فريق”الأحرار” بمجلس المستشارين يسائل العثماني حول دور الحوار الاجتماعي في التخفيف من تداعيات أزمة كورونا
الدار / خاص
وجّه فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، سؤالا شفويا، اليوم الثلاثاء، لرئيس الحكومة خلال الجلسة العامة بالمجلس، وذلك حول دور الحوار الاجتماعي في التخفيف من تداعيات أزمة كوفيد 19.
وأبرز محمد البكوري، رئيس فريق “الأحرار” خلال تعقيبه على رد رئيس الحكومة، أن السؤال المحوري الهام، سيمكن من تقييم عمل الحكومة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي ومدى تنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه داخل الحوار الاجتماعي طول مدة ولايتها مع التأكيد على ضرورة مأسسته.
وأضاف البكوري “لابد أن أنوه باللقاء التاريخي الذي عقده جلالة الملك حفظه الله مع كل النقابات، حيث أشركها جلالته في إعطاء انطلاقة ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وهو مؤشر إيجابي يؤكد على أن هذا الاهتمام الملكي السامي ليس عبثا وإنما هي قناعة جاءت من أعلى سلطة في البلاد لتؤكد بأن النقابات تعد أحد الركائز الأساسية للعب دور الوساطة بين الشغيلة والحكومة لتحقيق السلم الاجتماعي والتنمية الاجتماعية التي نناضل جميعا من أجل تحقيقها كل من موقعه”.
وبهذه المناسبة، هنأ البكوري باسم فريق التجمع الوطني للأحرار الشغيلة المغربية بمناسبة تخليدها لفاتح ماي الذي مر للسنة الثانية على التوالي في ظرفية استثنائية تتسم باستمرار الأزمة الصحية المرتبطة بتفشي وباء كورونا، الذي فرض إيقاعه على مختلف مناحي الحياة، حيث أفرز مجموعة من الاشكالات والتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي ألقت بظلالها على الوضع الاجتماعي للطبقة العاملة.
ونوّه في نفس الوقت بنضالات العاملة المغربية والعامل المغربي الذين حققوا العديد من المكتسبات المشروعة جاءت تتويجا لنضالات متواصلة للشغيلة المغربية، معبرا باسم الفريق، عن المساندة المطلقة لكل قضاياها العادلة، دفاعا عن مصالحها المادية والموضوعية، مبرزا في هذا الإطار دور مختلف للنقابات الوطنية التي تعمل منذ عقود على تأطير الطبقة العاملة في تحقيق كل هذه المكتسبات والانخراط بشكل إيجابي وبكل روح وطنية في إنجاز مختلف الأوراش التنموية التي تعرفها بلادنا، معبرا عن رفض الفريق في المقابل كل أساليب التبخيس والعدمية التي تنهجها بعض مكونات الفعل النقابي لأهداف تجاوزها التاريخ وأصبحت لا تليق بمغرب القرن الواحد والعشرين.
وأكّد على ضرورة إعادة النظر في طبيعة الخطاب ومضمونه وتجديد النخب النقابية وفتح المجال أمام طاقات شابة متجددة ومتنورة تعيد للعمل النقابي وهجه وديناميته، مضيفا “والنضال سويا للقضاء على ظاهرة التنسيقيات التي أخرجت الفعل النقابي عن سكته الصحيحة لا نعرف إلى اليوم من وراءها؟ حيث أصبحت هذه التنسيقيات تستغل مطالب اجتماعية واقتصادية لخدمة أجندات غير معروفة ظهرت مع الوقت في الريف وجرادة”.
وبعد أن نوّه بالحصيلة الحكومية في مجموعة من القطاعات التي آمنت بالحوار الاجتماعي كآلية ضرورية ومفتاحا للحلول أدى إلى إفراز عمل جاد ميّز أداء هاته القطاعات خلال السنوات الماضية، أعرب البكوري عن أسفه من كون ملف الحوار الاجتماعي لم يعرف تنزيل سياسة إرادية جماعية للوقوف على التحديات الحقيقية التي تعيق التنمية الاجتماعية في شموليتها.
