الدار/ تحليل
معطيات ليست بالمفاجئة، تلك التي كشف عنها التقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط، والتي تفيد بأن أكثر من ربع الشباب المغاربة، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 ويشكلون 1,5 مليون شاب، لا يعملون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين”.
وفي السنوات الأخيرة، ظلت عدة تقارير لمنظمات وطنية ودولية، تدق بانتظام ناقوس الخطر بشأن بطالة الشباب، التي توصف بأنها “آفة مجتمعية خطيرة” تغذي مشاعر السخط والإحباط.
من بين هاته التقارير، ذاك الذي أعده العام المنصرم، المرصد الوطني للتنمية البشرية ، بشراكة مع منظمة اليونيسف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكشف من خلاله عن أرقام أكثر قتامة، مما كشف عنه هذا التقرير الجديد لمندوبية الحليمي.
ليبقى السؤال المطروح اليوم : ما هي دلالات هذا التقرير وأي قراءة يمكننا اعطاؤها له ؟
الواقع أن تقرير المندوية السامية للتخطيط، جاء مرة أخرى لينصف “حكومة عزيز أخنوش”، بشأن جدوى “برامج التشغيل” التي أعلنت عن اطلاقها أخيرا، لاستهداف الشاب العاطل عن العمل وتحفيز التشغيل، وفي مقدمتها برنامجي فرصة وأوراش.
وفي وقت تعالت فيه أصوات بعض المنتقدين، خاصة في صفوف أحزاب المعارضة، لهذين البرنامجين، واعتبارهما بلا جدوى، يأتي تقرير مندوبية الحليمي، ليفنذ كل هاته الادعاءات، مؤكدا الحاجة الملحة للبلاد الى برامج مماثلة، من أجل امتصاص كل هاته الجحافل من العاطلين.
والأكيد أن بطالة الشباب هي “قنبلة موقوتة”، والأرقام الصادرة بشأنها، من أي جهة كانت، يجب إيلائها الاهتمام الكامل، باعتبارها من الآفات الخطيرة، التي تغذي الإحباط والاستياء الشعبي، وتشكل مرتعا خصبا لاستقطاب الشباب صوب التطرف أو الاجرام، إضافة الى ما لذلك من تعبات اقتصادية، اجتماعية، أمنية، وسياسية.
وسبق للملك “محمد السادس” التنبيه بوضوح، في الخطاب الذي ألقاه سنة 2017، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية، إلى أن “التقدم الذي يعرفه المغرب لا يشمل مع الأسف كل المواطنين وخاصة شبابنا، الذي يمثل أكثر من ثلث السكان”، داعيا إلى بلورة “سياسة جديدة مندمجة للشباب”.
لذلك ما فتئت حكمة أخنوش، ومنذ مجيئها قبل أقل من عام، تسعى جاهدة، الى التخفيف من التوترات المجتمعية، بحزمة من البرامج الاجتماعية، التي وإن لم تساهم – على المدى القريب – في القضاء على البطالة بشكل نهائي، ستساهم على الأقل في اعادة بريق الأمل الى الشباب ومن خلالهم الى المغاربة قاطبة، بعد عشر سنوات عانوا خلالها الأمرين على جميع الأصعدة.
واليوم يبدو أن الحكومة ماضية، في تنفيذ “برنامجها التعاقدي”، بمفهوم جديد يعتمد أسلوب الاستشراف والتنبؤ والتوقع، في صياغة “الخطط” و”الاستراتجيات”، بما لا يترك مجالا للصدف أو المفاجآت، مع ما يتتبع ذلك، من آفات تعصف بالمجتمع واستقراره، وتجعل كرة الثلج تكبر في غفلة من الجميع.