أخبار الدارسلايدر

عواجيز الجنرالات في الجزائر تائهون بين السيد الروسي والقائد الفرنسي

الدار/ افتتاحية

من الواضح أن عصابة العسكر في الجزائر بقيادة الأسير السابق لدى القوات المسلحة الملكية السعيد شنقريحة تعيش أحلك وآخر أيامها. هناك جيل كامل من الجنرالات العواجيز الذين يعيشون خريف العمر وأفول مسيرتهم في قيادة نظام متهالك. شنقريحة بلغ السابعة والسبعين من العمر، ومجايلوه من الجنرالات موزعون اليوم بين السجون وبين الإقامات الجبرية. اللواء محمود لعرابة قائد القوات الجوية بلغ العمر ذاته. عمار عثامنية قائد القوات البرية يبلغ من العمر 73 سنة. وقس على ذلك باقي قيادات وأطر الجيش الجزائري. نحن نتحدث عن جيش يحكم بلدا نصف سكانه من فئة الشباب، كما أننا نتحدث عن جيش لا يكتفي بمهامه الدفاعية فقط بل يتحكم في كل صغيرة وكبيرة من شؤون الحكم.

تحت هذه المظلة الشائخة التي يمتلك أغلب عناصرها ثقافة عسكرية متوارثة عن حقبة الحرب الباردة من الطبيعي أن يستمر النظام السياسي في الجزائر تحت قبضة حديدية لا يمكن بتاتا أن تسمح بأي انفراج أو تقدم أو تغيير ولو طفيف. كما أن هذا الارتهان لجيل متقادم من القيادات يعني أيضا الخضوع لاستمرار الهفوات والأخطاء القاتلة في تدبير الأمن الوطني للبلاد وكذا علاقاتها الدبلوماسية سواء مع الحلفاء أو حتى مع الخصوم والأعداء. ولعل هذه المهزلة التي عاشها الجزائريون وهم يرون قائد الأركان يهرول إلى باريس ليستقبله عميد من عمداء الجيش الفرنسي برتبة جد متواضعة أكبر دليل على الخريف الذي وصلته هذه القيادات والأزمة التي ستدخل فيها الجيش والنظام معا.

وفي خضم التحديات الكبرى التي تواجه قيادة من هذا المستوى من المرتقب أن تجد نفسها في بؤرة من المعضلات المتعاقبة خصوصا بعد الإحراج الذي وضعت فيه نفسها بين ولاء تقليدي لروسيا وحاجة ظرفية ومرحلية لفرنسا. السعيد شنقريحة تائه بين موالاة السيد الروسي أو إرضاء القائد الفرنشي، وهو لا يصارح أبناء شعبه بأن سلاح الجيش الجزائري متقادم وينتمي إلى حقبة ولت وأن تطوير قدرات القوات الجزائرية لم يلمس سوى تجديد البزات العسكرية وعمليات التموين التي يستفيد منها أيضا قياديون كبار. هل يستطيع شنقريحة أن يفسر للجزائريين الضعف الكبير الذي أضحت تعانيه القوات الجوية مع تجاوز معداتها للعمر الافتراضي وتوقف روسيا عن توريد قطع الغيار بسبب الحاجة الماسة إليها في حرب أوكرانيا؟

الجيش الجزائري ترعبه اليوم فكرة التفوق الجوي للقوات المسلحة الملكية بفضل تكنولوجيا الطائرات المسيرة التي تم إدماجها بسرعة في عتاد الجيش الملكي وتكوين جيل كامل من عناصر القوات المسلحة المؤهلين في مجال التعامل مع هذه التقنيات. من أين سيأتي شنقريحة بطائراته المسيرة وحليفه الروسي نفسه يتزود بها من إيران؟ فليستعد الأسير السابق كي يصرخ هو أيضا “حكرونا حكرونا” إذا ما سولت له نفسه خوض مغامرة غير محسوبة العواقب. حتى ترف المتاجرة بالعداء المجاني مع المغرب لم يعد متاحا اليوم لعصابة شنقريحة بعد انكشاف عورة العصابة العسكرية وهزالة مستوى تفكيرها الظرفي أو الاستراتيجي.

ومع تضييق منافذ التحرك أمام شيوخ الجنرالات وفشل كل المناورات التي كانت موجهة ضد المغرب، سيجد هؤلاء أنفسهم قريبا أمام مساءلة الرأي العام الجزائري ثم المغاربي. وبعد فضيحة زيارة فرنسا لتلقي التعليمات المباشرة من ماكرون تفقد قيادة العَواجيز رصيدها المتبقي من الدعايات والبروباغندا، ويزداد الغضب الشعبي تفاقما أمام هدر الفوائض الهائلة من البترودولار المحصلة منذ أن بلغت أسعار المحروقات مستويات قياسية في الأسواق الدولية، في معارك فارغة لا تهم الشعب الجزائري لا من قريب ولا من بعيد. ومن المؤكد أنه كلما تأخرت عصابة العسكر عن استيعاب وفهم المرحلة التاريخية التي يمر منها العالم والمنطقة كلما زادت ورطتها استفحالا وتراجعت فرصها لإنقاذ الوضع.

زر الذهاب إلى الأعلى