أخبار الدارسلايدر

الرئيس التونسي يصدم الكابرانات ويذكّرهم بالاتحاد المغاربي الفعلي

الدار/ تحليل

فعل نظام الكابرانات كلّ ما في وُسعه لضرب اتحاد المغرب العربي وتأسيس تنظيم موازٍ يتبع له وينفذ أوامره وتعليماته. استغلّ قادة هذا النظام الظروف الاقتصادية والأمنية التي تمرّ بها دول الاتحاد المغاربي ولا سيّما تونس وليبيا. أنفقوا لأجل استمالة موريتانيا وتونس مليارات كثيرة، وبذلوا جهوداً جبّارة للضغط على الحكومة الليبية من أجل الدخول في مشروع اتحاد ثلاثي التأمت إحدى قممه الكوميدية مؤخرا في الجزائر، وفي النهاية آلت هذه المؤامرات كلّها إلى الفشل، وتلقّى نظام العسكر في الجزائر اليوم صفعة قوية من الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي أعلن رسمياً تعيين الدبلوماسي طارق بن سالم أميناً عاماً للاتحاد المغاربي الذي تأسس بمراكش في 17 فبراير 1989.
ما رأي نظام الكابرانات إذاً في هذه الرسالة الواضحة؟ هذا التعيين يأتي التزاما من تونس بدورها المحوري في اتحاد المغرب العربي ووفقاً لما نصّت عليه معاهدة تأسيسه حيث جاء باقتراح من الرئيس قيس سعيد ليخلف طارق بن سالم مواطنه الطيب بكوش. الرسالة الأولى التي ينطوي عليها هذا التعيين في الظرفية الحالية هي أنّ أيّ مشروع مغاربي موازٍ غير مرحّب به في المنطقة ولا يمكن أن يُكتب له النجاح. الاتحاد المغاربي الوحيد الذي يمكن أن يرى النور ويسير قُدما بدول المنطقة نحو آفاق التكامل الاقتصادي والسياسي هو الاتحاد الذي تأسّس في مراكش قبل ربع قرن وما يزال ينتظر التفعيل الحقيقي لأدواره الواعدة، ولا سيّما في مجال التعاون الاقتصادي.
الصفعة القيسية شديدة على النظام الجزائري لأنّها جاءت مباشرة بعد محاولات لا حدود لها من أجل استمالة النظام التونسي بشتّى الوسائل المتاحة نحو تبنّي المشروع المغاربي البديل، الذي ولد ميتا. رفضت موريتانيا المشاركة في مهزلة الانضمام إلى اجتماع تأسيسي مزعوم، وتبرأت ليبيا بسرعة من هذا المشروع بعد أن أعلنت التزامها باتحاد المغرب العربي الأصلي. واليوم جاء دور تونس لتعبّر عن رفضها من خلال إعادة التذكير بوجود هيئة مغاربية تنتظر التفعيل والتنشيط منذ سنوات طويلة. تعيين أمين عام جديد في الظرفية الحالية لا يمكن إلّا أن يحظى بإشادة من الأطراف المؤسِّسة لاتحاد المغربي ومن قال غير ذلك فهو يُضمر الشرّ الصُّراح والكيد البَوَاح لمستقبل هذا التكتّل الذي ما زالت شعوب المغرب العربي تعقد عليه آمالا عريضة.
ونحن في المغرب متشبثون ملكا وشعبا وحكومة بهذا الاتحاد لأنّه يشكل جزءاً من تاريخ بلادنا المعاصر. لقد كان للملك الراحل الحسن الثاني الدور المحوري في بلورة هذا المشروع وإخراج الفكرة إلى حيّز الوجود إلى جانب الرئيس الجزائري السابق الشادلي بن جديد. وعلى الرغم من أنّه ظل مجرد فكرة فإنّ مشروع اتحاد المغرب العربي يتجاوز في الحقيقة الإرادات السياسية والأفكار الأيديولوجية والحسابات الظرفية لهذا النظام أو ذاك. إنّه مشروع في مِلكية الشعوب المغاربية من ليبيا إلى موريتانيا، ومهما طال الزمن أو قصُر فإنّه سيرى النور ولو بعد أجيال بعيدة.
ومن يريد للمنطقة خيراً ويؤمن بمستقبلها فعليه أن ينضمّ إلى هذا المشروع انضماما فعّالا بدلا من العمل على عرقلته وتجميد أنشطته وبرامجه. اتحاد المغرب العربي هو السبيل الوحيد لتحقيق النمو الاقتصادي الهائل في دول المنطقة، واستيعاب الأجيال العريضة من الشباب وتحقيق انتظاراتهم وآمالهم، وتحصين المنطقة من الاعتداءات والأطماع الأجنبية، والدفع بعجلة الرخاء والرفاهية لفائدة الجميع. الرهان اليوم على الإرادات الصادقة في دول المنطقة من أجل العمل على التسريع بتفعيل هياكل الاتحاد المغاربي على غرار ما حدث في دول الاتحاد الأوربي منذ منتصف القرن الماضي إلى أن أصبح هذا الاتحاد يمثل اليوم قوة اقتصادية وعسكرية وأمنية رادعة. من حقّ شعوب المغرب العربي أن تحلم باتحاد يجمع قادتها وحكوماتها ويسعى إلى ضمان استقرارها ورخائها. لهذا فإنّ تعيين أمين عام جديد يمثل في الوقت الحالي على الرغم من كلّ العراقيل والمعوّقات ومضة أمل ينبغي للجميع التشبّث بها.

زر الذهاب إلى الأعلى