بنهيمة: لهذا اخترت حزب الاستقلال وأغلبية العثماني غير متماسكة
عاد المدير العام السابق للخطوط الملكية المغربية "لارام"، إدريس بنهيمة، أخيرا، إلى الواجهة بعد ظهوره في التجمع الحزبي لحزب الاستقلال الأخير بمدينة العيون، مما طرح تساؤلات عديدة حول الطموحات السياسية والحزبية للرجل، الذي قيل بأن غضبة ملكية أطاحت به من على رأس "لارام".
في هذا الحوار مع صحيفة "ليكونوميست" يتحدث الوالي السابق لجهة الدار البيضاء الكبرى، عن أسباب اختياره لحزب الاستقلال، وطموحاته السياسية، ورأيه في الوضع السياسي بالبلاد وأغلبية سعد الدين العثماني، وكذا عن النموذج التنموي الجديد، وعلاقة التقنوقراط بالسياسية وحزب التجمع الوطني للأحرار.
عن ليكونوميست: ترجمة وإعداد المحجوب داسع
ليكونوميست: لماذا اختارت حزب الاستقلال لدخول غمار السياسة ؟
– إدريس بنهيمة: إنه سؤال جيد، طرحته على نفسي أيضا، بعد اتخاذي القرار. هناك أشياء من هذا القبيل يفعلها المرء دون النظر إليها كثيرا، لكن تتطلب نوعا من التأمل لشرح منهجها الخاص. هناك ثلاثة أنواع من الأسباب دفعتني إلى الانضمام لحزب الاستقلال. أولا، عكس ما هو كائن اليوم، أصبح دور صانعي القرار السياسي أقوى بكثير. إذا أخذنا حالة أي قطاع، فهناك من ناحية المشاريع الرئيسية التي يتم تعبئة جميع الطاقات فيها، ولكن من ناحية أخرى هناك قضايا معقدة لا يمكن للوزير أن يتعامل معها بشكل يومي حيث يجب أن يجد حلا وسطا إيجابيا بين العديد من أصحاب المصلحة المؤثرين والعديد من أصحاب المصالح.
إن المشاركة في النقاش، وصياغة فكر سياسي هو بالنسبة لي من جهة، نشاط شخصي متوافق مع وضعي وطريقة للدفاع، بشكل متواضع، عن أفكاري حول الصالح العام، بعد تجربة دامت اثنين وأربعين سنة من تدبير الشأن العام.
من جديد، اخترت جدوى المشاركة في النقاش السياسي، ما الحزب الذي وقع عليه اختيارك؟
اخترت حزب الاستقلال، لكونه يجمع أربعة مبادئ راسخة في حزب الاستقلال. أولا، القومية هو القول، والرغبة في الدفاع عن استقلال بلادنا بجميع الأشكال، وليس فقط السياسة. ثانيا، حماية وتعزيز هويتنا الثقافية على أساس الاعتقاد تقاسم القيم الجماعية. هذه القيم تأتي من أعماق التاريخ ولكونها تجمع بين احترام التنوع ونشطاء المعارضة اللغوية أو الطائفية الاجتماعية. التعبيرات الثقافية القوية التي تنتشر في البلاد، سواء في الصحراء، أو الأمازيغية والإفريقية وحتى الأوروبية واليهودية هي مكونات الأمة المغربية، التي كان يتحدث عنها علال الفاسي. صحيح أنه كانت هناك ميول في الطبقة السياسية المغربية بعد الاستقلال لنشر نموذج الهوية المركزية الثقافية الوطنية، خصوصا في أوساط البرجوازية الحضرية الأندلسية. وحزب الاستقلال لم يكن بمنأى عن هذه الحركة المستوحاة من القومية العربية والسلفية، التي أضحت من الماضي، وأنا واثق من أن الحزب يأخذ بعين الاعتبار مسألة تنوع مجتمعنا المغربي.
الشخصيات التكنوقراطية تعطي الانطباع بميولها أكثر للانضمام إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، لماذا لم يكن الأمر نفيه بالنسبة لك؟
– صحيح أنه من الناحية التاريخية، كان حزب التجمع الوطني للأحرار، حزبا يضم أطرا من القطاع العام الذين وجدوا في هذا الحزب امتدادًا لأعمالهم كخبراء تكنوقراط، دون إنكار حيادهم السياسي فيما يتعلق بالمواقف الحزبية الإيديولوجية التي كانت ستظهر لهم عديمة الفائدة. اليوم، يبدو أن المزيد من قادة القطاع الخاص يختارون هذا الحزب، لكن لا يمكنني تفسير دوافعهم وراء ذلك، لكن من الصحيح أيضًا أنني مدين كثيرًا لـلحزب.
دعمني قادته، ونوابه دائمًا في مناصبي والمسؤوليات التي توليتها، من خلال دعوتي إلى البرلمان بين عامي 2012 و2014. لكن حزب الاستقلال يختلف عن الأحرار، وأجد حزب الاستقلال أكثر تنوعا، وأكثر رسوخا في المغرب العميق.
لماذا الانتظار حتى سن التقاعد للاستثمار في المجال السياسي؟
– أولا، العكس هو الطبيعي والصحيح، وهو اكتشاف الانتماء السياسي عند تحمل مسؤولية رسمية، الذي يعني تضارب المصالح.
لذلك من المهم في رأيي، أن يكون رئيس مؤسسة عمومية مستقلاً، وألا يكون في وضع يسمح له بانتقاد الحكومة سياسياً. علاوة على ذلك، لقد رفضت دائمًا أن أكون نشطًا في الاتحاد العام لمقاولات المغرب لنفس الأسباب. لكن لا شيء يحظر دعم مواقف الاتحاد باستخدام جميع الحلفاء السياسيين الذين يمكن إقناعهم. لقد تحدثت عن هذا الأمر مع نائب برلماني ذات مرة، لكنني تمكنت أيضًا من إقناع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية بتعديلات على الضرائب الجوية السياحية وقانون الطيران المدني. في كل حالة، من أجل المصلحة العامة للخدمة العامة، وهذا يعني مصالح المواطن.
– هل تنوي الترشح للانتخابات البرلمانية والجماعية القادمة؟
-هذا الأمر ليس في أجندتي في الوقت الحالي، وأنا راض تمامًا من انضمامي إلى شبكة اقتصاديي حزب الاستقلال.
في حالة تعديل حكومي، ودخول الاستقلال إلى الحكومة، ما هي فرصك في أن تحمل حقيبة وزارية؟
– لا أعرف ماذا سأقول، لكن أكرر الرد نفسه: أنا فقط عضو أساسي في شبكة اقتصاديي حزب الاستقلال.
ما هي قراءتك للوضع السياسي في المغرب، وما هي مؤاخذاتك على حكومة العثماني؟
– أنت تجرني بهذا السؤال بعيدًا عن مجال خبرتي وأخشى ألا أوفق في الرد على السؤال. كل ما يمكنني قوله هو أنني أوافق مع رأي نزار بركة عندما دعا إلى تعديل المادة 47 من الدستور، التي تنص على تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي احتل المرتبة الأولى في الانتخابات.
فهذه المادة، لا تنص بشكل صريح حول كيف نتصرف إذا فشل رئيس الحكومة في تشكيل أغلبية برلمانية خلال فترة زمنية معقولة.
الأغلبية الحكومية الحالية تعطي انطباعًا بأنها مصطنعة ولن تكون هي نفسها بدون المادة 47. وهذا يضر بإجراءات الحكومة بل ويمنع التماسك الحكومي في القضايا المهمة، كما ان المواطنين يحسون بالذهول من وضع سياسي لا تتقاسم فيه الاحزاب السياسية المشكلة للأغلبية الحكومية نفس الأهداف السياسية بطريقة عميقة، وهو ما يؤثر على تطبيق القوانين.
جميع مجموعات الضغط والشركات لا تتردد في تحدي طلبات الحكومة، بمجرد إزعاجهم وغالبًا ما تخرج هذه المجموعات منتصرة، بسبب عدم تماسك الأغلبية الحكومية. المادة 47، في رأيي، تعاقب بشدة الوضع السياسي والإجراءات الحكومية. ومن الأفضل تعديلها بشكل سريع، وتبسيطها، وإزالة أي إشارة إلى الانتماء الحزبي لرئيس الحكومة المعين.
– هناك انطباع بأننا نعيش انتظارية على جميع المستويات، الاقتصادية، السياسية، بماذا تربط ذلك؟
يبدو أن الجميع متفق على أن هناك أزمة ثقة، لكن في رأيي، الوضع أفضل بكثير، وهذا نفس موقف حزب الاستقلال. ونحن نعتبر ان الطبقات الوسطى هي التي تعاني من الكآبة، وتحس منذ عدة سنوات بانعدام الاستقرار. أصبح الولوج إلى الصحة والتعليم والعمل والسكن أكثر صعوبة بالنسبة لهذه الفئة من المواطنين. أضف إلى ذلك أن الطبقات الوسطى الحضرية هي التي وضعت حزب الأغلبية في الصدارة وهي طبقة تشعر بخيبة أمل. يحتفظ حزب العدالة والتنمية بجميع المدن الكبرى، لكن الفوضى الحضرية مستمرة، و المشاريع الكبيرة المستوحاة من جلالة الملك. باختصار الطبقات الوسطى تعاني.
يدور النقاش حاليا حول النموذج التنموي الجديد، ماذا ينقصنا؟
أنا أقل حدة منك. أجد أن النقاش مهم. في الواقع، لن نغير فعلا من نماذج التنمية، التي ستبقى متمركزة ومؤسسة على الليبرالية واستخدام المبادرة الخاصة كمحرك للتنمية. لكننا سنفعل شيئين. أولاً، العودة إلى أساسيات هذا النموذج التي لم يتم احترامها مثل العدالة الضريبية وتنظيم السوق والحكامة، على الرغم من أنها برزت على هذا النحو في إجماع واشنطن الذي يعد أساس النموذج الحالي في المغرب. هذا من ناحية، من ناحية أخرى، علينا أن نواجه التحديات الجديدة للعولمة، ولا سيما الانقسامات الإقليمية والاجتماعية المتزايدة، التي تفرض إنشاء آلية تضامن جديدة. لكن الرهان الحقيقي لهذه النقاشات حول النموذج التنموي الجديد هو ما يجب القيام به ومايناسبه. اقتحمت الليبرالية بلادنا، التي فرضها فشل النموذج السابق الذي تميز بالدور المباشر للدولة في الاقتصاد.
لم يكن هذا الدخول مصحوبًا بالتربية اللازمة والمفاهيم المهمة، مثل ضريبة المواطنة والنضال ضد اقتصاد الريع، كما أنها ليست مفهومة ومقبولة بعمق. لدينا فرصة ذهبية لتعميم هذه المفاهيم.