إعلاميون وخبراء يبرزون دلالات وأبعاد إقرار “الترخيص” لتغطية المظاهرات
الدار/ عفراء علوي محمدي
تزامنا مع الاحتجاجات التي يخوضها الأساتذة بمختلف مناطق المملكة، ذكرت وزارة الثقافة والاتصال الصحف الإلكترونية التي تتوفر فيها شروط الملاءمة القانونية، بضرورة الالتزام بالحيثيات المنصوص عليها في المادة 21 من قانون الصحافة والنشر، وبموجب المادة 35 من الباب الخاص بخدمات الصحافة الإلكترونية، والمتعلق برخصة التصوير القبلية والبيانات المرتبطة بها، وذلك قبل تغطية أي حدث برسم هذه السنة.
وأكدت الوزارة، في بلاغ عممته على الصحافة، أن جميع الصحف الإلكترونية التي تتوفر فيها الشروط القانونية، ستستفيد من التصريح الذاتي للتصوير، والمسلم من طرف المركز السينمائي المغربي، كما ذكرت الوزارة أن مدة التصريح تستمر لسنة كاملة، ويكون قابلا للتجديد، وذلك للإنتاج السمعي البصري الموجه لخدمة الصحافة الإلكترونية.
الصحافي ملزم بتطبيق القانون
وفي حالة ضبط تصوير صحيفة ما لنشاط معين دون التوفر على الترخيص المذكور "تقوم الوزارة بترتيب جميع الآثار القانونية الواردة في المادة 35 من قانون الصحافة والنشر"، حسب البلاغ ذاته.
وفي هذا السياق، قال عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن الوزارة لم تقم إلا بتذكير المواقع الإلكترونية بالقانون، على أن يتم الالتزام به عند تصوير الاحتجاجات أو أي نشاط آخر، من خلال فرض التوفر على الترخيص.
وشدد البقالي، في تصريحه لموقع "الدار"، على ضرورة التزام المنابر الإعلامية بالقانون، "حتى لا تكون هناك نوع من الفوضى، خصوصا عند تغطية الاحتجاجات". يسجل المسؤول النقابي.
وبخصوص الإجراءات التي من الممكن أن تتخذها النقابة لحماية الصحافيين المصورين من أي أذى خلال تغطيتهم لاحتجاجات الأساتذة، أفاد البقالي أن النقابة لن تركز كثيرا على هذا الأمر "لأن قانون الصحافة بيّن، فقد جاء بالدرجة الأولى ليحمي الصحافيين من كافة أشكال الاعتداء والتضييق، وخصوصا عندما يزاول الصحفي عمله، لكن على الصحفي، بالمقابل، الالتزام بالقانون"، وفق تعبيره.
غياب آليات حماية الصحافيين
من جهته، قال محمد عبد الوهاب العلالي، الخبير في قضايا الإعلام والاتصال، أن الجدل المطروح حول الممارسات الصحفية الإلكترونية "قائم ويفرض نفسه بحدة، من خلال العديد من الممارسات التي تحدد صلة الصحافة المهنية والسلطة والمجتمع، كما يفرض نفسه من خلال أحداث كبرى تعرفها البلاد"، على غرار احتجاجات الأساتذة المتعاقدين.
واعتبر الخبير، في تصريحه لموقع "الدار"، أن وزارة الاتصال من الواجب عليها إصدار مثل هذه البلاغات، لأنها "مطوقة بمهام التأطير في مجال مهنة الصحافة، وضمان النصوص القانونية التي تضمن ممارسة الحريات الصحفية في بيئة تضمن ذلك، وتسمح للصحفي بمزاولة مهامه بكل حرية ومهنية في إطار القوانين المعمول بها"، إلا أنها "لا تمتلك آليات ميدانية لرصد ومتابعة خروقات وتجاوزات قد تأتي من ممثلي السلطات العمومية أو الصحفيين أنفسهم أو من طرف المجتمع"، على حد قوله.
وأفاد العلالي أن هذا الوضع يحتم على الدولة حماية الصحافيين و"صون الحريات والبيئة الآمنة والطبيعية للممارسات الصحفية، واعتماد القانون، للوقوف عند أي انزلاقات، مهما كان مصدرها، وهي مهمة تتطلب برنامجا شاملا للتربية على التعامل مع الصحفيين المهنيين خلال فترات الأزمات".
من جهته، قال حسن اليوسفي، الإعلامي الباحث، أنه من المعلوم أن يقوم الصحافي المهني بتغطيات تضعه في مواقف حرجة، معتبرا أن "الحق في المعلومة التي أصبح دستوريا الآن يحتم على الصحفي التواجد في أماكن من عين مكان الحدث، كي ينقل الحقيقة كما هي، مجردة من أي انحياز، وبكل موضوعية ومهنية، الأمر الذي يطرح سؤال الحماية الجسدية حتى يقوم بمهمته على أكمل وجه".
الترخيص تضييق على حرية التعبير
وأكد اليوسفي أن الصحافي المهني معرض دائما للمضايقات والانتهاكات الحقوقية مادامت مهمته نقل الحقيقة، والأمر لا يقتصر على المغرب حسبه، "بل في جميع دول العالم هناك انتهاكات ومضايقات تستهدف الصحفيين أثناء أداء مهمتهم، لأجل ذلك وجدت لجنة حماية الصحفيين، التي تعمل على حماية الصحفيين من مضايقات الحكومات، حينما تكون حالات المنع أو المضايقة من ممارسة حقهم في أداء مهنتهم في ظروف طبيعية"، على حد قوله، مؤكدا "أن المغرب من الواجب عليه مواكبة الأحداث التي يتعرض فيها الصحافي للمضايقات التي تصل، في بعض الأحيان، للاعتداء اللفظي أو الجسدي".
وتبقى مسألة التصوير من أبرز تجليات هذه المضايقات، حسب اليوسفي، الذي تساءل كيف يتم فرض الترخيص على الصحافي وكأنه بصدد تصوير فيلم سياسي، في حين أنه لا يقوم إلا بواجبه في التغطية؟ وأوضح "هناك إجراءات إدارية وقانونية تعجيزية وجب توفرها لكي يقوم الصحافي بعملية التصوير، اليوم، وطبقا للتعليمات القانونية، وجب التوفر إذن على ترخيص بالتصوير، يجدد كل سنة، من طرف المركز السينمائي المغربي، وفيه من الشروط الكثير.
وزاد "المضايقات إذن متعددة الأوجه والمظاهر، فمنها المباشر بالاعتداء الجسدي أو اللفظي، وغير المباشر كمسألة ترخيص التصوير"، وكل ذلك "يعتبر تضييقا على حرية الرأي والتعبير، وحرية تداول المعلومة الصحيحة". يختم حسن اليوسفي، الإعلامي الباحث.