ميثاق الأغلبية الحكومية…تعاقد أخلاقي ينسي المغاربة سنوات عجاف من “البؤس السياسي”
الدار- تحليل
“توقيع ميثاق الأغلبية الحكومية ليس غاية في حد ذاته بل وسيلة للدفع بالعمل الحكومي والبرلماني نحو أقصى درجات الفعالية، والمردودية والجدوى”، الكلام هنا لرئيس الحكومة، وزعيم حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، خلال حفل توقيع ميثاق الأغلبية، صباح اليوم الاثنين، بالرباط.
تصريح يختزل في طياته العديد من الإشارات الإيجابية التي بعث بها التحالف الحكومي الحالي بقيادة حزب “الأحرار”، منذ الإعلان عن تشكيله، مرورا بمشاورات تشكيل الحكومة، وصولا الى تنصيبها، و صياغة البرنامج الحكومي، وتقديمه أمام غرفتي البرلمان.
ان الميثاق الحكومي الموقع اليوم، من شأنه أن يسهم بشكل كبير في إعادة الوهج للعمل السياسي، واستعادة المواطنين و المواطنات للثقة في المؤسسات الوطنية، وعلى رأسها مؤسسة “رئاسة الحكومة”، كما أن هذا الميثاق، الذي يعتبر تعاقدا سياسيا، و أخلاقيا في أي ممارسة ديمقراطية، من شأنه أن ينسي المغاربة ما عرفته الولايتين الحكوميتين السابقتين من سجلات سياسوية عقيمة، و تراشق اعلامي، حينما كان أعضاؤها يتحولون نهاية كل أسبوع الى خصوم سياسيين بشكل يخال معه المرء أن الأمر لايتعلق بنفس الوجوه السياسية التي يجمعها المجلس الحكومي.
البلاغ الصادر عن الأحزاب الثلاثة ) الأحرار، الاستقلال، و الأصالة والمعاصرة(، عقب التوقيع على ميثاق الأغلبية، يؤكد التزامها بجميع بنود الميثاق، من أجل إنجاح التجربة الحكومية الحالية، ووفائها بالتزاماتها كاملة اتجاه المواطنات والمواطنين، كما يجسد كذلك رغبة هذه الأحزاب في بذل المزيد من الوسع والجهد، و الاجتهاد والتضحية الجسيمة والابداع والابتكار في الحلول، والتعبئة الجماعية المسؤولة لكل مكونات الأغلبية لكسب الرهانات والتحديات.
غير أن اللافت في كلمات الأمناء العامون للأحزاب الثلاثة هو تأكيدهم على ضرورة الخروج من منطق المحاباة، و السجالات السياسوية العقيمة، والكيل بمكيالين، و التنصل من المسؤولية الى منطق جديد يسوده التضامن و الانسجام والتوافق والعمل التشاوري الجماعي، من أجل استثمار الزمن السياسي والحكومي والتشريعي وعدم هدره، ثم أيضا من أجل الوفاء بكل الإصلاحات والأولويات المستعجلة، والرفع من وثيرة تنفيذ الأوراش التنموية والاقتصادية الكبرى تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس.
و اللافت أن هذا الميثاق، الذي أصبح ممارسة ديمقراطية مترسخة في بلادنا، ومكسبا مهما في العمل السياسي النبيل، يستند الى مضامين دستور 2011، باعتباره إطار مرجعي يحدد الاختيارات الكبرى للمملكة، خاصة تعزيز بناء دولة ديمقراطية قوامها الحق والقانون، وبناء دولة ومؤسسات حديثة مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة.
كما أن هذا الميثاق يستند الى شرعية انتخابية يجسدها تصدر الأحزاب الثلاثة للانتخابات الأخيرة، كما يستند أيضا الى ما تضمنه البرنامج الحكومي من التزامات سياسية واضحة في العمل على تحقيق الانسجام الحكومي، أول تلك الأهداف الدفاع باستماتة على الوحدة الترابية، واستكمال ورش الجهوية المتقدمة، وتفعيل مضامين النموذج التنموي، والتنزيل الناجع والأمثل لمقتضيات البرنامج الحكومي، خاصة مواصلة بناء أسس الدولة الاجتماعية ووضع لبنات اقتصاد قوي يعزز من سيادة المغرب.
وإذا كانت بعض الأطراف السياسية تحاول انتهاز جميع الفرص من أجل ايهام الشعب المغربي بأن الحكومة الحالية تفقد الى التجانس والانسجام حتى وهي لم تكمل بعد 100 يوم من العمل، فان هذا الميثاق الموقع اليوم كان واضحا، اذ حدد لأحزاب الأغلبية الحكومية عدداً من المبادئ، للتنزيل الأنجع لجميع الأهداف المعلنة، ضمنها جعل الميثاق مرجعاً سياسياً وأخلاقياً أساسياً في العمل، والتزام جميع هيئات الأغلبية الحكومية وهياكلها بالتشاور والحوار الدائمين حول القضايا والأهداف الكبرى المسطرة داخل البرنامج الحكومي، والالتزام بالجدولة الزمنية المسطرة، والتنسيق الدائم.
تعاقد سياسي و أخلاقي مسؤول ذلك الذي تمخض اليوم، عن توقيع ميثاق الأغلبية الحكومية، الذي بدون شك سيعطي للعمل الحكومي والتشريعي الحالي/ معناه النبيل، ويسهم في إعادة الثقة للمواطنات والمواطنين في العمل الحكومي، والبرلماني، الذي يعتبر الانسجام والتوافق والتشاور، والتضامن أحد أبرز مرتكزات نجاحه في جميع البلدان الديمقراطية.