هل تستبيح الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أرواح السوريين ضحايا نظام بشار الدكتاتوري؟
من موحشات العمل الحقوقي المغربي، الذي ابتلانا به عزيز غالي ومن معه، هو أن يشارك رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مرفوقا بثلة من الحواريين، في وقفة احتجاجية أمام مقر السفارة الأمريكية بالرباط، رافعين مطالب “دموية” تمعن في استحلال أرواح نصف مليون مواطن سوري أبادهم نظام بشار الأسد الدكتاتوري.
فأن يخرج عزيز غالي وعبد الإله بن عبد السلام وخالد السفياني لمناصرة بشار الأسد، الذي شرد خمسة ملايين مواطن سوري وجعلهم يتسولون في المدارات الطرقية في مختلف أنحاء العالم في شتات جديد، إنما هو ضرب من “العهر الحقوقي”. فمن يناصر من تلطخت يداه بالدماء، وباع وطنه لنظام الملالي في إيران، إنما هو شريك في هذا “العهر” ومحرض على جرائم الحرب التي اقترفها النظام السوري الغاشم.
وقد اخترنا عمدا لفظة “العهر” للدلالة على وقفة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومن يدور في ركابها، لأننا نعلم أن عزيز غالي وباقي الرفاق لا يعتبرون هذه الكلمة تنطوي على إهانة ولا تستوجب المتابعة! أليس هم من طالبوا القضاء بإسقاط تهمة الإهانة والقذف عن سعيدة العلمي عندما وصفت البوليس بأبناء العهر والفجور؟ أم أنهم سيتنكرون لهذه “السابقة الحقوقية” ويشتكون بنا مثلما اشتكوا بزملاء صحافيين، صدقوا أن المشرع المغربي “يسدل حماية قانونية على المبلغين عن شبهات الفساد المالي”، كما صدقوا كذلك أن “الحقوقيين” يؤمنون بحرية الصحافة وبالحق المقدس في التعبير.
لكن تبقى المفارقة الغريبة التي تثير كثيرا من الحنق والاشمئزاز والغثيان، هي أن يطالب أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومعهم السفياني ومعتصم وبن عبد السلام بإلغاء قانون “سيزر” الأمريكي الذي يحمي المدنيين السوريين، رغم أن بشار الأسد قتل من قتل وأباد من أباد وشرد من شرد، وفي الوقت نفسه يساندون البرلمان الأوروبي في هجماته الممنهجة ضد بلدهم الأصلي المغرب.
فهل يعقل أن ينافح رفاق عزيز غالي من أجل تبييض سجل بشار الأسد، الذي يضج بالدماء المغدورة، وفي الوقت نفسه يساندون البرلمان الأوروبي الذي يزدري بلادهم، ويدعمونه في مزاعمه وفي حروبه السياسية والاقتصادية والثقافية؟ إنها فعلا مفارقة غريبة تحتاج لكثير من التأمل والتذكر والتبصر.
لكن من يلتحف رداء العمل الحقوقي، ويجعل من حقوق الإنسان أصلا تجاريا يعيش من عائداته، ويسمح لنفسه، في الوقت ذاته، بتقديم شكايات ووشايات ضد الصحافيين والمنابر الإعلامية، لقادر على أن يتجاسر بدعم نظام بشار الأسد الإرهابي، ولقادر كذلك على أن يرقص فوق جثث ضحايا هذا النظام الغاشم.
هؤلاء الضحايا الأبرياء الذين سيختصمون عند الله، في يوم مبين، وموعد قريب، من كل قاتل سافك للدماء.. ومن كل “حقوقي” متواطئ.