عندما تعارض الحماقة الدبلوماسية الجزائرية الثناء على جهود حماية القدس
الدار/ افتتاحية
مرة أخرى يعود النظام الجزائري ودبلوماسيته الرعناء إلى ممارسة الاستفزاز ومحاولات الإساءة والتبخيس ضد الجهود التي تبذلها المملكة المغربية انطلاقا من التزاماتها القومية والإسلامية تجاه القدس والقضية الفلسطينية. لم يستسغ ممثل وفد نظام الكابرانات في اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب المنعقد بالعاصمة الليبية طرابلس أن يوصي المجتمعون في هذا اللقاء بتسليط وسائل الإعلام العربية الضوء على جهود وكالة بيت مال القدس التابعة للجنة القدس برئاسة الملك محمد السادس في نصرة القدس والقضية الفلسطينية. هذا النوع من الدبلوماسية هو الذي تنطبق عليه المقولة العامية السائرة: “لا يرحمون ولا يتركون رحمة الله تنزل”.
تطاولٌ جزائري جديد ينضاف إلى سلسلة المحاولات اليائسة لمحاصرة المغرب والتقليل من أهمية جهوده المبذولة في مناصرة القضية الفلسطينية، لا سيّما تلك الصادرة عن مؤسسة عريقة مثل بيت مال القدس التي تمثل الذراع التنفيذي للجنة القدس التي يرأسها جلالة الملك محمد السادس. المفروض أن تحظى منجزات هذه اللجنة التي تصب كلها في اتجاه حماية المقدسات الإسلامية والعربية في العاصمة الفلسطينية وتحصينها ضد عمليات التهويد بدعم وتأييد كل الأشقاء العرب دون استثناء، لأن الأمر لا يتعلق أبدا بموضوع خلافي أو قضية تتباين فيها وجهات النظر. لماذا سيعارض عاقل دعم مبادرات هذه المؤسسة التي تمول مشاريع الحفاظ على الطابع الإسلامي لمدينة القدس وحماية مقدساتها وتعزيز صمود المقدسيين في مواجهة حملات الترحيل والاضطهاد الإسرائيلي؟
لا أحد يمكنه أن يعارض ذلك كلّه إلا من أُشبع قلبه بكراهية المغرب والمغاربة وكلّ ما يصدر عنهم. لن نبالغ إذا قلنا إن منطق الكابرانات قد يدفعهم حتّى إلى الوقوع في أحضان الشيطان والانغماس في نار جهنّم إذا أدركوا أنهم سيلتقون بالمغرب والمغاربة في غرف الجنة. نعم يفضّل منطق الكابرانات أن يعانق الحماقة ويحتضن الجنون على أن يشكر جهدا مغربيا يقرّ به كل العرب والمسلمين ولا أحد في الدنيا يمكن أن يعترض عليه. لقد باءت محاولة ممثل الكابرانات وسفيرهم في ليبيا بالفشل لأن المجتمعين في لقاء المكتب التنفيذي لوزراء الإعلام العرب اعتمدوا التوصية القاضية بتسليط الضوء إعلاميا على جهود لجنة القدس، لا سيّما بعد أن ذكّر ممثل الوفد المغربي المشارك في الاجتماع بجهود وكالة بيت مال التي ليست في حاجة إلى تذكير أصلاً.
لربّما كان الشاعر يقصد منطق الكابرانات هذا عندما قال:
لكل داء دواء يُستطبّ به إلا الحماقةَ أعيت من يداويها.
الحماقة الدبلوماسية ليست مجرد هفوات أو عثرات تحدث بين الفينة والأخرى في مسار الدبلوماسية الجزائرية بل أضحت على ما يبدو نهجاً منتظماً يتمظهر من مناسبة إلى أخرى في مواقف وقرارات لا يفهمها حتّى حلفاء هذا النظام ومؤيدوه. من المفهوم أن يسعى نظام الكابرانات إلى تحقيق انتصارات دبلوماسية أو مكاسب سياسية ضد المغرب في إطار العداء التاريخي للوحدة الترابية للمملكة والسعي الحثيث المعروف ضد استقرار بلادنا وتقدمها ونمائها، لكن الذي لا يمكن أبدا فهمه ولا استيعابه من العدو قبل الصديق ومن البعيد قبل القريب هو هذه المواقف الشاذّة والغريبة، التي تزيد إحراج ممثلي هذا النظام في محافل إقليمية عربية ودولية.
وكثيرا ما نرى كيف يضع هؤلاء الدبلوماسيون الجزائريون أنفسهم في مواقف محرجة للغاية عندما يتّخذون قرارات حمقاء ليس بناء على تحليل منطقي أو توجه واضح ومقبول، بل فقط انطلاقا من هذا العداء اللّامبرر للمغرب ووحدته واستقراره. وحدنا نحن في المغرب نفهم طبيعة هذه المواقف ونستوعب خلفياتها، ونحن وحدنا القادرون على الردّ عليها بما يتناسب مع درجة الحقد والكراهية الموروثة بين الأنظمة التي تعاقبت على إدارة البلد الجار، لذا لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نكرّر مقولة الملك الراحل الحسن الثاني الشهيرة: حتّى يعرف العالم مع من حشرنا الله في هذه المنطقة التي نتواجد فيها.