تفاصيل جدل مشروعي قانوني الأمازيغية والمجلس الوطني للغات
الدار/ عفراء علوي محمدي
بعد مرور ما يزيد عن ثلاث سنوات عن تكوين اللجنة الفرعية التابعة للجنة التعليم والثقافة والاتصال، والتي تشارك فيها جميع الفرق والمجموعات النيابية من أجل تدارس مجموعة من المشاريع، من ضمنها مشروع القانون المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، ومشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات، أعلن فريقي المعارضة انسحابهما منها، ليعود القانونين، من جديد، إلى المناقشة داخل قبة البرلمان، عبر المسطرة التشريعية العادية.
ملال: اعتماد المسطرة التشريعية أمر محسوم
في تعليقه على قرار انسحاب فريق الأصالة والمعاصرة والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية من اللجنة الفرعية ومآل قوانين الأمازيغية، قال محمد ملال، رئيس لجنة التعليم والثقافة والاتصال، إن هذا القرار "سيحتم على الأغلبية اللجوء للمسطرة العادية للبرلمان فيما يخص المشروعين، وتتمثل في عرض التعديلات والتصويت عليها من طرف كل فريق".
وأبرز ملال، في تصريحه لموقع "الدار"، أن هذه المسطرة ستمس الهدف المرسوم الذي نشأت من أجله اللجينة، والمتمثل في التصويت على القانون بالإجماع، "لكن لا خيار لدينا الآن، بعد أن انسحبت أحزاب المعارضة، سوى اعتمادها"، وفق قوله.
وزاد المتحدث نفسه أن اللجنة، رئيسا وأعضاء، "تفاجأت بعد توصلها بقرار الفريقين النيابيين"، إلا أنها "تحترمه باعتباره قرارا سياديا، لأنهما اعتبرا أن المسلسل الذي اتخذه المشروعان يعرف بعد التعثر، ومن حقهم بذلك المطالبة باللجوء إلى المسطرة العادية للمصادقة على المشروعين"، حسبه.
في المقابل، اعتبر ملال أن المشروعين بالغا الأهمية، لارتباطهما بتفعيل مقتضى تنزيل الدستور، لا تستوجبان التعامل بمنطق الأغلبية والمعارضة، بل الاحتكام إلى الإجماع، "لكننا لن نمارس أي ضغط ضد هذا القرار، ونظام القانون الداخلي لمجلس النواب واضح في عملية المصادقة على مشاريع ومقترحات القوانين التي تنظمها كذلك الأعراف البرلمانية"، على حد تعبيره.
المهاجري: الأغلبية تعرقل لربح الوقت
من جهته، تحدث هشام المهاجري، البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، عن أسباب انسحاب فريق "البام" من اللجنة، مبرزا أن الأغلبية "تسببت في تعثر مشروع القانونين المتعلقان بالأمازيغية، ووضعت لجينات من أجل ربح المزيد من الوقت"، فيحين لفت إلى أن هذه اللجان الفرعية والتقنية "لا أهمية لها".
واعتبر المهاجري، في تصريحه لموقع "الدار"، أن المسطرة التشريعية لها دور مهم لتقييم مواد القانونين وتقييم تعديلاتها، "أما التوافق بخصوصها فهو أمر غير وارد، لأن الأغلبية نفسها ليست متوافقة، والدليل على ذلك الخلاف الذي تعرفه بسبب حرف تيفيناغ، وهو خلاف إيديولوجي وهوياتي بالدرجة الأولى"، حسب تعبيره
وعن الأسباب التي جعلت فريق الأصالة والمعاصرة ينظم إلى اللجنة في مستهل الأمر، يقول المهاجري: "كنا نطمح في إيجاد صيغة توافقية فعلا مع الأغلبية، غير أن نقاش المشروعين يعود دائما إلى نقطة الصفر بمجرد التطرق إلى مادة أو مادتين، وهذه التراجعات تحتم علينا الاهتداء إلى المسطرة التشريعية".
وسجل المهاجري أن المسطرة التشريعية ستمكن كل فريق من وضع تعديلاته بكل شفافية، وسيعلم الرأي العام حينها من مع القضية ومن ضدها، "دون الاختباء وراء لجينة لا تؤدي أي دور"، حسبه.
وأشاد البرلماني "البامي" بقرار الفريق الاستقلالي للوحدة والتعددية، معتبرا أن فريقي المعارضة الآن "يعيان جيدا أن اللجنة الأصلية أهم من أي لجنة فرعية أو تقنية أخرى، والمسطرة التشريعية هي التي من الممكن أن تساعد على إخراج هذا القانون إلى حيز الوجود بعد المصادقة عليه".
عصيد: انسحاب المعارضة إيجابي ومطلوب
من جانبه، أشاد أحمد عصيد بقرار انسحاب الفريقين من اللجنة الفرعية، قائلا: "هذا الانسحاب طبيعي ومتوقع، وأعتبره أمرا إيجابيا ومطلوبا، كما أدعو إلى انسحاب أحزاب الأغلبية أيضا من أجل إيقاف استمرار العبث الذي يقوده حزب العدالة والتنمية".
