أخبار الدار

بلمير: قيم المؤسسة العسكرية ستساهم في تأهيل الشباب المجندين وإدماجهم

الدار/ حاوره: رشيد عفيف

يعتبر فؤاد بلمير، أستاذ علم الاجتماع، في هذا الحوار أن صورة الخدمة العسكرية بالمنظور التقليدي قد تغيرت اليوم بفضل المستجدات والتحولات التي عرفها المجتمع المغربي. ويؤكد أن المؤسسة العسكرية ستساهم بدورها من خلال الخدمة العسكرية في مجهود التنمية، منبها إلى ضرورة استبدال نعت "الإجبارية" بالوطنية.

– أطلقت وزارة الداخلية عملية إحصاء الشباب الملزمين بأداء الخدمة العسكرية الإجبارية. وتستهدف الفئة مابين 19 و25 سنة، أولا ما دلالات استهداف هذه الشريحة العمرية بالضبط؟

– فعلا بدأ الشروع في تفعيل قانون الخدمة العسكرية التي أفضل أن أسميها الخدمة العسكرية الوطنية، ونبتعد عن  صفة الإجبارية. فهي خدمة عسكرية وطنية معني بها كل من يستجيب للشروط القانونية المنصوص عليها. ويجب في نظري أن نتفق أولا على أنها خدمة وطنية فنحن نعيش في بلد اسمه المغرب وهذا البلد يوفر لنا مجموعة من الشروط المعيشية والقانونية وبالمقابل علينا خدمة هذا الوطن كل من زاويته. وقد تم تحديد هذه الفئة الشبابية لأنها تعتبر الفئة الحيوية للمجتمع المغربي التي تدخل في إطار الساكنة الناشطة المعنية برفع تحديات التنمية التي يسعى إليها بلدنا. أعتقد أن اختيار هذه الشريحة العمرية بالضبط بني على دراسات قد تكون اعتمدت على ما توفره المندوبية السامية للتخطيط من معطيات وإحصائيات يرتكز عليها في مثل هذه الأمور.

– يفترض أن تؤدي هذه الخدمة أدوارا مختلفة في تأطير وتدريب وتكوين المرشحين. لكن من بين أهم أدوارها مساعدتهم على الإدماج في الحياة العامة. كيف يمكن أن تساعد الخدمة العسكرية في تحقيق هذا الهدف؟

– يمكن هنا أن نستشهد بفقرة من خطاب ملكي سابق قال فيه الملك محمد السادس بالحرف "ما يحز في نفسي أن نسبة البطالة في  أوساط الشباب تبقى مرتفعة فمن غير المعقول أن تمس البطالة شابا من بين أربعة رغم مستوى النمو الاقتصادي الذي يحققه المغرب على العموم، والأرقام أكثر قسوة في المجال الحضري".

وأظن أن جميع مؤسسات الدولة أصبحت معنية بإيجاد حلول اقتصادية واجتماعية لفئة الشباب التي أؤكد مرة أخرى أنها الساكنة الحيوية التي ينبغي أن تلعب دورا كبيرا في المجال الاقتصادي وفي المساهمة في الرفع من نسبة النمو في هذا البلد. وبالإضافة إلى هذه الأهداف الاقتصادية فهناك أيضا أهداف اجتماعية تتعلق بالإدماج، فمن المؤكد أن الكل اليوم يجمع على أن منظومة القيم تغيرت في مجتمعنا. ودائما ما أشدد على أنه إذا  كان رهان المغرب هو تحقيق التنمية المستدامة فإن هذه الأخيرة تبنى على عمادين: الثروة ومنظومة القيم.

وهذه المنظومة يندرج الاهتمام بها في إطار مجال التربية لتأهيل شبابنا على مجموعة من القيم التي تسير في اتجاه المقومات الحضارية والثقافية لبلدنا الراسخ في التاريخ والمحتاج إلى مواطن ومواطنة متشبعين بقيم مستمدة من هذه الثقافة. والكل يعترف للمؤسسة العسكرية المغربية بتوفرها على منظومة قيم وعلى حرفية كبيرة وتمكن من التكنولوجيا ورغم أن الجانب الأمني ضروري ويبقى حاضرا إلا أنه ليس هو الجانب الأقوى فالمؤسسة العسكرية المغربية لا تنبني على تجميع الحشود وإنما لها تميزها الخاص في محيطها الإقليمي غير المستقر.

والمغرب هو البلد الوحيد الذي يتمتع بنوع من الاستقرار مقارنة مع كل البلدان المحيطة وهو محتاج طبعا إلى تأمين هذا الاستقرار من خلال هؤلاء الشباب الذين سيستفيدون من تكوين محترم بهذه المؤسسة العسكرية حيث سيتم إغناء تجربتهم الحياتية وستزيد من حنكتهم وخبرتهم. فهذه الخدمة الوطنية تستجيب إذن لعملية إدماج هؤلاء الشباب وإدراجهم في منظومة قيم وكذلك تعلم مجموعة من الحرف المفيدة لهم في مستقبلهم.

– ارتبطت الخدمة العسكرية في ذهنية المجتمع ببعض قيم العقاب والانتقام والمعاناة كيف يمكن لهذه الخدمة في إطارها القانوني والتنظيمي الجديد أن تكسر هذه الصورة؟

– هناك طبعا حمولة اجتماعية قديمة نابعة حتى من تلك التسمية أو الوصف الذي يركز على صفة "الإجبارية". لكن المغرب تغير وهناك كثير من المستجدات والتحولات، فنحن نعيش في بلد يسير بخطى حثيثة نحو العصرنة والتقدم بقيادة جلالة الملك. وهذا أمر يشهد به القاصي والداني فالتحولات مست مجموعة من القطاعات وأظن أن نموذج الخدمة العسكرية الوطنية اليوم ليس له علاقة بما كان في السابق بفضل تلك المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. سنلج في اعتقادي  تجربة الخدمة العسكرية بمفهوم وتصور جديدين يرتكزان على تمكين الشباب من منظومة قيم ترتكز على حب الوطن والانتماء إليه، خصوصا أننا لاحظنا في السنوات الأخيرة نوعا ما أن هؤلاء الشباب بدؤوا يقطعون صلتهم بتاريخ هذا البلد وأمجاده. ومن المطلوب أن يعود هؤلاء للتعرف على بلدهم وعلى تاريخهم لتحقيق الأهداف المتوخاة في مجال التنمية التي لا يمكن أن تتحقق دون شباب متمكنين من المقومات الحضارية والثقافية للبلد، ودون هذه المؤسسة العسكرية المعروفة بانضباطها وقيمها ويمكنها المساهمة في التنمية بإدماج هؤلاء الشباب في المجتمع.

– يتساءل عموم المواطنين عن سر إعفاء أرباب السوابق من التجنيد الإجباري علما أنهم أولى بإعادة التأهيل. إلا تعتقد أن هناك حاجة إلى توظيف الخدمة العسكرية في معالجة وضعيات بعض الفئات الاجتماعية الخاصة وعلى رأسهم هذه الفئة؟

– المؤسسة العسكرية لها قواعدها وضوابطها وفلسفتها وبالتالي فاختيارها للشباب المجندين يجب أن يستجيب لبعض الشروط المبنية بدورها على دراسات تؤكد أن هناك أشخاص وفئات لا يصلحون لأداء هذه الخدمة العسكرية على الأقل في صيغتها الراهنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى