مندوبية التخطيط” تكشف توقعات النمو الاقتصادي في الفصل الرابع من عام 2023
الدار-خاص
توقعت المندوبية السامية للتخطيط أن يحقق النشاط الاقتصادي الوطني خلال الفصل الثالث من العام الجاري، نموا يقدر ب2,4٪ حسب التغير السنوي، مدعوما بارتفاع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي، و نموا يصل الى2,6 ٪ خلال الفصل الرابع من 2023، مدعوما بمساهمة إيجابية للقطاع الفلاحي.
و أشارت المندوبية في موجــز حـــول الظرفيــة الاقتصادية للفصل الثالث من 2023 إلى أن الأنشطة غير الفلاحية ستواصل تقدمها خلال نفس الفترة بنفس معدل النمو 2,4)٪(، مدفوعة بالأساس بدينامية الخدمات العمومية. ومن المتوقع أن يصل النمو الاقتصادي الى 2,6٪ خلال الفصل الرابع من 2023، مستفيدا من التعافي التدريجي للطلب الداخلي.
و أضافت المذكرة أنه من المتوقع أن يشهد حجم الصادرات الوطنية من السلع والخدمات ارتفاعًا بنسبة 2,6٪، حسب التغير السنوي، خلال الفصل الثالث من 2023، عوض 6,5٪ خلال الفصل السابق، بينما سيعرف حجم الواردات انخفاضًا بنسبة 1,4٪.
بخلاف ذلك، يرجح أن تنخفض صادرات السلع من حيث القيمة بنسبة 5,9٪ خلال نفس الفترة بسبب تقلص مبيعات الفوسفاط ومشتقاته مع مساهمة سلبية تقدر ب 8,2- نقطة في التطور الإجمالي لقيمة الصادرات. بينما ينتظر أن تواصل المبيعات الخارجية لكل من “التجميع” و”الأسلاك” و”المقاعد الجلدية” المرتبطة بقطاع السيارات وكذا منتجات الصناعات الكهربائية والإلكترونية حيويتها، حيث ستصل مساهمتها إلى 9,9+ نقطة و 1,4+ نقطة على التوالي في تطور الصادرات.
على مستوى الواردات، من المنتظر أن تشهد قيمتها تراجعا للفصل الثاني على التوالي بما يعادل 10,7-٪، بسبب تقلص فاتورة الطاقة، وخاصة مشتريات الفحم والغازوال والفيول. كما يرتقب أن تشهد المقتنيات من المواد نصف المصنعة انكماشا بما في ذلك الأمونياك والمنتجات الكيميائية والأوراق والكرتون، بالإضافة إلى المنتجات الخام. بينما سترتفع المقتنيات من المعدات الصناعية وخاصة أجهزة القطع والتوصيل الكهربائي والآلات والأجهزة المتنوعة ومن المواد الاستهلاكية وخاصة المقتنيات من الأدوية وسيارات السياحة وقطع غيارها خلال نفس الفترة.
وسيساهم تراجع قيمة الواردات من السلع مقارنة بقيمة الصادرات، خلال الفصل الثالث من 2023، في التخفيف من العجز التجاري للسلع وارتفاع معدل نسبة تغطية الواردات بالصادرات ب 2,9 نقطة مقارنة مع نفس الفترة من 2022، ليصل إلى 56,8٪.
و وفقا للمندوبية السامية للتخطيط، من المتوقع أن يشهد الطلب الداخلي تحسنا خلال الفصل الثالث من 2023، يعود بالأساس الى تنامي استهلاك الإدارات العمومية بحوالي 3,6+٪ عوض 3,1+٪ خلال الفصل السابق. كما سيحقق استهلاك الأسر، الذي يظل معرضا للتأثيرات الضغوط التضخمية رغم تراجعها، ارتفاعا يقدرب0,7٪ خلال نفس الفترة، عوض 0,4٪ خلال الفصل السابق، وذلك في ظل لجوء أكثر اهمية الى استعمال الادخار. وسيهم هذا الارتفاع على وجه الخصوص السلع المنزلية، بينما سيعرف استهلاك المواد الفلاحية والغذائية المصنعة تراجعا طفيفا.
في المقابل، تؤكد المندوبية من المرجح أن تظل مساهمة الاستثمار في النمو الاقتصادي الوطني سلبية خلال الفصل الثالث من 2023، حيث سيعرف انخفاضا بنسبة 2,7٪، حسب التغير السنوي، عوض 3,1-٪ خلال الفصل السابق. ويعزى ذلك إلى تراجع استثمار الشركات على مستوى قطاعات الصناعة وبعض الخدمات. حيث تفيد نتائج بحث الظرفية الأخير الذي قامت بإنجازه المندوبية السامية للتخطيط على مستوى تجار الجملة، انخفاض توقعات الطلب على سلع التجهيز الصناعية وتكنولوجيا المعلومات بمقدار 1,7 و5 نقاط على التوالي، حسب التغيرات السنوية.
