أخبار الدارسلايدر

الخطر الإرهابي القادم من تندوف.. إلى متى هذا الصمت؟

الارتباط بين ميليشيا البوليساريو المسلحة وبين التنظيمات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل والصحراء لم يعد أمرا في حاجة إلى إثبات. فتنظيم ولاية الدولة الإسلامية بالصحراء الكبرى يخضع اليوم لقيادة عدنان أبو الوليد الصحراوي، الذي يعد أحد العناصر البارزة التابعة لجبهة البوليساريو الانفصالية. كما أن مخيمات اللاجئين المحتجزين في تيندوف أضحت تشكل خطرا واضحا بسبب تفريخها لعناصر تنتقل من جبهة البوليساريو للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية. ينضاف إلى هذا وذاك الارتباطات الجديدة التي فتحتها الجزائر عبر علاقاتها المشبوهة مع إيران وحزب الله لكي تدعم الجبهة الانفصالية في مخططاتها التخريبية. وقبل هذا كله احتفاظ هذا التنظيم الانفصالي بترسانة من الأسلحة الفتاكة من كل الأنواع بعيدا عن أي رقابة دولية أو إقليمية.

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو لماذا هذا الصمت الغريب عن تنظيم بهذه الخطورة في منطقة حساسة وجد ملتهبة؟ ما الفرق بين تنظيم البوليساريو والتنظيمات الإرهابية بمنطقة الساحل التي لم تتردد قوى دولية كبرى في العمل على تفكيكها والقضاء عليها؟ مثلما فعلت فرنسا قبل سنوات في مالي. هذا السؤال يؤكد بالملموس أن هناك توظيفا سياسيا دوليا، أو على الأقل من بعض القوى الغربية على الخصوص، لهذا الملف من أجل ممارسة المزيد من الابتزاز والتحكم في هذه المنطقة، تحت طائلة التهديدات الأمنية واستمرار مطالب الانفصال وتقرير المصير المزعوم. وإلا فإن مجرد توفر تنظيم عسكري لا يمتلك لا دولة ولا حكومة، ولا أرضا ولا هوية، على ترسانة هائلة من الأسلحة وعلى أعداد كبيرة من المقاتلين المرتزقة من كل البلدان والجهات، يمثل في حد ذاته تنسيقا إرهابيا ينبغي الحد منه.

وهذا هو موقفنا المشروع في المغرب تجاه ما يحدث من حولنا، وعلى حدودنا الشرقية. استمرار الجزائر في احتضان جبهة البوليساريو الإرهابية هو دعم للتخريب والإرهاب وتهديد لاستقرار بلادنا، ومن ثمة فإن ما ينبغي القيام به سواء من طرف السلطات المغربية أو من قبل الهيئات العربية والإفريقية والدولية هو الانكفاء على مقاربة هذه الظاهرة من وجهتها الحقيقية. جبهة البوليساريو لم تعد مجرد تنظيم راديكالي يساري من بقايا الحرب الباردة، وإنما هي تنظيم إرهابي خالص، فحمل السلاح والتهديد به باستمرار لا يمكن أن يخرج أبدا عن هذه التهمة، ولا أن يبرّر بأي مبررات أخرى، سواء كانت إيديولوجية أو تاريخية أو جيواستراتيجية. ينبغي العمل إذن منذ الآن على تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية.

لذلك فإن الرهان الذي ينبغي أن ترفعه الدبلوماسية الوطنية على المدى القريب والمتوسط سيكون هو العمل على تصنيف رسمي، أممي ودولي، لهذا التنظيم باعتباره تنظيما إرهابيا لا أقل ولا أكثر. ولأجل تحقيق هذه الغاية سيتعيّن علينا حشد كل الإمكانات المتوفرة دبلوماسيا وسياسيا وفكريا وثقافيا من أجل إقناع المنتظم الدولي بخطورة استمرار هذا التنظيم في حمل السلاح، خصوصا بعد كل الارتباطات التي ثبتت بينه وبين مختلف التنظيمات الناشطة في منطقة الساحل والصحراء، بعيدا عن أي رقابة أو متابعة بآليات دولية أممية أو إفريقية. وإذا كانت بعض القوى الدولية الفاعلة تعتبر هذا الملف خارج دائرة أولوياتها، فإنه بالنسبة لنا في المغرب يحتل موقع الأولوية العظمى بالنظر إلى ما يشكله من تهديد لاستقرار بلادنا ووحدتها الترابية.

تنظيم البوليساريو لا يزال يحتفظ بسلاحه، بل لا يزال يتزود بما استجد من الأسلحة، مثلما هو الحال بالنسبة لصفقة الطائرات الإيرانية المسيّرة، وهذا التسلح وحده دليل قاطع على أن الأمر يتعلق بعصابة إرهابية تهدد الأمن والاستقرار، ولا مجال أبدا لاستمرار الترويج لكل الذرائع الإيديولوجية، التي تمت التغطية عليها على مدى سنوات الحرب الباردة بقرارات “الشرعية الأممية”، وتقارير مجلس الأمن، في الوقت الذي كانت فيه الهيئة الدولية قادرة على تصنيف تنظيمات أخرى في نطاق الحركات الإرهابية دون مواربة أو تردد.

زر الذهاب إلى الأعلى