الرأيسلايدر

الجزائر…تاريخ بلد أنهكته الانقلابات واختار جنرالاته “شماعة” المغرب لتبرير الأزمات

الدار- خاص

من 1600 سنة الى اليوم، تعاقب على حكم الجزائر عدد من الشخصيات والأسماء والجنسيات،  وصولا الى حكم الرئيس الحالي، عبد المجيد تبون، الذي كرس عقيدة النظام العسكري، المعادية للمغرب، ووحدته الترابية.

ومن خلال تتبع المخاض السياسي بجزائر ما بعد الاستقلال، يتضح أن السمة البارزة بالبلاد هي عدم الاستقرار السياسي، وغياب الاجماع الوطني حول الماسك بزمام الحكم والسلطة، إضافة الى كثرة الانقلابات العسكرية، بشكل يدخل الجزائر اليوم في خانة البلدان “غير مستقرة”، بحسب عدد من التقارير الدولية، التي ترصد الحالة الجزائرية، والتي تؤكد في مجملها بأن النظام العسكري هو الآمر والناهي بالبلاد.

في هذا المقال سنرصد أهم المراحل التاريخية وأبرز الأسماء التي تعاقبت على حكم الجزائر بعد الاستقلال.

في الخامس من يوليوز 1962، أعلنت الجزائر استقلالها بعد 132 عاما من الاستعمار الفرنسي وحرب التحرير الدامية التي استمرت قرابة 8 سنوات، وخلفت  1.5 مليون جزائري استشهدوا خلال الحرب.

أحمد بن بلة…أول رئيس من أصل مغربي يحكم البلاد بعد الاستقلال

في الـ11 أبريل 2012، رحل  أحمد بن بلة٬ الذي يعد أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال٬ عن عمر يناهز 96 عاما. حكم الجزائر لمدة سنة واحدة و 9 أشهر و 4 أيام، من 15 أكتوبر 1963 إلى 19 يونيو 1965.

يعتبر أحمد بن بلة، أحد الوجوه السياسية والتاريخية البارزة التي ناضلت من أجل حصول الجزائر على استقلالها، حيث لازال الشعب الجزائري يتذكر للرجل سجله الحافل في النضال ضد الاستعمار٬ توجهه نحو خيارات إيديولوجية تقطع مع الحقبة الاستعمارية٬ و ذلك خلال الفترة بين تنصيبه رئيسا للجمهورية سنة 1962٬ في ظل مناخ يتسم بالتقلبات المرتبطة بالتنافس الشرس بين مكونات الطبقة السياسية إبان تلك الفترة٬ وإلى غاية الإطاحة به وسجنه سنة 1965 من طرف وزير دفاعه هواري بومدين.

ظل الراحل أحمد بن بلة يحظى بتعاطف كبير من الشعب الجزائري٬ ودعم منقطع النظير من طرف حركة دعم الشعوب المغاربية٬ ولاسيما من المغرب٬ الذي لم يتوان قط عن تسخير جميع الوسائل لدعم ومساندة حركة تحرير الشعب الجزائري الشقيق من ربقة الاستعمار.

ظل بن بلة قائدا مغاربيا وفيا لقناعاته الراسخة٬ خاصة في ظل اعتزازه وافتخاره بأصوله المغربية٬ بعد أن هاجر أجداده في بداية القرن الماضي من نواحي مراكش للاستقرار بالغرب الجزائري.

ذاق الراكل بن بلة،  مرارة السجن ثلاث مرات٬ بعد تنحيته عن السلطة سنة 1965 وإلى غاية سنة 1979٬ حيث فضل بعدها الابتعاد عن الساحة مفضلا المنفى الاختياري في لوزان قبل عودته إلى الجزائر سنة 1990.

هواري بومدين…أوصله الانقلاب الى السلطة وظلت وفاته “لغزا”

تولى الراحل هواري بومدين، زمام السلطة في الجزائر لسنة و5 أشهر و21 يوما، عبر انقلاب عسكري على الرئيس بن بلة، من 19 يونيو 1965 الى أن توفي يوم 27 دجنبر 1978 بمرض مفاجئ، وصادم، لازال لغزا محيرا إلى اليوم، خصوصا وأن زوجنه أنيسة بومدين، قالت سنة 2005 ان ” الملف الطبي لزوجها ظل يُصنف على أنه “سري”.

يعد الراحل من أبرز رجالات السياسة والحكم بالجزائر في النصف الثاني من القرن العشرين. اسمه الحقيقي هو  محمد إبراهيم بوخروبة،  لكن في عام 1957 أصبح  معروفا باسمه العسكري هواري بومدين.

رأى النور يوم 23 غشت عام 1932 لعائلة ريفية متواضعة الحال بقرية بني عدي قرب جبل هوارة، على بعد 15 كيلومترا من مدينة قالمة بالجزائر. كان عضوا نشيطا في منظمة الوحدة الأفريقية “الاتحاد الافريقي” حاليا، ومنظمة دول عدم الانحياز،، كما شارك عام 1970 إلى جانب الرئيس الموريتاني المختار ولد داده، وجلالة الملك الراحل الحسن الثاني في مؤتمر نواذيبو بموريتانيا وبارك تقسيم الصحراء بين المغرب وموريتانيا، لكنه غيّر رأيه  فيما بعد وساند جبهة “البوليساريو”  الانفصالية.

