أخبار الدار

شقير: تقوية الجبهة الداخلية أفضل استعداد لتداعيات الحراك الجزائري

الدار/ حاوره: رشيد عفيف

يعتبر الباحث المتخصص في الشؤون الأمنية محمد شقير أن صمت السلطات المغربية عما يجري في الحراك الجزائري هو مقصود لتفويت الفرصة على العسكريين الجزائريين الراغبين في الزج بالمغرب في صراعاتهم الداخلية. ويؤكد أن نجاح الحراك الجزائري في تحقيق أهدافه ستكون له لا شك تأثيرات على الداخل المغربي على المستوى السياسي، منبها في الوقت نفسه إلى ضرورة الاستعداد للسيناريوهات الأسوأ بتقوية الجبهة الداخلية ولململة جراح حراك الريف.

 لا تزال فعاليات الحراك الجزائري تتفاعل في ظل أفق غير واضح. وتستمر السلطات المغربية في صمتها تجاه ما يجري هناك. بماذا تفسر ذلك؟

تجدر الإشارة إلى أن السلطات المغربية قد تميزت في تعاملها مع الشؤون الداخلية في الجزائر  بالكثير من التحفظ والترقب، حيث ظهر ذلك في عهد الملك الراحل الحسن الثاني في تعامله مع العشرية السوداء التي عرفتها الجزائر. لقد حاول العاهل المغربي عدم التدخل في هذه الوضعية الداخلية وذلك بتغليب فريق على فريق آخر أو مساندة معارضي السلطة على الرغم من تورط بعض أجهزة النظام الجزائري في عملية أسني أو المساندة التي كان يقدمها للبوليزاريو الشيء الذي أفقده التوفر على بعض الأوراق السياسية للضغط بها على الطرف الجزائري كالورقة الأصولية على سبيل المثال. ولعل هذا الموقف الذي حافظت عليه السلطات المغربية في تعاملها مع الحراك حيث بقيت ملتزمة بصمت دبلوماسي حول تطورات هذا الحراك  اللهم إذا استثنينا بعض الأخبار التي تذاع في نشرات الأخبار وبعض التحاليل السياسية للوضعية الجزائرية. ولعل هذا الموقف الرسمي يمكن تفسيره بعدة أسباب من أهمها الحساسية المفرطة للقادة الجزائريين فيما يتعلق بشؤونهم الداخلية حيث عرف عنهم كرههم لأي تدخل أجنبي في شانهم الداخلي خاصة من الجار المغربي، بالإضافة إلى أن صانع القرار السياسي يفضل تفويت أي مبرر آو فرصة للسلطات الجزائرية في توظيف أي تصريح رسمي لاستعداء المغرب وتحويل الرأي العام الداخلي إلى اتهام الجار المغربي باستهداف الاستقرار السياسي الداخلي، وبالتالي إشعال بذور حرب مع المغرب تجهض الحراك وتحول الانتباه إلى الخطر المغربي الذي يشكل أحد مكونات العقيدة العسكرية لدى النظام الجزائري وذلك منذ عهد الرئيس بن بله. ولعل الشعارات التي رفعت في بعض مسيرات هذا الحراك التي كانت تطالب برحيل بوتفلبقة المروكي لتعكس بجلاء هذا المعطى إضافة إلى ذلك فالنظام المغربي يرى من مصلحته النأي عن كل موقف أو تصريح قد يفهم خطا أو يوظف سياسيا من طرف الفئات المتواجهة في هذا الحراك لأنه يدرك بان أي تداعيات لهذا الحراك ستهدد أمنه الداخلي خاصة على حدوده مع الجزائر إذ سيكون أول البلدان التي ستتعرض للهجرة سواء من طرف الجزائريين أو غير الجزائريين في حالة اتخذ الحراك أو ووجه بعنف الدولة  

تصر قيادة الجيش الجزائري على خيار الحل الدستوري بينما يطالب الشارع بمرحلة انتقالية واجتثات المنظومة كليا. أي الخيارين يعتبر في مصلحة استقرار المنطقة وأمن المغرب؟

يبدو أن الحراك قد فاجأ سلطات الجزائر حيث لم تكن تتوقع الرد الشعبي الذي طبع هذا الحراك. فالصراع على السلطة قد أعمى مكونات المربع المقرب من رئيس الدولة العاجز الذي أصبح مطية لتحكم الجهات المقربة وعلى رأسه أخ الرئيس  سعيد بوتفليقة وجماعته وبالتالي فان الحكرة التي شعر بها الشعب الجزائري وهو يتعرض لسخرية العالم من ترشيح رئيس عاجز لولاية خامسة وضدا على الدستور بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية جراء تراجع أسعار البترول واستفحال الفساد وكذا تأثير خروج السترات الصفراء بفرنسا التي تشكل غيها الجالية الجزائرية أغلبية كبرى جعلت شرائح من الطبقة الوسطى من أطباء وأساتذة، محامين وقضاة ينضمون إلى الحراك الذي تمدد إلى عدة مدن جزائرية بما فيها العاصمة ولعل هذا ما جعل قايد صالح يفضل اللجوء إلى المقاربة القانونية والدستورية للتخلص من خصومه على رأسهم الثلاثي سعيد بوتفليقة ومدين وطرطاق إلى جانب اعتقال بعض رجال الأعمال المقربين من المربع الرئاسي كنوع من محاربة الفساد واستمالة شرائح مشاركة في هذا الحراك لكن يبدو أن متزعمي الحراك قد رفعوا السقف عاليا مطالبين بتغيير عميق في تركيبة النظام وذلك من خلال المطالبة برحيل  رئيس الوزراء وتأجيل الانتخابات الرئاسية لضمان مرحلة انتقالية يتم التهبيء لهذا التغيير المقترح وبالتالي فتحقيق ذلك رهين بنفس الحراك من جهة وعدم نفاذ صبر المتحكم في المؤسسة العسكرية والضوء الأخضر للقوى الإقليمية، والقوى الكبرى وعلى رأسها كل من الولايات الموحدة وروسيا.

 في حال حدوث سيناريو الأسوأ وانفلات الأوضاع في الجزائر وهو ما لا نتمناه، ما هي التحديات التي ستواجهنا في المغرب وينبغي الاستعداد لها؟

ينبغي لصانع القرار بالمغرب وهو يتتبع عن كثب تطورات هذا الحراك أن يستخلص الدرس العميق من خلال الإسراع في تقوية جبهته الداخلية من خلال انتهاج سياسة اجتماعية فعالة تحد من اندلاع حراك مشابه لحراك الريف وجرادة والإسراع في محو الآثار الجانبية لهذين الحراكين من خلال العفو الملكي على المعتقلين وفتح صفحة بيضاء مع ساكنة هذه المناطق إلى جانب العمل على تقوية حراسته لحدوده الشرقية مع تجنب أي استفزاز عسكري قد يؤدي إلى اندلاع حرب مع الجارة الجزائر التي ستساعد النظام على قمع الحراك تحت مبرر التعبئة لمواجهة العدو الخارجي.

 في حال نجاح الحراك الجزائري في تحقيق مطالبه وتحقيق الانتقال الديمقراطي هل سيكون لذلك تأثير على الوضع السياسي الداخلي في المغرب؟

مما لاشك فيه أن السلطات العليا تتبع وضع الحراك وتطوراته ولعل ما يعكس ذلك هو إسناد حلحلة الحوار الاجتماعي لوزير الداخلية والضغط على مختلف الأطراف للاتفاق على بعض المطالب الاجتماعية وبالتالي فالسلطات المغربية مدركة لحجم التداعيات لهذا الحراك على الوضع الداخلي للبلاد إذ نجاحه سيجعل منه مثالا يحتذى من طرف القوى الحية التي ستطالب بلا شك بمجموعة من المطالب وعلى رأسها إصلاح الوضعية التعليمية والصحية ومحاربة الفساد الذي كان أحد الشعارات التي رفعت في حراك 20 فبراير، والتي عجزت حكومة بنكيران عن محاربته.

ولعل فئات الطبقات الوسطى المتضررة من السياسة المنتهجة من طرف حكومة بنكيران السابقة وخلفه العثماني ستحذو حذو الطبقات الوسطى الجزائرية في تزعمها لأي حراك  والذي بدأت تظهر بعض مؤشراته في إضراب الأطباء والممرضين والأساتذة وغيرهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى