المواطنسلايدر

ظاهرة “أصحاب السترات الصفراء” تكتسح الشواطئ ودعوات لتنظيم قطاع حراسة السيارات

الدار/ هيام بحراوي

 

يجد العديد من المواطنين المغاربة أنفسهم في مواجهة حراس مواقف السيارات الذين انتشروا بالمدن السياحية و بجنبات المناطق البحرية الساحلية، وهم يرتدون تلك البدل الصفراء الفاقع لونها، ليطالبوا المواطنين بأداء إتاوات قد تتعدى في بعض الأحيان الأثمنة المتعارف عليها، وهو ما قد يجعل البعض يدخل معهم في اصطدامات و مشادات كلامية قد تتطور إلى مالا يحمد عقباه.

ويستغرب عدد من المواطنين الذين يحلون بمجموعة من الشواطئ، التي تحظى بإقبال كبير في مدينة الدار البيضاء و المحمدية، قصد الاستجمام وقضاء يوم من أيام العطلة الصيفية عدم تحرك المجالس الجماعية والسلطات المعنية، لفرض احترام القوانين على هؤلاء الحراس الذين يطالبونهم بدفع عشرة دراهم عنوة وبدون وجه حق.

ﻣﺣﻣد ﻓﺟﺎوي، اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ ﺑﻬﯾﺋﺔ اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء، اعتبر أن الإشكال المتعلق بـ”إبتزاز” حراس السيارات للمواطنين عموما والمصطافين على وجه الخصوص، ناتج عن التقاعس في تقديم شكايات ضد هؤلاء الحراس، الذين يعمدون لفرض إتاوات على المواطنين قسرا ، موضحا في تصريح لموقع “الدار” ، أن غالبية المواطنين ليست لديهم الجرأة لمواجهة حراس السيارات بتلك المناطق التي يقصدونها من أجل الاستجمام والابتعاد عن الضغوط فيرضخون خوفا على سياراتهم لمطالب الحراس الغير قانونية.

وقال أن غالبية حراس السيارات يمارسون نشاطهم بشكل مخالف للقوانين الجاري بها العمل ولا يتوفرون على أدنى ترخيص أو عقد كراء يثبت أحقيهم في استخلاص تلك المبالغ من أجل ركن السيارات وحراستها.

واعتبر أن بعض الحراس يتحالفون فيما بينهم لممارسة نشاطهم الغير القانوني، لأن مدينة الدار البيضاء ومختلف المدن الساحلية على حد قوله تعاقدت مع شركات خاصة لتدبير هذا القطاع على حسب علمه.

فرجال القانون يجمعون على أن استغلال المساحات الفارغة بجنبات الشواطئ يتم في الغالب بطرق غير قانونية وأن الجماعات ليس لها الحق في كراء تلك الأماكن بأي صيغة من الصيغ، وإذا منحت بعض الجماعات لبعض الأشخاص حق استغلال تلك الأماكن فإن ذلك يتم بطرق غير قانونية .

نصب واحتيال

من جهته ، أكد يوسف لحسينية، رئيس مقاطعة عين السبع بالدار البيضاء، في تصريح لموقع “الدار”، أن استغلال جنبات الشواطئ من طرف حراس السيارات ، هو بمثابة نصب واحتيال، وأن المواطنين عليهم التأكد من توفر الحراس الذين يفرضون عليهم إتاوات على الترخيص لمزاولة مهامهم المتعلقة بحراسة السيارات .

وفي حال  تعرضهم للابتزاز، يضيف ” ما عليهم إلا الاتصال بالأمن”، مؤكدا أن الجماعة بعين السبع لم تقدم أي ترخيص احتراما للمواطنين وأن شواطئ عين السبع  مفتوحة في وجه العموم.

وأوضح أن تلك الأراضي يتم استغلالها من طرف البعض لأنها تابعة للخواص، لذلك يقع المواطنين فريسة سهلة لأصحاب البذل الصفراء ويرضخون لابتزاز.

المدن الساحلية

تشهد المدن الساحلية كالدار البيضاء والمحمدية ، هذه الأيام اكتظاظا منقطع النظير على مستوى الفضاءات المطلة على الشواطئ، خاصة أيام السبت والأحد، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع حالات الإبتزاز التي يتعرض لها السائقين من طرف بعض الحراس الذين يحاصرون السيارات مطالبين بإتاوة للاستفادة من مساحة لركن عرباتهم.

وفي حالة رفض المواطنين لدفع تلك الإتاوة التي قد تتعدى 10 دراهم ، يتعرضون إما للسب والشتم أو الإعتداء في بعض الأحيان.