وسجّل غياب إرادة فعلية لحل مشاكل هيكلية تعرفها قطاعات حكومية تعاني اليوم لعدم قدرتها على مأسسة الحوار الاجتماعي رغم وجود نقابات وأطر وطنية داخل هياكلها قادرة على التجاوب بمسؤولية وفعالية في تدبير هذا الملف، مسجلا أيضا غياب الإرادة الجماعية والقدرة على التعاطي بشمولية مع المطالب المشروعة للشغيلة المغربية، الشيء الذي جعل السلم الاجتماعي ببلادنا على المحك، وخاصة خلال فترة الجائحة التي وثقت لمجموعة من النواقص داخل عدد من القطاعات.
وتابع: “فلولا العناية الملكية السامية التي مكنت من تجاوز الأزمة بفضل حكمة وتبصر صاحب الجلالة نصره الله، الذي سارع إلى إحداث صندوق “كوفيد” الذي كان بمثابة البلسم على الشغيلة المغربية والطبقة المعوزة المحرومة من الدخل القار، لكان المغرب اليوم في وضعية أشد صعوبة اجتماعيا، حيث ساهم هذا الصندوق في التخفيف من آثار الجائحة على المجتمع، فعلى الرغم من هذا القصور”.
وفي هذا الصدد، أشاد البكوري بأداء مجموعة من القطاعات كالداخلية وكل أجهزتها الأمنية، الصحة بفريقيها العسكري والمدني، والفلاحة والصيد البحري، والصناعة والتجارة، والمالية، والسياحة، والتربية الوطنية، والإسكان والتعمير، التي دبرت ملفاتها الاجتماعية القطاعية بنوع من الرزانة وحسن التعاطي مع الشركاء الاجتماعيين، اشتغلت ليل نهار من أجل توفير الدعم وكل المنتوجات الغذائية والاستهلاكية، وتقديم الخدمات الضرورية والأساسية في انسجام مع ظروف الجائحة.
وبخصوص ملف التشغيل، أكّد البكوري أن الأمر يتعلق بأحد أهم التحديات التي تواجه بلادنا، مردفا “لكن مرة أخرى نتأسف لكون الحكومة لم تولي الأهمية اللازمة لهذا القطاع من خلال منظور شمولي يسمح بتجاوز الاشكاليات العميقة التي يعاني منها”، مضيفا “لولا النتائج الإيجابية التي حققتها بعض القطاعات المنتجة في هذا المجال، لكنا اليوم أمام أزمة تشغيل خانقة، حيث نسجل غياب دينامية حكومية في البحث عن حلول بديلة للتشغيل التقليدي وعدم قدرتها على تشجيع المبادرة الفردية والتشغيل الذاتي”
وأشار إلى أن هاته الاستراتيجية “لا يمكنها أن تنجح دون تنزيل آليات إنتاج الثروة الغائبة اليوم وغير المتوفرة بالشكل الذي نستطيع معها إنهاء معضلة البطالة، على الرغم من إطلاق صاحب الجلالة نصره الله لمبادرة “انطلاقة” لتشجيع القطاع البنكي على مواكبة الشباب في خلق مشاريع قادرة على توفير مناصب الشغل”.
ودعا باسم الفريق، جميع الفاعلين، وفي إطار النموذج التنموي الجديد، الذي سيتم تقديمه قريبا أمام النظر السديد لجلالة الملك، إلى ضرورة الانكباب على وضع استراتيجية وطنية للتشغيل متوافق بشأنها وقادرة على استيعاب القدرات والكفاءات التي تزخر بها بلادنا، مع تبني سياسة اجتماعية تحفظ السلم الاجتماعي”.
وطالب بضرورة التعجيل بتعديل مقتضيات مدونة الشغل وإخراج القانون التنظيمي للنقابات وقانون الإضراب لتعزيز ترسانتنا القانونية وإقرار التدبير الشفاف والنزيه داخل هاته المؤسسات، في إطار جهد جماعي يتعالى على الحسابات الضيقة والخطابات الشعبوية ويضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار.