الدار / خاص
بعد انقضاء شهر رمضان، وعطلة عيد الفطر، يتجدد نفس السؤال المؤرق عند المواطنين المغاربة حول الحجر الصحي، وموعد التخفيف أو انهاء الإجراءات الوقائية لمنع تفشي فيروس “كورونا” المستجد “كوفييد 19”.
وفي هذا الصدد، نشر البروفيسور عز الدين الابراهيمي، عضو اللجنة العلمية والتقنية لتدبير جائحة “كورونا” مقالا مطول على صفحته الرسمية بموقع “فايسبوك” أجاب فيه عن سؤال “هل سيتمر الاغلاق؟؟؟”.
مع استقرار الحالية الوبائية… يبقى السؤال “واش غادي نبقاو سادين ديما”؟
كان بإمكاني أن أبدء بكل المعطيات الرمضانية الإيجابية… ولكني وددت في البداية أن أقر… ونقر كلنا بأننا فشلنا في إقناع غالبية المغاربة بالانضباط للإجراءات الاحترازية الشخصية … بمقاربة “الله يرحم الوالدين” التي أؤمن بها… فالغالبية العظمى طبعت مع الكوفيد بعدم حملها للكمامة و وبعدم احترام التباعد الجسدي… و نتيجة لذلك يجب أن ندخل هذا المعطى في أية معادلة علمية أو تدبيرية مستقبلية للأزمة… و أتمنى خالصا أن لا نؤدي ثمن ذلك من أرواحنا…
واليوم وبعد انتهاء أيام العيد والعودة إلى التوقيت الرسمي وما ستحمله القرارات التدبيرية من تخفيف لبعض الإجراءات الأسبوع المقبل إن شاء الله… تبقى بعض الأسئلة المحورية هاجسا كبيرا للمواطنين… “واش غادي نبقاو سادين ديما”؟ كيف ننتقل من جهة ومدينة إلى أخريات؟ ماذا عن العالقين المغاربة بالخارج؟ ماذا عن مغاربة العالم؟ كيف نفتح بلادنا للسياح دون المساس بأمننا الصحي؟ كل هذه الأسئلة أخذا بعين الإعتبار تقدمنا في عملية التلقيح الجماعي والحالة الوبائية الشبه مستقرة… وفي الحقيقة كيف نفسر هذا الإستقرار في غياب أي التزام للإجراءات الاحترازية الشخصية؟
فهذا الاستقرار يمكن مرده لعدة عوامل بجانب الاستمرار في الإجراءات الليلية الرمضانية… وهنا أود أن أذكر أن الهدف من جميع المقاربات في مواجهة الكوفيد هو عدم تطوير الأشخاص للحالات الحرجة وجعل الكوفيد مرضا غير حرج… وهنا وجب التوضيح لبعض واهمي المعرفة أن الكوفيد يعني المرض وليس السبب الممرض الذي هو كورونا… فعندما نتحدث عن كوفيد لايت نعني تحويل المرض إلى حالة متحكم فيها من الناحية الكلينكية ….و هنا يتبين أن الهرم السكاني في المغرب عامل مهم في الوضعية الحالية…. فبالتلقيح الجماعي نحن في طريقنا إلى حماية 20 في المئة من الساكنة (الفئات العمرية أكثر من 45 سنة) و هي التي كانت تطور الحالات الحرجة سنكون قد “حيدناها” من هذه الخانة… وبما أن الفئات الأخرى من الساكنة لا تطور هذه الحالات يمكن أن نفسر مانراه من الأرقام….
