لهذا تفوق لقجع.. مسار مسؤول كفء
الدار/ تحليل
البلبلة التي أثارها فوز المغرب بتنظيم كأس إفريقيا للأمم 2025 وهزيمة الملف الجزائري لتنظيم هذه الكأس وكذا بطولة 2027 أصابت بلاتوهات الإعلام الرياضي في بلاد الكابرانات بالجنون، وأضحت كلها تردد اسما واحدا بنوع من الهوس والعصبية المنقطعة النظير: فوزي لقجع. لا حديث للإعلام الجزائري إلا عن هذا الرجل الذي يشغل منصب عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم منذ مارس 2021، ورئيس اللجنة المالية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم منذ أبريل 2021. فوزي لقجع الوزير المنتدب المسؤول عن الميزانية ورئيس الجامعة الملكية لكرة القدم يمثل اليوم كابوسا حقيقيا بالنسبة إلى نظام الكابرانات لأنه استطاع في ظرف وجيز أن يبوئ كرة القدم الوطنية مكانة مرموقة قاريا وعالميا.
لماذا إذاً هذا الهوس الجزائري بفوزي لقجع وأدائه في إدارة كرة القدم المغربية؟ الجواب ببساطة هو أن الرجل أضحى اليوم شماعة يعلق عليها الكابرانات الإخفاقات المتتالية التي تحققها المؤسسات التي تشرف على إدارة كرة القدم في البلاد. عندما فشل الرئيس السابق للاتحاد الجزائري لكرة القدم في انتخابات المكتب التنفيذي وحصل على عدد قليل وغير مشرف من الأصوات، لم يتردد الإعلام الجزائري بإيعاز من مسؤولي كرة القدم والمسؤولين السياسيين في البلاد في اتهام فوزي لقجع بالوقوف وراء هزيمة المرشح الجزائري. واليوم يعيد التاريخ نفسه بعد الإهانة التي شعر بها الكابرانات بسبب رفض ملف ترشيحهم لاستضافة بطولة 2025 أمام منافسة المغرب، وبطولة 2027 أمام منافسة كينيا وتنزانيا وأوغندا.
لم يتوقف الإعلام الجزائري عن الترويج لفكرة وقوف فوزي لقجع وراء إقصاء الملف الجزائري. لا يخلو هذا الموقف من غباء وسذاجة واضحتين. هل يعتقد الجزائريون أن فوزي لقجع عضو المكتب التنفيذي للكاف سيدافع عن الملف الجزائري في مواجهة ملف المغرب؟ من الطبيعي أن يعمل مسؤول يحتل موقعا متقدما في هرم كرة القدم الإفريقية من أجل الدفاع عن مصالح بلاده وحظوظها لا سيّما أنه المسؤول عن كرة القدم الوطنية وعن ضمان تألقها ومصالحها على الصعيد القاري. والنفوذ الذي يتحدث عنه إعلام الكابرانات اليوم هو ما كانوا يتبجّحون به في الماضي عندما كان محمد راوروة عضوا في المكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم. حينها كان الإعلام الجزائري يلهج بذكر هذا المسؤول ويبرر ممارساته وكولسته وكلّ ما يقوم به ضد مصالح المغرب وموقعه على الصعيد الإفريقي. إنه منطق حلال علينا حرام عليكم.
من حقّ أيّ بلد أن يمثله مسؤولون أكفاء ونافذون في الهيئات الدولية والقارية في شتى المجالات، سواء تعلق الأمر بهيئات اتخاذ القرار الدبلوماسي والسياسي مثل الأمم المتحدة أو الهيئات الرياضية والثقافية والاقتصادية. ومن الطبيعي جدا أن يعمل هؤلاء المسؤولون على توظيف هذا النفوذ من أجل الدفاع عن مصالح بلدانهم والحرص على إشعاعها وتألقها في مواجهة باقي دول العالم. لهذا يمكن أن نقول دون حرج أن فوزي لقجع رجل نافذ، وأن هذا النفوذ على الصعيد القاري والدولي هو جزء من كفاءته، لكن النفوذ لا يعني هنا خرق القوانين أو اللجوء إلى الأساليب القذرة أو التلاعبات أو التزوير أو أيّ ممارسة تجرّمها القوانين الداخلية للاتحادات القارية والدولية المسؤولة عن كرة القدم.
ما يقوم به فوزي لقجع لصالح المغرب وكرة القدم في بلادنا داخل الاتحاد الإفريقي والاتحاد الدولي يسمى في عالم الدبلوماسية بممارسة الضغط المشروع lobbying القائم على حشد التأييد والدعم لكل القرارات التي تصبّ في صالح المغرب، سواء تعلّق الأمر بتنظيم التظاهرات الرياضية أو تعزيز سمعة كرة القدم الوطنية أو الاستفادة من برامج الدعم التي توفرها هذه الهيئات لكل دول العالم. بدلاً من التباكي والتظاهر بمظهر الضحية الذي يتقنه خطباء إعلام الكابرانات كان أولى بالمسؤولين الجزائريين البحث عن الطرق المناسبة للدفاع عن كرة القدم الجزائرية ومصالحها من خلال تقديم ملف في المستوى والعمل على ضمان التأييد الكافي له كي يحظى هذ الترشيح بالقبول لدى أعضاء المكتب التنفيذي. وهذا ببساطة ما يقوم به فوزي لقجع انطلاقا من كفاءته المشهودة محليا ودوليا. وهذا يعني ببساطة أن فوزي لقجع رجل نافذ وذو كفاءة في الوقت نفسه لكنّه تحوّل إلى شماعة جزائرية للأسف تُعلَّق عليها إخفاقات وفضائح إدارة الكابرانات الفاشلة.