لقطاع الثقافة والفن بالإقليم.
والأكيد أن اسم هذا الفنان سيظل محفورا في ذاكرة أبناء وبنات إقليم الحسيمة نظير العطاءات الغزيرة التي قدمها، ومساهمته في بروز عدد من الطاقات والوجوه التي أثرت الساحة الفنية بالريف.