وينتشر هؤلاء الحراس في المناطق الساحلية التي تعرف توافدا كبيرا للمواطنين، خلال عطلة الصيف وتوافدا متزايدا للسياح، وهو ما يجعل عددا كبيرا من الشباب يفضلون امتهان حراسة السيارات، خلال هذه الفترة مستغلين الفراغات القانونية لفرض إتاوات تنغص على المصطافين أيام عطلتهم الصيفية.

موسى سراج الدين، رئيس جمعية أولاد المدينة، أوضح لموقع “الدار”، أن عمدة مدينة الدار البيضاء، لم تسلم أي رخصة لمزاولة مهنة حراسة السيارات بمدينة الدار البيضاء برسم سنة 2022، لحدود اليوم.

وأضاف أن الثمن المحدد بالنسبة لمواقف السيارات، في الأرصفة العمومية هو درهمين، وأن هذه المهنة وبسبب الفوضى التي تشوبها بشواطئ المدن الساحلية تدر أموالا طائلة على أًصحابها ، الذين قد يقوم بعضهم، بإبتزاز أصحاب السيارات، مشيرا أن ما يقوم به هؤلاء الحراس، قد يعرضهم للإعتقال في حال تقدم السائقين بشكايات للعامل أو الوالي .
أحمد أفيلال، نائب عمدة مدينة الدار البيضاء، كان قد صرح، أن مجلس المدينة لم ينته بعد من عملية إحصاء ممتهني حراسة السيارات، والتي كان قد أطلقها لتحديد عدد الأشخاص الذين يزاولون هذه المهنة، بهدف حل المشاكل التي تقع بينهم وبين أصحاب السيارات بسبب تسعيرة الوقوف، وكذا لوضع آليات عصرية تهدف إلى تدبير مرافق وقوف العربات على الطرق العمومية.

وأكد أفيلال، في تصريحه، أن المجلس كان قد عقد عددا من اللقاءات، لفتح الحوار حول كيفية إيجاد خطة لتنظيم هذه المهنة، بناء على الشكايات التي كان قد توصل بها في أكثر من مناسبة، مشيرا إلى أن البيضاويين يعانون بكثرة من سلوكيات حراس السيارات ويطالبون بإيجاد صيغة مناسبة لتنظيم هذا المجال.

وأكد أفيلال أن بعض الأماكن ستشهد إنشاء عدادات إلكترونية لتدبير توقف السيارات بالطرق العمومية، في حين ستحافظ أماكن أخرى على التدبير المفوض لهذه المجالات عبر حراس السيارات، والذين ستمنح لهم الرخصة لمزاولة هذه المهنة وفقا لحالاتهم الاجتماعية.

تنظيم المهنة

إسماعيل حواسي ، صاحب موقف سيارات ، طالب في تصريح لموقع “الدار” بتنظيم المهنة ومنح التراخيص لحراس مواقف السيارات، للحد من “العشوائية” التي جعلت حسب وصفه ” كل من هب ودب يرتدي البذلة الصفراء ويحتل المكان العمومي بدون وجه حق”.

وقال أنه كمالك لموقف سيارات ، قرر مؤخرا الابتعاد عن هذه المهنة والبحث عن بديل لها بعدما ضاق ذرعا بالممارسات التي يقوم بها بعض السائقين الذين  يقول يرفضون أداء مبلغ الحراسة معللين ذلك بأنها مجانا، وهو ما أثار غضبه ، خاصة وأنه لا يستطيع عمل أي شيء لعدم توفرهم كحراس على تراخيص تضمن لهم أحقيتهم في ممارسة المهنة بكرامة ودون الدخول في مشاجرات لا معنى لها.

من جهته ، يقول عبد الكريم الشافعي ، رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك بأكادير الكبير، ونائب رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك لموقع “الدار”،إن الجامعة أصدرت عدة بلاغات تحذيرية في هذا الشأن، موضحا أن ظاهرة “ابتزاز” حراس السيارات للمواطنين أصبحت تهدد  السلم الاجتماعي للمغاربة، بسبب ما يتعرضون له من تهديد ووعيد من قبل بعض الحراس الذين أساءوا لهذه المهنة التي تشكل مصدر دخل لكثير من الأسر.

وصرح الشافعي، أنه رغم تأكيد الجماعات الترابية على أنهم لم يمنحوا أي ترخيصات لأصحاب البذل الصفراء “فإننا لا زلنا نرى و نسمع عن الاستفزازات والممارسات اللاقانونية التي يمارسها هؤلاء في حق المواطنين والتي ازدادت استفحالا مع بداية فصل الصيف، حيث أصبحوا يفرضون اتاوات على السيارات بمختلف الشواطئ التي هي ملك عمومي للمغاربة”.

