سلايدرفن وثقافة

هل يعكس حقا محتوى نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي بالمغرب الرأي العام للمغاربة ؟

الدار/ تحليل
تحتل مواقع التواصل الاجتماعي، والأنترنت بشكل عام مكانة مهمة في المجتمع المغربي، وهو ما ساهم في ظهور أنماط جديدة من النشاط على “الشبكة العنكبوتية”، تستجيب لرغبة الأفراد في التواصل وتبادل الخبرات، والتعبير عن ومخاوفهم، وعن تطلعاتهم أيضا.
وتلقي التجربة المغربية مع “عالم الإنترنت”، في العقدين الماضيين، الضوء على الجدلية القائمة بين كل من التكنولوجيا والمجتمع من جهة، والمجتمع والسياسة من جهة أخرى، ثم السياسة والمواطن المغربي، فضلا عن الصراع الأزلي بين القوى المحافظة وتلك الحاملة للمشرع الحداثي.
وللاحاطة بالموضوع من كل جوانبه، لابد أولا من القاء نظرة متفحصة، على طبيعة المنصات التي يستعملها المغاربة بمختلف شرائحهم، بما لا يقتصر فقط على استعمالات “الفئة المثقفة” أو “فئة الشباب” أو “الناشطين السياسيين” وغيرهم، بل تتجاوز ذلك لتشمل المغربي البسيط، غير المتعلم، الحرفي، والبائع، الأمي، القروي، واللامنتمي سياسيا، وهلم جرا.
وضمن هذا الاطار، تفيد التقارير، أنه وعلى عكس ما يعتقده كثيرون، بل وخلافا أيضا للاتجاه العالمي الذي يضع فيسبوك في الصدارة، فإن أكثر من 7 من كل 10 مستخدمين مغاربة للإنترنت، يتصلون أولاً وبنسبة كبيرة بتطبيق التراسل الفوري واتساب، متقدماً على الشبكة الاجتماعية التي شارك في تأسيسها مارك زوكربيرج والتي تضم حوالي 70.5٪ من مستخدمي الإنترنت المغاربة. بعد ذلك يأتي اليوتيوب ليلتحق بالمنصة بنسبة 66.5٪.
في مقابل ذلك، ترى النسبة المتبقية في مواقع التواصل الاجتماعي -وفق استبيانات أجرتها منظمات غير حكومية -، مجرد مساحة ترفيهية ومنصة للمرح. وسواء من حيث الاستخدامات أو الدوافع، فهم موجودون بشكل أساسي “للدردشة والشات” أو “تزجية الوقت” أو “التعرف على أشخاص جدد” أو “نسيان مشاكلهم الخاصة” أو “البحث عن الدعم المعنوي”. هذا يدل على أن السبب الرئيسي لوجودهم على الإنترنت يختلف باختلاف الفئة التي ينتمون اليها.
من هنا يطرح السؤال نفسه : هل فعلا ما يروج في مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، خاصة ما تعلق منه بالحملات التي تطلقها بعض الجهات، يعكس فعلا “الرأي/ التوجه العام” للمغاربة ؟
بالعودة الى الأرقام والاحصاءات، نجد الواقع بعيدا كل البعد عنذلك، إذ أن كلمتيْ “فيلم” و “موسيقى” ، باللغتين الفرنسية والعربية، يشكلان على سبيل المثال العبارات الأربع الأكثر طلبًا وبحثا، ضمن منصة مشاركة الفيديو “يوتوب” ، فيما تحتل لعبة “فري فاير” المركز الخامس، من الاختيارات الأكثر شعبية بين المستخدمين المغاربة للمنصة.
وانطلاقا من ذلك، فإن ما يتم الترويج له باعتباره “المحتوى الرقمي للنشطاء المغاربة على الانترنت وشبكات المواقع الاجتماعي” خاصة ما تعلق منه بـ “الحملات الممنهجة والموجهة”، لايعدو كونه في حقيقة الأمر شكلا من أشكال التعبير السياسي، على غرار الندوات والمهرجانات الخطابية وقبلها “حلقيات الجامعة”، والمظاهرات والوقفات الاحتجاجية، والبلاغات والبيانات والمذكرات الخ الخ.
وبناء عليه، فإن مواقع التواصل الاجتماعي – أخذا بعين الاعتبار المعطيات السالفة -، ليست إلا منبرا جديدا لصانعي السياسات والنشطاء والمنتمين للأحزاب والتنظيمات السياسية والفعاليات الحقوقية وغيرها، من أجل الترويج لخطاباتهم واديولوجياتهم، مع محاولة اعطائها زخما وقوة، عبر قولبتها داخل قالب : “الشعب المغربي المقيم في الفايسبوك”.

زر الذهاب إلى الأعلى