باحثون ينبشون في أحياء “الملاح” بالمغرب وتأثيرها في تطور حضارة الوطن
استهلت اليوم الاربعاء أشغال اليوم الثاني من المهرجان الثقافي لجهة الدار البيضاء بندوة علمية تمحور موضوعها بالأساس حول "الاداب والفكر والثقافة والفنون"، ركزت على مدى التأثير الراسخ للمغاربة اليهود في اشعاع الحضارة المغربية. وتأتي هذه الجلسة الفكرية، التي حضرها ثلة من المفكرين والاكاديميين من مختلف المشارب، في إطار فعاليات دورة هذه السنة المنظمة في نسختها الثالثة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حول موضوع "التأثير الراسخ للمغاربة اليهود في إشعاع الحضارة المغربية: تاريخ وامتداد".
وبالمناسبة انصبت مداخلات الاطراف المشاركة حول طبيعة التلاحم التاريخي القائم بين مختلف مكونات المجتمع المغربي بغض النظر عن الانتماء الديني أو العرقي، مؤكدين على الدور المحوري الذي لعبه المغاربة اليهود في نسج وتطوير الحضارة المغربية في مختلف تجلياتها.
وتم التأكيد في هذا الصدد على الحضور المتميز لهذه الطائفة من المجتمع من خلال مساهماتها المتنوعة على المستوى الثقافي والفني والعلمي فضلا عن البعد السوسيو اقتصادية، وذلك في محاولة لرد الاعتبار للمغاربة اليهود الذي اسهموا بقوة منذ بداية القرن العشرين في الحركة الوطنية وفي التعريف بالقضية الوطنية وكذا في بناء اسس حياة سياسية اجتماعية وثقافية حديثة في المغرب.
وفي هذا السياق، استحضرت المداخلات نخبة من الأسماء والرموز الفاعلة والتي يعود لها الفضل في تكوين أجيال عديدة ، من قبيل حليم الزعفراني وشمعون الليفي وابراهام السرفاتي والتي تبقى ادوارها بارزة في العديد من المواقف التاريخية الراسخة . وقد شكل هذا اللقاء أيضا فرصة سانحة لاستعراض المتدخلين لشهادات حية مستوحاة مع طبيعة التعايش القائم بين المغاربة لدرجة يصعب معه التفريق أو الفصل فيما بينهم لتشابه وتقارب الأعراف والتقاليد التي تطبع مختلف جهات المملكة.
ومن بين النقط التي ركزت عليها المداخلات، المشاركة القوية للعنصر اليهودي المغربي في التراث والثقافة والحضارة المغربية ، بما في ذلك الموروث الانساني المشترك المتمثل في الموسيقى المغربية الاندلسية التي ساهم اليهود في نسجها وتطويرها وفي الحفاظ عليها على مدى 12 قرنا وذلك في بعدها النغمي والشعري وكذا على مستوى الأداء لتقريبها اكثر من فئة الشباب في محاولة لمواجهة الهجمة الشرسة للفن الغربي ومن اجل المحافظة على الهوية المغربية الاصيلة بمكوناتها المختلفة.
ويأتي تنظيم هذه التظاهرة الثقافية العلمية بمبادرة من جمعية قدماء تلاميذ الدار البيضاء وذلك بشراكة مع مجلس مدينة الدار البيضاء و مجلس جهة الدارالبيضاء –سطات والمندوبية الجهوية للشؤون الاسلامية لجهة الدار البيضاء –سطات.
ومن المرتقب، أن يسدل الستار على فعاليات هذه الدورة المنظمة ما بين 18 و20 يونيو الجاري بالدارالبيضاء بزيارة لعدد من أماكن العبادة بما فيها مسجد الحسن الثاني وبيعة الكنيس اليهودية بالدارالبيضاء وكنيسة الدارالبيضاء وكذا بتكريم لعدد من الفاعلين في حفل فني موسيقي من أداء الفرقة المغربية الاسبانية للطرب الاندلسي والفلامينكو.
ويذكر أن موضوع الدورة السابقة لهذا المهرجان الجهوي، المقام ما بين 20 و22 فبراير 2018 بالدارالبيضاء، تمحور بالأساس حول " مساهمة اليهود الامازيغ وتأثيرهم في الفسيفساء الثقافي المغربي".