وطالب الشافعي المسؤولين عن هذا القطاع بالتدخل لتنظيمه والحد من الفوضى والعشوائية التي تشوبه ، مطالبا السلطات الوصية وعلى رأسها وزارة الداخلية والجماعات الترابية بتقنين الوضع.

تشديد المراقبة

أضحت ظاهرة إبتزاز”حراس السيارات” للمواطنين عموما، تثير جدلا كثيرا على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث خاض رواد هذه المواقع عدة حملات فايسبوكية طالبت المسؤولين بتنظيم مهنة حراسة السيارات، وتشديد المراقبة على ممتهنيها والحد من طمعهم، خاصة من يمارسون هذه المهنة بشكل عشوائي ومخالف للقانون.

وعلى ضوء الحملات الفايسبوكية لجأت مجموعة من الجماعات على صعيد عدة مدن ساحلية بتعليق إعلانات بمداخل الشواطئ تعلم فيه المواطنين أن ثمن حراسة السيارات هو محدد في درهمين أو ثلاث، وأن من تعرض لأي مضايقات عليه الإتصال بالسلطات المعنية.

وقد عادت هذه الظاهرة للواجهة مؤخرا، بعدما أثارت صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، جدلا كبيرا من طرف مستعملي السيارات، تظهر ثمن خيالي لتذكرة حراسة السيارات في الموقف المخصص لها بمدينة مراكش، بلغ 50 درهما ما أثار غضب متتبعي الشأن العام ومستعملي السيارات.

وقد طالب برلمانيون بالقضاء على  ظاهرة حراس السيارات العشوائيين وكذا تحديد تسعيرة بعض مواقف السيارات. موضحين ” أن المواطن المغربي يعاني من سلوك عدد من الأشخاص الذين يفرضون منطقهم الخاص بدعوى حراستهم للسيارات بدون رخص قانونية، مشيرين إلى أن البعض من هؤلاء الأشخاص أصبح يحدد تعرفة ركن السيارة وفق هواه، لافتين إلى صورة متداولة أثارت ضجة من قبل الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي لإشهار تعرفة من طرف بعض الاشخاص تخص ركن السيارات بقيمة 50 درهم بمراكش.

بدوره سبق وكشف الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، نور الدين بوطيب، إن استغلال مرفق وقوف السيارات يدخل في إطار الاحتلال المؤقت للملك العمومي الخاضع لمجموعة من القوانين والأنظمة.

وأوضح بوطيب، في معرض رده على سؤال شفوي حول “غياب إطار تنظيمي لمهنة حراسة السيارات”، تقدم به فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أن “استغلال مرفق وقوف السيارات يدخل في إطار الاحتلال المؤقت للملك العمومي الذي يخضع لمجموعة من القوانين والأنظمة، ولا سيما القانون التنظيمي 14.113 المتعلق بالجماعات، والذي خول للسلطات المحلية والمجالس المحلية ورؤسائها، كل في ما يخصه، صلاحية تنظيم ومراقبة مجال الاحتلال المؤقت للملك العمومي بشكل عام“.

ولفت الوزير المنتدب، في السياق ذاته، إلى أن تنظيم وتدبير مرافق العربات بالطرق والساحات العمومية هو اختصاص مخول لرؤساء المجالس الجماعية.

وأضاف أن مجموعة من الجماعات اتجهت نحو وضع آليات عصرية تهدف إلى تدبير مرافق وقوف العربات على الطرق العمومية، عن طريق إحداث شركات للتنمية المحلية أو التدبير المفوض.

وسجل أن الآليات العصرية السالفة الذكر بدأ تطبيقها فعليا في بعض المدن الكبرى، والتي أصبح فيها هذا القطاع منظما، وتم الحد من تطاول بعض الأشخاص عليه بصفة غير قانونية، كما تم إعطاء الفرصة لتشغيل وتنظيم هؤلاء الحراس بشركات مهيكلة خاضعين لقوانين الشغل المعمول بها.

وخلص إلى أن السلطات الإقليمية تعمل على عقد عدة اجتماعات حول مسألة تنظيم مواقف السيارات، وتضم مختلف المتدخلين من مصالح الأمن الوطني والدرك الملكي والسلطات المحلية، من أجل اتخاذ التدابير وتكثيف المجهودات بغرض مواجهة كل ما من شأنه أن يخل بتنظيم السير والجولان بشكل عام.

زر الذهاب إلى الأعلى