وأقف هنا لأذكر بأهمية التلقيح…. فاليوم أغلب الأشخاص في قاعات الإنعاش والوفيات في مستشفياتنا هم أشخاص لم يلقحوا… حرام و الله حتى حرام أن يضع شخص نفسه في هذه الوضعية لأسباب غير منطقية وعلمية تماما… و أحمل كذلك المسؤولية لبعض واهمي المعرفة الذين يوجهون أبواقهم للمغاربة دون الإنسانية ويدعونهم للانتحار… وأنا أزن ما أقول…لا حول ولا قوة إلا بالله… وهنا وجب أن نؤكد بأن التلقيح يبقى قرارا شخصيا ويتحمل المرء فيه كل المسؤولية ولكن الدولة عليها ومن واجبها أن تراعي مصلحة البلد… مما يجرني للحديث عن التنقل والحركية في المرحلة المقبلة…
فكل الدول تعتمد باعتماد ثلاثة أنواع من الشواهد للتنقل…
1- شهادة التلقيح كوثيقة للحركية بالنسبة للأشخاص الذي تم استهداف فئتهم العمرية من التلقيح… من حق أي شخص أن لا يلقح و لكن ليس من حقه أن يفرض على الدولة عدم استعمال شهادة التلقيح كوثيقة تسمح بالتنقل بجانب الترخيصات الباشوية لأقل من 45 سنة.
2- وثيقة التحليلة السلبية لأقل من 48 ساعة و يجب أن ننبه أن تزوير أي شهادة صحية تترتب عنه أثار جزرية قاسية على المستوى المحلي والدولي… فأستراليا مثلا سنت قوانين في هذا المجال تؤدي إلى سنوات من السجن.
3- وثيقة طبية تثبت الإصابة وتطوير الكوفيد و العلاج منه
فبالنسبة للسفر داخل المغرب، فأظن أن هناك مرونة كبيرة… والدليل على ذلك كيف تنقل مجموعة من “اليوتوبوزات واليوتوتبوزون” طولا وعرضا بجميع جهات المغرب… وأتمنى أن يسمح لجميع الملقحين التنقل دون تراخيص كهؤلاء… و هذا أقل شيء لشكرهم على انخراطهم المواطناتي في مواجهة الأزمة.
فبالنسبة للسفر من المغرب إلى الخارج فيبقى قرارا سياديا لكل دولة مستقبلة وأظن انه لن يخرج عن طلب أحد هاته الوثائق… و أن كل الدول تفضل وثيقة التلقيح أولا كما تفعل أوروبا الأن مع الولايات المتحدة الأمريكية…
بالنسبة لاستقبال المغاربة العالقين بالخارج فالقرار المغربي واضح وهو التحليلة داخل 48 ساعة قبل موعد السفر، الالتزام بصحة جميع المعلومات وبالحجر، وكذلك إجراء تحليلتين بالمطار عند الوصول للمغرب وعند الخروج من الحجر…. والحمد لله فالمغرب طور خبرة في ميدان التحاليل المخبرية السريعة والتي تستغرق أقل من 15 دقيقة وتظهر النتائج الإيجابية في ثلاث دقائق في حالة حاملي الفيروس مما سيسمح من مراقبة الدخول عبر الموانئ والمطارات بشكل فعال وناجع… يمكن من التخفيف من هذه الإجراءات سريعا إن شاء الله….
أظن كذلك، أن المغرب يمكن أن يجعل دولا معينة كبوابته (فرنسا، إسبانيا، هولندا، بلجيكا وإيطاليا) تمكن بسرعة تطويق أي إصابات بفضل المعايير الصارمة لهاته الدول ضد تزوير الوثائق.. ووجود لوجيستيك جوي كبير وسهل ومرن لتعدد الرحلات الرابطة وكون غالبية العالقين توجد بهذه الدول…
ونجاح هذه المقاربة مهم جدا ويجب تقييمه للنظر في إمكانية تخفيف إجراءاته للمرور سريعا مع بداية الصيف لاستقبال مغاربة العالم والسياح الملقحين…
وأوروبا تفتح أبوابها، نرفض أن لا نترجم كل تضحياتنا إلى ربح تنافسي على المستوى الاجتماعي والسياحي والاقتصادي على العموم… لا يمكن أن نبقى “سادين” إلى ما لا نهاية ولكن بمقاربة بحذر واستباقية وتشاركية… واعقلها وتوكل على الله…
حفظنا الله جميعا….