بعد هزيمة “داعش”.. أطفال رضّع جياع ونساء أرامل جرحى
سوء التغذية وعدم اكتمال النمو وكسور في الأرجل.. هي بعض الإصابات والأمراض التي تتضمنها سجلات الأطقم الطبية في مخيم الهول بشرق سوريا لأطفال رضع نُقلوا من ساحة المعركة ضد "داعش" الإرهابي، إلى العيادة المكتظة التي تفتقر إلى نظافة المنشآت الصحية ويتم نقل أصعب الحالات إلى أقرب مستشفى ويبعد ساعتين بالسيارة على طريق غير ممهد.
وأغلب هذه الحالات لأطفال رضع ضامري الأجساد ولدتهن زوجات مقاتلي "داعش" خلال الحرب. ويتكدس آخرون التماسا للعلاج الطبي البسيط في غرفة الانتظار المغطاة، وفي المستشفى اضطر العاملون لبناء حجرتين متنقلتين فوق السطح لتكونا قسما مؤقتا لعلاج الأطفال الرضع الذين يعانون من سوء التغذية ويُحشر كل اثنين أو ثلاثة منهم في سرير واحد.
ويعاني العاملون في المجال الطبي جراء نزوح أكثر من 60 ألف شخص من الباغوز المعقل الأخير لـتنظيم "داعش" في شرق سوريا لمجاراة سيل المحتاجين للرعاية الطبية في المخيم، وفي مستشفيات تفتقر للمعدات اللازمة، وتقول جماعات المساعدات الإنسانية إن العشرات وخاصة من الأطفال ماتوا في الرحلة التي يبلغ طولها 240 كيلومترا إلى مخيم الهول أو عقب وصولهم إليه.
وفي منطقة الانتظار يجلس على مقاعد خشبية أو على الأرضية الخرسانية عشرات، وصل أغلبهم من الباغوز خلال هدنة قصيرة تم ترتيبها الشهر الماضي لإجلاء المدنيين والمتشددين المستسلمين ويراقب أطفال جالسون على كراس متحركة الموجودين بينما يعلو صراخ الأطفال الرضع أثناء تضميد جروحهم أو حقنهم بالأدوية.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة قد أعلنت هزيمة "داعش" في مارس الماضي، والتي كانت تمتد في على جانبي الحدود السورية العراقية وذلك بعد طرد مقاتلي التنظيم من قرية الباغوز.
وأصبح النازحون في الأسابيع القليلة الماضية عبئا على نظام الرعاية الصحية في المناطق الخاضعة للإدارة الكردية في شرق سوريا، وفي العيادة الموجودة بمخيم الهول الذي يستضيف أكثر من 70 ألفا من الذين نزحوا بسبب العنف.
وفي غرفة بأحد مستشفيات مدينة الحسكة القريبة كانت براء الكردي، زوجة أحد أعضاء "داعش" والتي تبلغ من العمر 19 عاما، ترقد بلا حراك بجوار ابنها المصاب بحروق من الدرجة الثالثة تغطي وجهه. وقالت بصوت خافت ”أصبت بشظية في الرأس. كنا بجوار سيارة محملة بالذخيرة والمتفجرات وفيها أحزمة ناسفة جاهزة لكي يستخدمها المقاتلون“ في العمليات الانتحارية، وأضافت ”قُتل زوجي. وابنتي عمرها شهر واحد. موجودة في الدور العلوي في قسم الأطفال حديثي الولادة“.
ورقد أطفال آخرون، كثير منهم شقر أو بملامح آسيوية، على الأسرة في هدوء وقد غارت عيونهم وبرزت عظام خدودهم من سوء التغذية. ومن أسماء الأطفال التي سجلتها الأمهات في سجل المرضى علي الأذربيجاني وعلي الأوزبكي ومحمد سكرامو والأخير اسم نرويجي.
ورفض عدد من الدول الأوروبية عودة مواطنيها الذين انضموا لتنظيم "داعش"، الأمر الذي فرض ضغوطا إضافية على السلطات المحلية في التعامل مع الأسرى والمرضى.
وقالت ممرضة في القسم "يصل الأطفال من المخيم ليل نهار. لدينا الآن أكثر من 70 طفلا حديثي الولادة يعالجون من سوء التغذية". وقالت "أغلب الحالات يتم علاجها وتعاد إلى المخيم. توفي عدد قليل. ونحن نبذل قصارى جهدنا. لكن لدينا موارد محدودة حتى قبل هذا الطوفان".
وتقول لجنة الإنقاذ الدولية إن أكثر من 200 شخص توفوا في طريقهم إلى المخيم أو عقب وصولهم إليه في الأشهر القليلة الماضية. وقالت اللجنة هذا الأسبوع إن ما بين 30 و50 حالة تُحال للمستشفيات المحلية كل يوم. وقال مسؤول محلي بقطاع الصحة طلب عدم نشر اسمه ”يصل إلينا 30 سيارة إسعاف كل يوم". وأضاف ”توجد مساعدات من المنظمات الدولية للقادمين من الباغوز. وأغلبهم أجانب. ونستطيع بالكاد توفير الرعاية الصحية لأهلنا“.
المصدر: الدار – رويترز