الشاذلي بن جديد …رئيس مهد لـ”العشرية الحمراء”

هو ثالث رئيس للجزائر، بعد استقلالها عن فرنسا. يعد الشاذلي بن جديد، أحد قادة حرب التحرير في الجزائر، حكم البلاد في الفترة ما بين 9 فبراير 1979 و 7 فبراير 1992، واستقال في فترة سياسية حرجة على وقع تدخل الجيش الشهير في عملية الانتخابات.

بعد مخاض سياسي عسير، نُظمت أول انتخابات تشريعية تعددية في الجزائر، أواخر عام 1991 ففازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، لكنَّ الجيش رفضَ حكم صناديق الاقتراع وألغى نتائج الانتخابات وأعلن حالة الطوارئ. وضع دفع الشاذلي بن جديد الى الاستقالة في 11 يناير 1992 لتدخل البلاد مرحلة دموية من تاريخها عُرفت بـ”العشرية الحمراء”، ويُقدَّر أن نحو ربع مليون جزائري سقطوا في موجة العنف هذه.

منذ هذه الأحداث، اعتزلَ الرجل السياسة، وعاش بقية حياته في هدوء وصمت، الى أن وفاته المنية يوم 6 أكتوبر عام 2012 في مستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة الجزائر، وشُيِّع رسميا يوم 8 أكتوبر 2012.

محمد بوضياف…رئيس عشق المغرب واغتالته النيران الصديقة

يعد أحد الوجوه التاريخية للثورة الجزائرية ضدَّ الاستعمار الفرنسي، وأحد مؤسسي جبهة التحرير الوطني.  غادر الجزائر واستقر في المغرب نحو ثلاثة عقود )28 سنة(، بعد أن اختلف مع الرئيس السابق أحمد بن بلة غداة الاستقلال، فسُجن ثم حكم عليه بالإعدام لنشاطه السياسي، قبل أن يعود ليتولى رئاسة البلاد في ظروف أزمة.

وُلد محمد بوضياف في أسرة من أشهر أسر منطقة المسيلة بالشرق الجزائري يوم 23 يونيو1919. اعتقل محمد بوضياف في عام 1963، وسُجن أسابيع دون علم ذويه، وبعد أن نجح في تسريب رسالة إلى وسائل الإعلام الدولية روى فيها معاناته في السجن اقترح عليه النظام اللجوء إلى سويسرا لكنه رفض وأفرج عنه خريف ذلك العام، لكن سرعان ما أُدين في قضية أخرى تستهدف زعزعة النظام وحُكم عليه بالإعدام.

استقر الراحل في المغرب، حيث استمر في نشاطه السياسي إلى حين وفاة الرئيس السابق هواري بومدين أواخر 1978، فأعلن حلّ حزبه والتفرغ للنشاط التجاري حيث كان يُدير مقاولة بمدينة القنيطرة بضواحي العاصمة الرباط.  خلف بوضياف الرئيسَ الشاذلي بن جديد وأدى اليمين في 16 يناير 1992، وشنَّ خلال فترة رئاسته القصيرة هجوما إعلاميا شديدا على الفساد، وتعهد بجعل القضاء عليه أهم ركائز برنامجه السياسي.

بعد قضائه 166 يوما فقط في الحكم، اغتيل بوضياف بنيران العسكري مبارك بومعرافي خلال اجتماع عام بمدينة عنابة شرقي البلاد يوم 29 يونيو 1992.

على كافي…رجل الفترة الانتقالية

توفي عن 58 عاما. كان علي كافي رئيسا لـ “المجلس الأعلى للدولة” الذي حكم الجزائر لفترة انتقالية (1992-1994) بعد إلغاء الانتخابات التشريعية التي فازت في دورتها الأولى “الجبهة الإسلامية للانقاذ”.

وعين علي كافي في 1992 عضوا في المجلس الاعلى للدولة الذي حكم البلاد بعد الغاء الانتخابات التشريعية التي فازت في دورتها الاولى الجبهة الاسلامية للانقاذ، واستقالة الرئيس الشاذلي بن جديد (1929-2012). وبعد اغتيال رئيس المجلس محمد بوضياف في 29 يونيو 1992، عين علي كافي رئيسا للمجلس في 14 يوليوز الى أن تم تعيين رئيس للدولة في شخص ليامين زروال في 30 يناير 1994.

ابتعد الرئيس الراحل عن كل عمل سياسي وتفرغ لكتابة مذكراته حول حرب التحرير (1954-1962) باعتباره عقيدا سابقا في جيش التحرير الوطني الذي حارب الاستعمار الفرنسي.