من جهة أخرى، توقعت المندوبية السامية للتخطيط استمرار تراجع التضخم على الصعيد الوطني، حيث من المرتقب أن يرتفع معدل نمو أسعار الاستهلاك بوثيرة أقل خلال الفصل الثالث من 2023، وذلك في أعقاب تباطؤ الأسعار العالمية للمواد الأولية، بعد أن سجل ذروته خلال الفصل الأول من 2023 بزيادة قدرها 9,1+٪، حسب التغير السنوي. وينتظر أن يبلغ معدل التضخم الكلي4,7 +٪ خلال الفصل الثالث من 2023، عوض 6,8+٪ خلال الفصل الثاني و8,1٪ خلال نفس الفترة من العام السابق. ويعزى هذا التراجع إلى استمرار تقلص نمو أسعار المنتجات غير الغذائية وإلى ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية بوثيرة ادنى.
و تابعت مذكرة المندوبية السامية للتخطيط أنه من الراجح أن تظل مساهمة منتجات الطاقة في معدل التضخم سلبية خلال الفصل الثالث من 2023، على الرغم من الزيادات الجديدة التي عرفتها أسعار المحروقات خلال صيف 2023، تحت التأثير الإيجابي لسنة الاساس. وسيساهم هذا الأخير لوحده في تراجع التضخم بما يقدر ب 0,5 نقطة. كما ستعرف أسعار الخدمات بدورها تطورا بنسبة 2,1+٪، حسب التغير السنوي، عوض 2,3+٪ خلال الفصل السابق، بفضل انخفاض أسعار بعض خدمات النقل التي يقابلها جزئيا ارتفاع أسعار خدمات الإقامة.
توقعات بإستقرار أسعار المنتجات الغذائية
أكدت مذكرة المندوبية السامية للتخطيط أنه على مستوى المنتجات الغذائية، يرتقب ان تستقر أثمانها في مستويات مرتفعة نسبيا مع مساهمة ستبلغ 3,9 نقطة في معدل التضخم الكلي، بالموازاة مع تصاعد أسعار المواد الطازجة. بينما ستستمر أسعار المنتجات الغذائية غير الطازجة والسلع المصنعة في التراجع، في اعقاب تخفيف الضغوط على أسعار المدخلات.
كما أوردت في نفس السياق، أنه يتوقع أن يتراجع معدل التضخم الكامن الذي يستثني الأسعار المقننة والمواد ذات السعر المتقلب ليصل الى 4,8+٪، خلال الفصل الثالث من 2023، حسب التغير السنوي، عوض 6,5+٪ خلال الفصل السابق، مدعوما بانخفاض معدل ارتفاع اسعار المنتجات الغذائية غير الطازجة والمصنعة.
تحسن الأنشطة الفلاحية
و تتوقع المندوبية السامية للتخطيط أن تعرف القيمة المضافة الفلاحية تحسنًا بنسبة 6٪ خلال الفصل الثالث من 2023، حسب التغير السنوي، عوض 6,3٪ خلال الفصل السابق. ويعزى ذلك بالأساس إلى تطور إنتاج الحبوب بما يناهز 62٪ مقارنة ب 2022. بينما ينتظر ان تعرف الزراعات الأخرى ضعفًا نسبيًا في الإنتاج، سيساهم في دعم تزايد أسعار الخضروات والفواكه الطازجة بنسبة 24,1٪ و9,2٪، على التوالي، خلال شهري يوليوز وغشت 2023 حسب التغيرات السنوية.
و تابعت في هذا الصدد، انه يرجح ان تشهد أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعا، يقدر ب 15,7٪، حسب التغير السنوي. حيث لاتزال أنشطة تربية الماشية متأثرة بموجات الجفاف المستمرة التي ميزت السنوات الأخيرة ونجم عنها زيادة تكاليف الإنتاج وانخفاض العرض من الماشية الموجهة للذبح. في ظل ذلك، بدأت أسعار اللحوم في التصاعد منذ بداية السنة، لكنها شهدت بعض التباطؤ على إثر رفع الواردات من قطيع الحيوانات الحية الموجهة للاستهلاك بمقدار أربعة أضعاف تقريبًا.
و سجلت المندوبية السامية للتخطيط أنه باستثناء اللحوم الحمراء، يتوقع ان تشهد أسعار منتجات اللحوم الأخرى خاصة الدجاج، تباطؤا، بالموازاة مع زيادة الإنتاج بنسبة 10,4٪. وستعرف أسعار الحليب بدورها استقرارا مع تقلص وتيرة انخفاض الانتاج، عقب توقف استنزاف الأبقار الحلوب وتقلص تكاليف بعض الأعلاف. ويرجح، بالموازاة مع ذلك، ان تشهد كميات الحليب المستورد تقلصا بنسبة 38,3٪ خلال شهري يوليوز وغشت 2023.
استمرار تباطؤ القروض المقدمة للاقتصاد
و توقعت المندوبية السامية للتخطيط أن يستمر تباطؤ الكتلة النقدية خلال الفصل الثالث من 2023، حيث ستحقق زيادة بنسبة 7,1+٪ عوض +7,6٪ في الفصل السابق، حسب التغيرات السنوية. حيث ستشهد حاجيات السيولة البنكية تقلصا طفيفا في وتيرتها بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة المنصرمة، وذلك بالموازاة مع انخفاض تداول النقود الائتمانية، مما سيدفع البنك المركزي الى التقليص من حجم تمويله للبنوك. كما ستحقق الأصول الاحتياطية الرسمية زيادة بنسبة 6+٪، مدعومة بارتفاع الاقتراض العمومي من السوق العالمي، بينما ستنخفض القروض الموجهة للإدارة المركزية، مما يعكس زيادة في مديونة الخزينة بنسبة 10,2٪.
كما من المرتقب خلال نفس الفترة، تردف المندوبية السامية للتخطيط، أن يستمر تباطؤ القروض المقدمة للاقتصاد، حيث ستعرف زيادة بنسبة4,3 ٪، حسب التغير السنوي، عوض 4,6٪ خلال الفصل السابق. ويعزى ذلك بالأساس إلى انخفاض القروض الخاصة بتسهيلات الخزينة بالنسبة للشركات وتباطؤ القروض الموجهة نحو استهلاك الأسر.
آفاق تطور الاقتصاد الوطني خلال الفصل الرابع من 2023
و أبرزت المندوبية السامية للتخطيط أنه من المتوقع أن يتطور الاقتصاد الوطني خلال الفصل الرابع من 2023 في ظل ظرفية تتسم باستمرار تراجع النشاط الاقتصادي العالمي.
في ظل هذه الظروف، تشير المندوبية، “من المتوقع أن يصل النمو الاقتصادي الوطني الى2,6 ٪ خلال الفصل الرابع من 2023، مدعوما بمساهمة إيجابية للقطاع الفلاحي. أما على مستوى القطاع غير الفلاحي، فسيستقر معدل النمو في نفس المستوى تقريبا (2,6٪(. حيث ستواصل الخدمات تطورها بوتيرة متواضعة، مسجلة ارتفاعا بنسبة 2,8٪ مقارنة بـ 5,4٪ في بداية السنة، في حين ستشهد صناعات التصنيع تحسنا تدريجيا في نشاطها، بفضل تحول نحو الارتفاع للصناعات الكيميائية واستمرار دينامية أنشطة تصنيع معدات النقل والسيارات.
ومن المنتظر أن يحافظ الطلب الخارجي على دعمه للنمو، خلال نفس الفترة، على الرغم من اعتدال نمو حجم الصادرات من السلع والخدمات. حيث ستظل مساهمة التجارة الخارجية في النمو الاقتصادي الإجمالي إيجابية مع انخفاض قدره 1,1 نقطة مقارنة بالفصل الثالث، نتيجة ضعف الدينامية في حجم الواردات الناجم عن التباطؤ المستمر في شراء سلع الطاقة وبعض المنتجات شبه المصنعة.
وسيشهد استهلاك الأسر تسارعا طفيفا في وتيرة نموه خلال الفصل الرابع من 2023، في ظل تراجع الخسائر المتعلقة بالقدرة الشرائية. حيث ينتظر أن يواصل دخل الأسر تحسنه مع تباطؤ في أسعار الاستهلاك على المستوى العام وعلى مستوى المكون الأساسي ليصل نموها الى 6,1٪ في متم سنة 2023 في المتوسط السنوي، عوض 6,6٪ في 2022. كما ينتظر أن يظل الطلب المحلي المرتبط بالإنفاق العمومي مهما، مع زيادة مرتقبة للاستثمار في إطار جهود إعادة الإعمار بعد الزلزال الذي ضرب سبعة اقاليم من المملكة في شتنبر الماضي. بينما سيستمر تقلص استثمار الشركات غير المالية وخاصة على مستوى بعض الصناعات التحويلية، مع تراجع مهم لاستراتيجيات خفض المخزون التي تم اعتمادها في بداية العام. وعلى العموم، يرتقب أن يتحسن دعم الطلب المحلي للنمو الاقتصادي الوطني، بمساهمة إضافية قدرها 1,2 نقطة مقارنة بالفصل الثالث.
تجدر الإشارة إلى أن سيناريو توقعات النمو للفصل الرابع من عام 2023 يرتكز على فرضية استئناف الطلب الموجه إلى الصناعات الكيماوية والأنشطة المتصلة بها. ومع ذلك، من الضروري الإشارة بشكل أساسي أن أي تغير للأسواق يؤدي إلى انخفاض هذا الطلب قد يكون له تأثيرات مهمة على آفاق نمو القطاعات الثانوية بشكل خاص. بالإضافة إلى ذلك، يشكل الاخذ بعين الاعتبار الكامل لتأثيرات الزلزال الذي ضرب المملكة في شهر سبتمبر عاملا آخر حاسما للتغيرات المحيطة بالتوقعات. يمكن أن يكون لهذا الحدث تأثيرات متباينة قد تعدل توقعات النمو بالنسبة للفصلين الثالث والرابع من سنة 2023.