أخبار الدار

الهارب “نبيل الشعيبي”.. احتيال وانتحال واتجار في البشر

الدار/ عبد الرحمان تاجري

نصب وابتزاز، انتحال صفات، اتجار بالبشر، ترويج معلومات مغلوطة ومظللة. "خطة اجرامية" اعتمدها المدعو "نبيل الشعيبي"، للإفلات من قبضة العدالة، وللإثراء غير المشروع، والترقي الاجتماعي، ليتحول في وقت وجيز من مجرد شخص عادٍ الى ميلياردير.
 أسلوب إجرامي يندرج ضمن ما يصطلح عليه بـ  "الجريمة المركبة"، يتحدد في استهداف المقاولين، حيث ينتحل "المتهم" صفة "رجل أعمال" مساهم في "رأس مال" عدة شركات، لتضليل ضحاياه والاستحواذ على أموالهم، عبر مراحل، تبدأ بمرحلة كسب الثقة، التي يعمد خلالها الى الايفاء بجميع التزاماته التعاقدية، بما فيه الالتزامات المالية.

لكن بعد عمليتين تجاريتين، يحصل "الشعيبي" على سلع تتجاوز 300 مليون، بعد كسب ثقة الضحية، مقابل تسليمه شيكات وكمبيالات، ثم الاختفاء عن الانظار، وعندما يحل أجل الأداء، يفاجأ الضحية بكون الشركات التي تعامل معها، شركات وهمية، وأن الشيكات التي تسلمها دون مؤونة.

نصب واحتيال.. واستهداف للدورة الاقتصادية

حسب شكاية لإحدى المقاولات التجارية، العاملة في مجال النقل الدولي والوطني للسلع والبضائع، فإن علاقتها التجارية مع "المتهم"  كانت عادية في البداية، وكان يقوم بـتأدية المقابل لجميع المعاملات، الى غاية متم سنة 2017، حيث عمد المشتكى به الى تسليمها كمبيالات وشيكات على سبيل الضمان تبلغ قيمتها 9.000.000.000 درهم تخص شركات عديدة كان يزعم "المتهم" تسييرها وامتلاك أسهم بها، لتكتشف "المشتكية" في النهاية أن الشركات في أسماء أشخاص آخرين، وانه كان يستغلها للنصب مستغلا كونه ليس هو المسير القانوني لها.

المشرع المغربي جعل جريمة النصب جريمة قائمة الذات مستقلة عن جرائم الأموال الأخرى، وخصها بنص تشريعي خاص في الفصل 450 القانون الجنائي، نظرا لتصدرها موقعا متقدما ضمن الجرائم الخطيرة، ولم تعد تقتصر فقط على النصب كجريمة تقليدية، (الشعوذة والسماوي وغيرها)، بل تجاوزته الى "النصب الذكي" من فئة خمس نجوم، يستهدف الشركات ورجال الاعمال، ويتداخل مع جرائم اخرى أكثر خطورة ضمنها "تبييض الأموال" و"الاثراء غير المشروع"، مع ما لهاته الجرائم من أثار سلبية على "دورة الاقتصاد"، وانعكاسات جسيمة على انخفاض الدخل القومي، وارتفاع التضخم وتدهور قيمة العملة الوطنية.

واذا كان المشرع لم يعرف الاحتيال في الفصل 540 من ق.ج إلا انه حصر وسائله في:
إخفاء وقائع صحيحة : أي كتمان المحتال لوقائع صحيحة وعدم التصريح بها أمام الضحية. وأن يكون هذا الكتمان سببا في الاستيلاء على مال الضحية. كأن يبيع الجاني للضحية أرض نزعت ملكيتها ولم يخبره بها.

استغلال ماكر لخطأ وقع فيه الغير: انتهاز الجاني وقوع الضحية في غلط قانوني واستغلاله في الاستيلاء على أمواله.

والركنين معا ينطبقان على هاته النازلة، "فالمشتكى به" "نبيل الشعيبي"، ادعى امتلاكه وتسييره لعدة شركات وهمية، وجعل "الضحية" في موقع معاملة مع "شركات" شبح، غير موجودة على أرض الواقع.