واعتبر عصيد، في تصريحه لموقع "الدار"، أن الحزب الأغلبي "يريد عرقلة هذه القوانين، ولا يريد تعديلها وتجويدها، كما يريد إفراغها من مضمونها الأساسي الذي ينص عليه الدستور، وهكذا يضيع الوقت بدون أي جدوى".
وبذلك، فالوضع الآن، بالنسبة لعصيد "يقتضي على جميع الأحزاب الانسحاب من اجتماعات العبث، لإرغام حزب العدالة والتنمية على إنهاء هذه المهزلة، وإدخال التعديلات الضرورية على هذه القوانين حتى تتطابق مع الدستور قبل المصادقة عليها"، والذي يبرز، حسب عصيد، أن هناك في الحكومة من لا يريد أن تصدر هذه القوانين.
آيت الشيخ: قرار ليس في صالح الأمازيغية
في المقابل، لم تشاطر الناشطة الأمازيغية، أمينة آيت الشيخ، عصيد الرأي في مسألة الإشادة بانسحاب فريق "البام" و"الاستقلال"، بل اعتبرته أمرا سلبيا، تقول "القوانين التنظيمين أصبح ككرة الطاولة لدى الأغلبية والمعارضة، فكل يرمي المسؤولية في هذا الصدد إلى الآخر، وهذا يتعلق كذلك بالبرلمان والحكومة، حيث يلقي كل منهما اللائمة على الآخر".
واستنكرت الناشطة، في تصريحها للموقع، كيف لـ"جميع" القوانين أن تخرج إلى حيز الوجود إلا قانون تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والقانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات، اللذان ظلا حبيسا البرلمان، مبرزة أن في الأمر "مبررات سياسوية ضيقة".
وزادت "بانسحاب الفريقين من اللجنة قبل شهرين من إصدار القانونين يبرز أن العجلة ستدور دائما دون نهاية، ولن نصل إلى أي حل"، متسائلة كيف للفريقين أن يوافقا الانضمام إلى اللجنة إذا كانوا سيطالبون، في النهاية، بتمرير القوانين جميعها عبر المسطرة التشريعية العادية للبرلمان.
وسجلت الناشطة الأمازيغية كيف يمكن مناقشة المشروعين مع اقتراب العطل والأعياد، مبرزة أن الأمازيغية "لا زالت تعاني العنصرية بشكل لا يتصور، وتتجلى العنصرية في أبهى تجلياتها على المستوى المؤسساتي".
وعلى غرار الفريق الاستقلالي، كان فريق الأصالة والمعاصرة قد أعلن انسحابه للجنة الفرعية التابعة للجنة اللجنة التعليم والثقافة والاتصال، وعزا أسباب ذلك لـ"فشل اللجنة في بلوغ الهدف الأساسي لها، والمتمثل في تحقيق توافق حول قانون ذي بعد استراتيجي يهم كل المغاربة، بعد تراجع الحزب الأغلبي رغم غياب المبررات".
وانتقد الفريق عدم انسجام مكونات الأغلبية فيما يتعلق بالقضايا الأمازيغية، معتبرا أن في ذلك "تبديدا للزمن التشريعي لقانونين حيويين فاق تأجيل البت فيهما كل تصور من قبل مكونات الأغلبية"، مطالبا بـ"عقد اجتماع عاجل للجنة من أجل استكمال مسطرة التصويت".
من جهته، عزا بلاغ الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، الذي انسحب من اللجنة قبل ثلاث أيام من انسحاب فريق "البام"، (عزا) أسباب انسحاب الفريق إلى "الأعطاب التي واجهت مناقشة مشروع القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين والبحث العلمي، الذي دخل نفقا مسدودا نتيجة ارتباك وخلافات الأغلبية الحكومية".
وأضاف الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية أن "الانسحاب من اللجنة يأتي أيضا بسبب "، ودعا إلى "العودة السريعة للمسطرة التشريعية العادية المنصوص عليها في النظام الداخلي بدل البحث عن توافقات مستحيلة المنال بين مكونات الأغلبية الحكومية".
ودعا الفريق الاستقلالي، بدوره، إلى "العودة السريعة إلى المسطرة التشريعية العادية، المنصوص عليها في النظام الداخلي، بدل البحث عن توافقات مستحيلة المنال بين مكونات الأغلبية الحكومية".
يشار إلى أن دستور 2011 كان قد أولى أهمية بالغة للغة الأمازيغية باعتبارها اللغة الرسمية الثانية للبلاد، واقترن تفعيل طابعها الرسمي باعتماد البرلمان لقانون تنظيمي يحدد طرق ومسار ترسيمها وتوظيفها، غير أن تعثر المسطرة التشريعية لتفعيل القانون جعله يتأخر بما يزيد عن ثمان سنوات من الدسترة.