هل يبشر رفع القيود بقرب انطلاق عملية مرحبا 2021؟
الدار / تحليل
بعد أن نجح المغرب إلى حد كبير في تسطيح المنحنى وتسجيل تراجع كبير في أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد تعلن الحكومة عن تخفيف قيود الإغلاق وتمديد ساعات حرية التنقل إلى حدود الساعة الحادية عشر ليلا، بعد شهور طويلة قضاها المغاربة تحت إكراه حظر التجوال ابتداء من الساعات الأولى من الليل. هذا الإجراء الجديد الذي تم اتخاذه اليوم وترك أثرا نفسيا إيجابيا لدى غالبية المواطنين المغاربة، يبشر بقرب عودة الحياة إلى طبيعتها، خصوصا ونحن على مشارف صيف ينتظر أن يعرف رواجا سياحيا داخليا، وانطلاقا رسميا لعملية مرحبا التي ستعرف عودة مئات الآلاف من المغاربة المقيمين بالخارج.
ومن الواضح أن اتخاذ قرار تخفيف القيود في هذا التاريخ بالضبط، قبيل شهر يونيو، ينطوي على محاولة لجس النبض وقياس درجة التفاعل التي يمكن أن تسجل في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة مع الإجراءات الاحترازية، ومن ثمة مراقبة الوضع الوبائي بشكل سيظهر إمكانية الإعلان الكامل عن رفع كل القيود والسماح بفتح الحدود بشكل يمهد لعودة الدورة الاقتصادية والسياحية إلى مستوياتها العادية. ولدى الحكومة اليوم أكثر من ثلاثة أسابيع قبيل الانطلاق الرسمي لعملية مرحبا التي كان آخر مواعيد انطلاقها هو 5 يونيو من صيف 2019.
وكانت عملية مرحبا 2019 عودة أزيد من 2,9 مليون مغرﺑﻲ مقيم بالخارج إلى أرض الوطن، بارتفاع قدره 4 في المائة مقارنة مع سنة 2018. وتصدر ميناء طنجة – المتوسط نقط دخول الجالية المغربية بنسبة 23 في المائة، يليه مطار محمد الخامس بنسبة 12 في المائة، وسجل عدد المغاربة المقيمين بالخارج الوافدين، خلال السنوات الخمس الأخيرة، معدل نمو سنوي يقدر بـ 5 في المائة. واختار 44 في المائة من أفراد الجالية المغربية، خلال عملية مرحبا 2019، الدخول جوا إلى التراب الوطني، فيما وقع اختيار 38 في المائة منهم على الممر البحري.
وتمتلك السلطات اليوم وقتا ضيقا لتقييم نتائج رفع القيود وتخفيفها على الحالة الوبائية، قبل اتخاذ القرار النهائي بخصوص عملية مرحبا 2021 التي تترقب الكثير من القطاعات والفئات الاجتماعية انطلاقها نظرا لما تمثله من دينامية اقتصادية وسياحية مهمة، خصوصا بعد عام كامل من الركود الذي سببته جائحة فيروس كورونا المستجد. وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت في وقت سابق عن نية السلطات المغربية تنظيم عملية مرحبا 2021 وتواصلها مع السلطات الإسبانية بهذا الخصوص.
لكن هذه العملية تواجه هذا العام تحديات كبيرة فرضتها ظروف الجائحة، فبالإضافة إلى صعوبة مغادرة بعض البلدان الأوربية التي يقيم فيها المهاجرون المغاربة بسبب الإجراءات الاحترازية، والشروط الصحية المطلوبة، ومن بينها إجراء الكشوفات الطبية، فإن هناك تحديا جديدا ينضاف إلى ذلك يتعلق بالتوتر الذي يشوب العلاقات المغربية الإسبانية منذ أسابيع عقب استقبال مدريد لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية بدعوى استفادته من العلاج دون أي تنسيق أو إخبار للسلطات المغربية. كما زادت العلاقات بين البلدين توترا بعد حادث اقتحام آلاف من المهاجرين السريين لمدينة سبتة المحتلة، وإنزال الجيش الإسباني لقواته من أجل التصدي لذلك.
لكن الطرف الإسباني يعول كثيرا على عملية مرحبا 2021 بالنظر إلى ما تمثله من دينامية اقتصادية بالنسبة للكثير من المقاولات الإسبانية وقطاعات الخدمات على الخصوص. وكان رئيس ميناء الجزيرة الخضراء، جيراردو لاندلوس، أكد على أهمية عملية العبور بمضيق جبل طارق وضرورة تنظيمها خلال الصيف المقبل، رغم الأوضاع الوبائية السائدة المرتبطة بفيروس كورونا، مشيرا إلى أهمية هذه العملية من الناحية الاقتصادية بالنسبة لعدد مهم من الأشخاص والشركات.
ومن الواضح أن السلطات المغربية حريصة جدا على تنظيم عملية مرحبا 2021 بل إنها دبرت الشهور الماضية بالإجراءات الاحترازية من أجل محاصرة الوباء والحد من انتشار الفيروس، وتخفيف الضغط على المنظومة الصحية، بهدف التمكن من رفع القيود خلال موسم الصيف الذي سيمثل متنفسا للكثير من الشرائح والفئات الاجتماعية المتضررة من شهور طويلة من الحجر والعطالة.