الدار/ هيام بحراوي
صادق المجلس الحكومي المنعقد يوم أمس الخميس على مشروع القانون الذي يهم كيفية استفادة الموظف الرجل الذي ولد له طفل أو أسندت إليه كفالة من رخصة عن الأبوة، مدتها خمسة عشر يوما متصلة ومؤدى عنها.
هذا القانون رحب به العديد من الموظفين لأنه كان ثمرة جلسات الحوار التي خاضتها النقابات مع الحكومة، ونظرا للإمكانية التي سيتيحها للآباء الذين كانت في السابق لا تكفيهم المدة للقيام بالإجراءات التي تتطلبها زيادة المواليد.
غير أنه بمجرد الإعلان عن المصادقة على هذا المشروع حتى شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب جدلا واسعا، بسبب أن هذه العطلة سيستفيد منها موظفي القطاع العام دون موظفي القطاع الخاص .
حق الأبوة
وحسب ما تم التصريح به، فإن الموظف المعني يستفيد من رخصة الأبوة بناء على طلبه وخلال الفترة الممتدة من تاريخ ولادة الطفل أو إسناد الكفالة إلى أن يبلغ المولود أو المتكفل به سن 14 أسبوعا.
كما ينص هذا المشروع على استفادة الموظفة التي أسندت إليها كفالة طفل تقل سنه عن 14 أسبوعا، طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، من رخصة عن الكفالة تمد من تاريخ إسناد الكفالة إلى أن يبلغ المتكفل به السن المذكورة.
ويقضي المشروع أيضا باستفادة الموظفة التي وضعت مولودا أو أسندت إليها كفالة طفل من رخصة عن الرضاعة، تحدد مدتها في ساعة واحدة في اليوم، ابتداء من تاريخ استنفاد الرخصة الممنوحة عن الولادة أو الكفالة، إلى غاية بلوغ الطفل المولود أو المتكفل به سن أربعة وعشرين شهرا، على أن تقوم الإدارة بتحديد أوقات الاستفادة من هذه الرخصة بناء على رغبة الموظفة المعنية مع مراعاة حسن سير المرفق.
تحصيل حاصل
من جهته ، صرح علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل تعقيبا عن القرار الأخير الذي اتخذته الحكومة والذي هو ناتج على الاتفاق الذي أفرزه الحوار الاجتماعي ، أنه كان مطلوبا من الحكومة أن تناقش وتصدر قرارات بشأن الوضع الاجتماعي “البئيس” الذي يعيشه معظم الموظفين من خلال التسريع في الزيادة في أجور موظفي الدولة والجماعات الترابية وموظفي القطاع الخاص ، لمواجهة تكاليف المعيشة خاصة ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية الواسعة الاستهلاك.
أما مسألة عطل الأبوة أو الرضاعة بالنسبة للأمهات اعتبرها المتحدث، تحصيل حاصل قائلا ” تأخرنا كثيرا في تمثيل الاتفاقيات الدولية لمنظمة العمل الدولية في حماية حقوق المرأة خاصة أثناء الحمل وبعد الولادة وخلال الرضاعة “.
وتساءل المسؤول النقابي، عن جدوى منح هذه العطلة للآباء وأنه كان أولى الزيادة في حجم التعويضات العائلية ، لتغطية مصاريف الحليب وحاجيات نمو الطفل أما هذه الضجة التي أقامتها الحكومة حسب وصفه، فاعتبرها ” زوبعة ” بدون جدوى.
واستغرب المتحدث، من ازدواجية المعايير في اتخاذ القرارات التي تميز بين القطاعين العام والخاص . وتساءل هل الأجراء والأطر والمستخدمين في القطاع الخاص لا يتزوجون و لا يرزقون بأبناء ؟
عطلة الأبوة للأساتذة
عبد الحق صيفار، رئيس الجمعية الوطنية لمنخرطي تعاضدية التعليم، اعتبر بأن القرار الذي اتخذته الحكومة فيما يخص تمديد عطلة الأبوة لمدة 15 يوم هو مقبول وإيجابي بالنسبة لباقي القطاعات، باستثناء قطاع التعليم، الذي توقع أن يتسبب القرار في إشكال كبير فيما يخص تعويض أساتذة التعليم في القطاع العمومي الذين سيستفيدون من عطلة الأبوة المحددة في 15 يوما .
وقال أن القرار هو في صالح باقي القطاعات لأنه لن يؤثر على سير العادي للمؤسسات، عكس قطاع التعليم الذي يؤكد يعاني من خصاص في الأساتذة، متسائلا عن الكفية التي سيتم بها تعويضهم.
أما بخصوص الجدل الحاصل حول التمييز في منح هذه العطلة بين القطاع العام والخاص، فأوضح أنه جدل هدفه “إلهاء الموظفين عن المطالب الكبرى وإدخال النقابات لمتاهات كانوا في غنى عنها”.
الرد الحكومي
بعد التساؤلات والتعليقات الكثيرة التي طالت موضوع عطلة الأبوة، عن سبب عدم تمكين القطاع الخاص من العطلة نفسها واعتبار ذلك تمييزا بين العاملين في القطاع العام ونظرائهم في القطاع الخاص .
جاء الرد الحكومي سريعا، حيث نفت الحكومة وجود أي تمييز بين القطاعين العام والخاص، مؤكدة أن عطلة الأبوة الممنوحة لموظفي القطاع العمومي لا تعني إقصاء القطاع الخاص من هذا الحق.
وأفادت الحكومة بأنها تتفاوض مع النقابات العمالية بهذا الشأن ، وصرح مصطفى بايتاس، الناطق باسم الحكومة بأن تمكين موظفي القطاع العام من عطلة الأبوة لمدة خمسة عشر يوما مكسب تاريخي.
وأضاف بايتاس ردا على سؤال بخصوص “التمييز” بين موظفي القطاع العام والقطاع الخاص: “الحوار انطلق وسيتواصل مع النقابات العمالية، والحكومة ستتوصل إلى مكاسب أخرى بفضل المنهجية التشاركية مع الفرقاء الاجتماعيين”، دون أن يؤكد ما إن كان موظفو القطاع الخاص سيستفيدون من العطلة نفسها.
يذكر أن الهدف من هذا المشروع بحسب ما صرح به المسؤول الحكومي هو إقرار بعض التدابير والإجراءات الرامية إلى تكريس الحقوق المرتبطة بالأمومة ورعاية الأطفال، تماشيا مع مضامين الاتفاقية الدولية رقم 183 بشأن مراجعة اتفاقية حماية الأمومة المعتمدة من قبل المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في دورته الثامنة والثمانين، والتي صادق عليها المغرب في 13 أبريل 2011. وكذا تغيير وتتميم أحكام الفصول 38 و39 و46 من الظهير الشريف رقم 1.58.008، من خلال التنصيص على مقتضيات جديدة.
ويمنح مشروع القانون هذا، للموظف الرجل الذي ولد له طفل أو أسندت إليه كفالة من رخصة عن الأبوة مدتها 15 يوما متصلة ومؤدى عنها.
يشار أن مصطفى بايتاس الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أكد في التصريح الصحفي الذي أعقب المجلس الحكومي، إن مشروع هذا القانون يأتي تنفيذا لاتفاق أبريل 2022 مع الفرقاء الاجتماعيين وفي إطار السعي إلى تعزيز حقوق الموظفين، رجالا ونساء، وتمكينهم من التوفيق بين حياتهم المهنية وحياتهم الخاصة، وذلك انسجاما مع مبدأ المسؤولية المشتركة الذي تقوم عليه الأسرة المغربية.