أخبار الدارسلايدر

لماذا يميل الكابرانات إلى الانسحاب والإغلاق عندما ينهزمون؟

الدار/تحليل

لم يسبق أن بلغ نظام سياسي أو عسكري المستوى المنحط الذي وصل إليه نظام الكابرانات فيما يتعلق بإدارة الشؤون الرياضية في بلد ما. كيف يُعقل أن يصل الحقد والكراهية مستوى يحرم الجمهور الرياضية من مشاهدة مباراة في كرة القدم؟ إنّها مجرد مباراة بين منتخبين من الفئات السنية الصغرى التي كانت تطمح لمعانقة الجماهير من خلال النقل التلفزيوني بغية تشجيع كرة القدم النسائية وتحفيز اللاعبات الناشئات على شق طريقهنّ بثبات واطمئنان في مسار كرة القدم القارية والعالمية. ما ذنب لاعبات المنتخب الجزائري لأقل من 17 سنة أن يحرمن من متابعة كاميرات التلفزيون الجزائري على غرار ما يحدث في باقي المباريات الأخرى؟
السبب طبعا في اتخاذ قرار عدم نقل المباراة أو حتى تصويرها هو أنّ نظام الكابرانات لم يعد يطيق سماع اسم المنتخب المغربي لكرة القدم من كافة الشرائح والفئات السنية، ولم يعد يقبل أبدا أن يتعرّض منتخب بلاده إلى هزيمة جديدة على يد اللاعبين واللاعبات المنتمين إلى المنتخبات الوطنية المغربية. بعد خسارة الناشئين من فئة الذكور العام الماضي في قلب الجزائر على يد المنتخب المغربي، وإقصاء نادي اتحاد العاصمة على يد نهضة بركان بسبب انسحاب وتلاعب الكابرانات يبدو أنّ الحل الذي اهتدى إليه هؤلاء المفتقدون للروح الرياضية هو عدم تسليط الأضواء الإعلامية على هذه الهزائم المتوالية.
ولكن إلى متى سيظلّ نظام الكابرانات متحصّنا بعقلية الهروب إلى الأمام؟ هناك استحقاقات أخرى قادمة في المستقبل القريب، وقد تجمع الفرق والمنتخبات الجزائرية مباريات أخرى أمام المنتخبات الوطنية المغربية، وهذا يعني أن الهروب لا يمكن أن يشكل حلا، إلا إذا كان هذا النظام قد قرّر فعلا ورسميا أن يدخل في حالة عزلة نهائية، ويلتحق كما يروج الإعلام الجزائري المخبول بالاتحاد الآسيوي أو الأوربي لكرة القدم. لقد كنا نتوقع ما حدث في مباراة نهضة بركان وإمكانية رفض الكابرانات مواجهة النادي المغربي وعلى قميصه الخريطة الغالية، لكن لم نكن نظنّ أن الأمر سيصل إلى درجة تجاهل مباراة في كرة القدم وعدم تسجيلها أو نقلها إلى الجماهير فقط لأنّها ستشكل هزيمة أخرى أمام المغرب.
من يذكّرهم بأنّها مجرد مباراة في كرة القدم؟ ما يحدث هو مهزلة بكل المقاييس، ويكاد يشبه إلى حد كبير السلوكيات التي تصدر عن الأطفال والصبيان عندما يتعرّضون إلى هزيمة فيرفضون مواصلة اللعب، أو يأخذون الكرة بعيدا أو يمزقونها غضبا وحنقا. هكذا تعوّدناهم منذ عقود عندما كانوا يتلقون الهزائم في ميادين أخرى أكثر جدية وخطورة. عندما ينهزمون عسكريا أو سياسيا أو دبلوماسيا يلجؤون باستمرار إلى الانسحاب والهروب. عندما تلقوا الهزيمة الدبلوماسية الساحقة قرروا أن يغلقوا الحدود، وعندما تلقوا الهزيمة الاقتصادية والأمنية قرروا أن يغلقوا الأجواء، وعندما تلقوا الهزيمة الرياضية الودية قرروا أن يغلقوا البث التلفزيوني.
ماذا سيغلقون في المستقبل القريب؟ هذا السؤال يجب أن يطرحه الكابرانات على أنفسهم بكل صدق ومصداقية، لأنّ الهزائم التي تكبّدوها وتلك التي سيتكبدونها مستقبلا لا حدود ولا حصر لها. ومن ثمّ فإنّ مواجهة الواقع ستكون مؤلمة دون شك. عليهم أن يستعدوا لإغلاق كل شيء عندما سيفتحون أعينهم على الانتصارات الدبلوماسية الساحقة المرتقبة عربيا وقاريا ودوليا، وعليهم أن يستعدوا لإغلاق مواقع التواصل الاجتماعي التي يرى من خلالها المواطن الجزائري البسيط التحوّلات والتطورات التي تجري في الدنيا بينما يسمع داخل بلاده خطاب إنجازات الزيت والسكر. عليهم أن يغلقوا الحدود أمام الشباب الجزائري الذي يسعى بكل ما يملك إلى مغادرة البلاد والبحث عن لقمة العيش والكرامة خارج أراضيه، وعليهم أن يغلقوا أيضا أفواه القبائليين الأحرار الذين يصرخون اليوم بكل شجاعة وجرأة للمطالبة بحقّهم في تقرير المصير. كم سيكفيهم من إغلاق وإلى متى سيواصلون الانسحاب؟

زر الذهاب إلى الأعلى