اليامين زروال…رئيس أصعب مرحلة

بعد مسار حافل في الجيش الجزائري، و المناصب الدبلوماسية والوزارية، عين اليامين زروال، رئيسا لتسيير شؤون الجزائر طوال المرحلة الانتقالية في 30 يناير 1994.

ووفقا لمراقبين، يعد أول رئيس للجمهورية انتخب بطريقة ديمقراطية في 16 نونبر 1995، والتي تقول المعارضة انها انتخابات مزورة، في 11 شتنبر 1998 أعلن الرئيس زروال إجراء انتخابات رئاسية مسبقة وبها أنهى عهدته بتاريخ 27 أبريل 1999.

عبد العزيز بوتفليقة…رجل حكم البلاد على “كرسي متحرك

ظل يحكم الجزائر من على كرسي متحرك، الى أن أطاح به الحراك الشعبي، عقب اعلان غبته في الترشح لولاية رئاسية أخرى. رأى النور في 2 مارس 1937 بمدينة وجدة، التي هاجر إليها أبوه من مسقط رأسه تلمسان.

تابع دراسته  الابتدائية والثانوية في المغرب بمدرسة سيدي زيان والمدرسة الحسنية وحصل على شهادة الدروس الابتدائية سنة 1948، ثم على شهادة الدروس التكميلية الإسلامية في السنة نفسها.

تعرض لمحاولات اغتيال ونجا منها، الأولى في شتنبر 2007، في باتنة (400 كم عن العاصمة) حينما حصل انفجار قبل 40 دقيقة من وصوله للمنصة الشرفية خلال جولة له شرق البلاد، وخلف الحادث 15 قتيلا و71 جريحا، كما نجا أيضا من تفجير بواسطة انتحاري يحمل حزاما ناسفا حيث تم اكتشاف أمره من طرف شرطي فهرب إلى الجمهور الذين ينتظرون الرئيس وفجر نفسه وسط الحشود.

في أبريل 2013، تعرض بوتفليقة لجلطة دماغية، ونقل مباشرة إلى مستشفى فال دو قراس العسكري في فرنسا، ليعود الى البلاد في 16 يوليوز 2013 وهو على كرسي متحرك، مما زاد في الجدل حول قدرته على تولي مهام الحكم في البلاد.

في  17 أبريل 2014، أعيد انتخابه لولاية رئاسية رابعة بأكثر من 80% من الأصوات في انتخابات قاطعتها المعارضة وأدلى فيها هو بصوته على كرسي متحرك، قبل أن تنطلق شرارة الاحتجاجات ضد ترشحه لولاية خامسة في 2 فبراير 2019، ليعلن في 11 مارس من ذات السنة تأجيلها، معلنا أيضاً أنه لن يترشح فيها. و في 2 أبريل 2019، سيعلن بوتفليقة استقالته من منصب الرئاسة قبل أسابيع قليلة من نهاية عهدته في 28 أبريل.

توفي عبد العزيز بوتفليقة عن عمر ناهز 84 عاما، يوم الأحد، 19 شتنبر 2021، وأقيمت له  مراسيم تأبين رسمية بالعاصمة الجزائر.

عبد المجيد تبون…رئيس كرس العداء ضد المغرب و يقود الجزائر الى الهاوية

جاء الى سدة السلطة في الجزائر على إيقاع احتجاجات الحراك الشعبي المطالبة بالديمقراطية، وهو ذات المطلب الذي حاول عبد المجيد تبون، استغلاله في حملته انتخابية حينما وعد الشعب الجزائري ب”جزائر جديدة”، رغم أن شيئا لم يتحقق من ذلك في ظل تغول النظام العسكري.

شغل رئيس وزراء الجزائر الأسبق في حكومة 2017 للفترة من 25 ماي 2017، إلى 15 غشت 2017 في عهد الرئيس بوتفليقة، ووزيرا للسكن والعمران في عدة حكومات جزائرية، ووزير للاتصال وتبوأ مناصب مختلفة في الدولة.

فاز في الانتخابات الرئاسية في 13 دجنبر 2019، والتي ترشح لها تبون كمرشح حر، وأتى في المركز الأول (58.15 ٪)، في انتخابات لم تتجاوز فيها نسبة المشاركة 40 بالمئة.

منذ مجيئه الى السلطة، عمل على تكريس عقيدة النظام العسكري المعادية للمغرب، ووحدته الترابية، حيث لا يتوانى في مهاجمة المملكة كلما أتيحت له فرصة، قبل أن يصل به الأمر الى قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، ومنع الطائرات المغربية من المرور فوق الأجواء الجزائرية.

حاول رفقة الكابرانات المحيطين به رفع “شماعة” المغرب كلما اشتد بهم خناق الشارع الجزائري المطالب بالديمقراطية ومحاربة الفساد، حيث يحاولون الصاق جميع الكوارث التي تحل بالجزائر، بالمغرب، بشكل تحول معه تبون، ومن معه من الجنرالات، وعلى رأسهم السعيد شنقريحة، الى سخرية واستهزاء على شبكات التواصل الاجتماعي.

زر الذهاب إلى الأعلى