هذا، فضلا عن انتصاب "قانون الالتزمات والعقود" في ذات القضية، كون "الغلط" و"التدليس"  يعتبران من عيوب الرضى في التعاقد، وعليه فإن تعاقد الشركة الضحية مع "شركات الشعيبي الوهمية" يعد تعاقدا باطلا من أساسه، وان كانت المتابعة تتم وفق "مبدأ العقوبة الأشد في حال الجرائم المركبة.

اتجار في البشر

الشركة المشتكية وبعد تحريها اكتشفت أن المسيرين الحقيقيين والممثلين القانونيين لهاته لشركات الوهمية، هم أشخاص آخرون، صرحوا جميعا بتعرضهم لعملية نصب واحتيال من طرف المشتكى به، الذي استغل وضعيتهم الاجتماعية الهشة، موهما إياهم بتشغيلهم كأجراء، ليتبين لهم في النهاية أنهم كانوا ضحية تزوير ونصب، وأنه تم تنصيبهم كمسيررين للشركات المذكورة دون علمهم.

وهنا تبدو "جريمة الاتجار" في البشر تابثة في حق المدعو "نبيل الشعيبي"، رغم عدم إثارتها في الشكايتين المرفوعتين ضده، فجريمة الاتجار بالبشر باتت تتخذ صورا متعددة، لا يمكن حصرها في "الاسترقاق وتجارة الاعضاء" فقط، بل هي كل استغلال للغير في تنفيذ أعمال مخالفة للشرع والقانون والضمير الإنساني.

من أبرز "أركانها المعنوية" ركن "الاستمرارية" أي أن تكون "الجريمة مستمرة" وهو ما يتحقق في هاته النازلة، فاستغلال الاشخاص وانتحال صفاتهم لتنفيذ الافعال الاجرامية من طرف الشعيبي، استغرق زمنا طويلا ولم يتم في يوم واحد. فضلا عن توافر "الركن المادي"، المتمثل في "الاحتيال"، واستعمال  الجاني لادعاءات كاذبة مدعمة بمظاهر خارجية لتضليل المجني عليهم.

كما لو نشر الجاني إعلانا يطلب فيه نساء للاشتغال بأعمال الحلاقة والتزيين، في مكان ما فيجدن أنفسهن في مكان يتم فيه حبسهن واستغلالهن في الدعارة أو السخرة أو الخدمة قسرا. هذا دون أن ننسى استغلال "الشعيبي" لهشاشة وفقر وحاجة هؤلاء، وتوافر "ركن سلطة رب العمل على أجرائه" يستغلهم في اعمال اخرى عوضا عن عملهم العادي"، ما يجعل الجريمة التي يتابع بها "الشعيبي"، "جريمة مركبة" يتداخل فيها اكثر من فعل جرمي، بعيدا عن كونه مجرد نصب واحتيال عادي، بل افعال جرمية خطيرة قد تكلفه عقوبة حبسية لاكثر من من 20 سنة، خاصة مع اقترانها بجنحة الفرار وتظليل العدالة.

الوشاية الكاذبة وتضليل العدالة.. محاولة للتمويه

في قضية ثانية، تقدم رجل أعمال مغربي مؤسس لعدة شركات مقرها المغرب والامارات العربية المتحدة،  بشكاية ضد "المدعو الشعيبي"، الذي  بعدما جمعته به معاملات تجارية منذ سنة 2009، وتوطد العلاقة بينهما، وتضاعف رقم المعاملات بينهما، لدرجة أصبح العارض يقوم بتسليم المشتكى به مجموعة من السلع والمعدات ولا يقوم باستخلاص مقابلها إلا بعد مدة معينة لتمكين المشتكى به، من تحصيل قيمة بيعها بالسوق. ثقة بلغت ذروتها باقراضه مبالغ مالية ضخمة.

وخلال سنة 2018 ولما بلغت قيمة المديونية بينه وبين العارض مبلغا تجاوز 30.000.000.00 درهم بدأ بالقيام بتهديده شخصيا بالتصفية الجسدية وتصفية أسرته الصغيرة، ثم شرع بتهديده وتلفيق تهم تتعلق بجنح ووقائع وهمية . زادت وتيرتها بعد علمه  بمباشرة الضحية مساطر قضائية في مواجهته، ليقوم بمغادرة التراب الوطني اتجاه دولة الإمارات العربية المتحدة من أجل الإختفاء عن الأنظار.

