الرأيسلايدر

أنيروا طريق الأخوة بين الشعبين ….

بقلم : يونس التايب

قبل أيام، أعلن فريق الرجاء البيضاوي عن قراره التعاقد مع 4 لاعبين جزائريين دفعة واحدة، ليعززوا صفوفه خلال الموسم الجديد. و رغم أنه تم تبرير الصفقات الأربع بناء على اعتبارات تقنية و فنية صرفة، إلا أن عددا من المتابعين المغاربة تسائلوا عن جدوى تلك الاستثمارات في وقت يتعين فيه المراهنة على اللاعبين المغاربة و تعزيز مدارس التكوين و التأطير. و في جميع الأحوال، نحن إزاء حالة غير مسبوقة، لا يمكن إلا أن تكون لها تداعياتها الإيجابية على جمهور الكرة في الجزائر، الذي سيلتفت إلى البطولة الوطنية لكرة القدم ليتابع لاعبي الجزائر الذين ينشطون فيها. كما سيتطلع الشباب إلى متابعة أصداء يوميات حياة لاعبيهم في الدارالبيضاء، الذين سيكونون بمثابة سفراء في الاتجاهين و بناة جسور تواصل بين أهل هذه الضفة و تلك.

و قد سبق لعدد من المدربين الجزائريين أن لعبوا ذلك الدور، حين عاشوا بيننا و أطروا فرقا رياضية بالمغرب، منها الرجاء مع المدرب الكبير الشيخ رابح سعدان. كما درب بادو الزاكي بالجزائر، و خلف هنالك صدى كبيرا. و يوجد حاليا مدربون جزائريون جيدون بالبطولة المغربية، و مدربون مغاربة بالبطولة الجزائرية. و هو أمر يعزز علاقات التواصل و يقرب بين جماهير كرة القدم في البلدين.

في نفس السياق، مساء أمس، أثارتني تهنئة جميلة موجهة من فريق الرجاء البيضاوي إلى فريق مولودية الجزائر و جمهوره، بمناسبة الذكرى 101 على تأسيس الفريق. تهنئة لن تمر دون أن تخلف صدى إيجابيا لدى جمهور مولودية الجزائر، ينضاف إلى ما لفريق الرجاء البيضاوي من رصيد تعاطف كبير سابق هناك.

تعبيرات جميلة أخرى أثارت الانتباه هذا الأسبوع، خاصة تلك التي وصلتنا من مدينة بريست الفرنسية، حيث نشأت علاقة أخوة طيبة بين لاعب الوداد السابق أشرف داري و اللاعب الجزائري يوسف البلايني، زميله في فريقه الجديد “بريست” الذي يلعب في القسم الممتاز بالبطولة الفرنسية.

أشرف داري أبرز باعتزاز كبير صداقته تلك، خلال ندوة صحفية، و هو الأمر الذي أكده يوسف البلايني على حسابه على تويتر، حيث نشر صورة تجمعه مع أشرف، مصحوبة بعبارة “أخي Mon frère”. صورة أخرى في تدوينة ثانية، نشرها البلايني مصحوبة براية الجزائر و راية المملكة المغربية، في إشارة لما يربط بين البلدين، أو ما يجب أن يربط بينهما رغم مصائب السياسة.

بكل يقين، نحن في حاجة إلى مثل هذه السلوكات و المواقف الجميلة التي تبهج و تدفع إلى التأمل في مساحات يمكننا استثمارها للتقريب بين الشعبين الشقيقين المغربي و الجزائري، عوض تعزيز التنافر و التجافي و الإساءات المجانية التي لا ترضي و لا تنفع في شيء. و أتمنى أن تساهم هذه التعبيرات و القرارات الرياضية في كسر ديناميكية التحريض السلبي و العداء المجاني التي تحاول بعض الجهات تكريسها بين الشعبين، خاصة بين الشباب، بالاعتماد على خطابات رديئة و تسفيهية، تخلط بين القضايا و الملفات و تروج المغالطات، و تفبرك معطيات بغرض تهييج انفعالات غير صحيحة على حسابات التواصل الاجتماعي، و في أرض الواقع، كما رأينا ذلك في ألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران، من الجمهور الجزائري بشكل لم نكن نتوقعه بنفس الحدة و القسوة.

صحيح أن الاختلافات السياسية و الإيديولوجية ستظل ترخي بظلالها على تشكيل وعي الرأي العام في البلدين. و صحيح، أيضا، أن قضية النزاع المفتعل بشأن الصحراء المغربية ستظل حجر عثرة في طريق تنقية الأجواء بين البلدين، طالما لم ترفع الجزائر يدها عن الملف و تتركنا نحله على أساس مقترح الحكم الذاتي ضمن السيادة المغربية. لكن، رغم كل شيء، من الضروري أن ننتصر للأخوة المغربية الجزائرية. و إذا كان ذلك متاحا عبر بوابة كرة القدم، فليكن ذلك، ما دام قد تعذر الأمر، لحدود الساعة، عبر بوابة الديبلوماسية، أو عبر بوابة الإعلام و الثقافة والاقتصاد، حيث لا مبادرات إرادية حقيقية تمت، لا من جانب الأشقاء، و لا من جانبنا نحن أيضا.

و ما دام موقفنا مشروعا و قضيتنا عادلة، علينا أن نصبر و نستمر في تذكير إخواننا الجزائريين أننا، مهما غضب بعضنا من بعض، و مهما كانت طبيعة الصراع بين بلدينا، لا معنى لاستمرار التجافي و العداء، لأن ذلك عيب أخلاقي و حضاري، و المنتصر في أي صراع بيننا، كيفما كانت طبيعته و ساحته، لن يكون إلا منهزما لأنه لا قيمة لانتصار الأخ على أخيه.

ليرزقنا الله الهداية، لنا جميعا و بصفة خاصة لزمرة التحريض و الاسترزاق، حتى تكف الألسن عن قول السوء، و تجف الأقلام عن كتابة مقالات و تدوينات التحريض، و نعود جميعا إلى كلمة سواء بيننا أن لا يظلم بعضنا بعضا، و أن نعمل ما يقرب بين وجهات نظر أبناء الشعبين الشقيقين لا ما يبعد، و أن نحترم مؤسسات دولتينا و رموزنا الوطنية، و أن نبني جسور الثقة و لا نهدم أسس التواصل، و أن نراعي و نحترم إرث الدماء الزكية للشهداء المغاربة و الجزائريين الذين سقطوا في معارك الجهاد المشترك ضد الاستعمار من أجل أن يستقل المغرب و تستقل الجزائر …

زر الذهاب إلى الأعلى