"نبيل الشعيبي" ظهر في مقطع فيديو وهو يكيل الاتهامات للضحية، متهما اياه بخدمة مصالح "جبهة البوليساريو" تارة و تارة أخرى بالعمالة لإيران، والقيام بافعال معادية للمغرب، كل ذلك لكي تقوم هذه المؤسسات و الشركات في فسخ تعاملها مع العارض ويتسبب في افلاس شركاته. حسب نص الشكاية.

التنصل من فعل إجرامي يعد تضليلاً للعدالة، وبهذا يلجأ كثير من المجرمين، الى اختلاق ادعاءات كلما احسوا بالخناق يضيق عليهم، يسعون بكل الوسائل لإفساد الأدلة، بالهجمات والانتقادات الخالية من أسانيد جدية..أو ما يصطلح عليه في "العلاقات الدولية، بـ "سياسة الارض المحروقة"،  أي اذا كان هناك احتمال باعتقاله ومتابعته، فلن يكون وحيدا، من منطلق المبدأ القائل : " إذا كان لا مناص من الغرق، لن أغرق وحيدا".

لكن حين تتجاوز الاتهامات التشهير العادي، الى ترويج معلومات مظللة "ذات طابع دبلوماسي ودولي" يمس سلامة الوطن، ونشر أخبار زائفة وبث مقاطع مصورة، على مواقع التواصل الاجتماعي، هنا تتخذ الجريمة بعدا آخر..بل و"تكييفا قانونيا" آخر أيضا.
فالفصل 264 من القانونى الجنائي واضح جدا : "تعتبر إهانة، ويعاقب عليها بهذه الصفة قيام أحد الأشخاص بتبليغ السلطات العامة عن وقوع جريمة يعلم بعدم حدوثها أو بتقديم أدلة زائفة متعلقة بجريمة خيالية أو التصريح لدى السلطات القضائية بارتكابه جريمة لم يرتكبها ولم يساهم في ارتكابها”.

ذلك أن مثل هاته الوشايات وإن كانت كاذبة، تستتلزم القيام بتحريات لا فائدة منها، ما يضيع على السلطات جهدا ووقتا لمتابعة القضايا الحقيقة، وسير عملها العادي، وما يترتب عليه عرقلة عمل الجهات المعنية وانحراف جهودها في استجلاء الحقيقة عن مسارها الصحيح نتيجة لهذه المعلومات الكاذبة.

لاسيما في ظل دخول قانون "محاربة الإشاعة والأخبار الزائفة " بالمغرب حيز التطبيق مع نهاية السنة الماضية، "يعاقب بالسجن كل من قام عمدا وبكل وسيلة، بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها."

وعادة ما يقوم المجرمون، بعد استيلائهم على حقوق الغير، وتحقيق الربح السريع، باختلاق إدعاءات، وترويج تهديدات، وتضخيم وتهويل معطيات، ووشايات لها علاقة بالوطن والدولة والاغتيالات، للحيلولة دون السقوط في المساءلة القانونية.

تمجيد بوليساريو.. خطة للاستفادة من وضعية لاجئ سياسي

نبيل الشعيبي" الهارب والصادرة بحقه أوامر اعتقال دولية، لاشك انه اخذ علما باتفاقيات التعاون القضائي، في المجالات الجنائية وتسليم المجرمين، لذلك كان من البديهي والمتوقَع، أن يلجأ الى الخطة "باء"، ونشر تدوينات على الفايسبوك يمجد من خلالها "جبهة البوليساريو " الانفصالية، والطعن في الوحدة الوطنية في محاولة لإعطاء نفسه صفة "معارض سياسي"، تمهيدا لطلب اللجوء والاستفادة من الوضعية القانونية للاجئين والحماية التي تضمنها لهم "اتفاقية جنيف". أو في أسوأ الحالات: سيُعتبر مجنوناً ويقضي عقوبته في مصحة خمس نجوم.

ليضيف بذلك تهمة أخرى، إلى قائمة التهم تتعلق بجناية "المس بسلامة الدولة الخارجية"
وحسب القانون الجنائي المغربي "فإذا ارتكبت هذه الجريمة وقت الحرب، فإن العقوبة هي الإعدام. أما إذا ارتكبت وقت السلم فإن العقوبة هي السجن من خمس سنوات إلى عشرين سنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى