أخبار الدارسلايدر
الكلمة الافتتاحية للسيد رئيس الحكومة خلال معرض “جيتكس أفريقيا” «GITEX AFRICA»
الدار/ تغطية
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين
السيدات والسادة الوزراء؛
أصحاب المعالي والسعادة؛
حضرات السيدات والسادة؛
- في البداية يسعدني أن أرحب بكم جميعا، وأعرب لكم عن سعادتنا باستضافة الدورة الثانية لمعرض “GITEX AFRICA“، الذي ينظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله.
- كما أود أن أغتنم هذه الفرصة لأشكر المشاركين الوطنيين والدوليين، القادمين من مختلف الدول الصديقة والشقيقة، على حضورهم بيننا، في هذا المعرض الإفريقي الهام، الذي يحمل دلالات عديدة بالنسبة لقارتنا.
- وهو ما يتماشى مع الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الرامية لتقوية روابط الأخوة والصداقة وتعزيز المبادلات التجارية بين دول القارة، وذلك لتحقيق النجاح المشترك في استثمار الإمكانيات الواعدة لقارتنا الإفريقية.
- وهنا لا بد أن أستحضر الرسالة السامية التي وجهها جلالة الملك، نصره الله، إلى المشاركين في أشغال اجتماع التجمع الإفريقي لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية للدول الإفريقية، التي انعقدت أشغالها هنا بمراكش في يوليوز 2022.
- عندما أكد جلالته أن “التكنولوجيا الرقمية تشكل بالفعل، تحولا بنيويا في مقاربتنا للعالم الذي يحيط بنا، إذ تسمح بتطوير أنماط إنتاجية واستهلاكية جديدة، من شأنها أن تخلق المزيد من مناصب الشغل، وأن تشكل مصدرا للرفع من فرص الاستثمار”. (انتهى منطوق رسالة صاحب الجلالة).
أيها الحضور الكريم؛
- في ظل اضطرابات الظرفية والتحولات العميقة التي يعيشها العالم في الآونة الأخيرة، لاسيما الرقمنة المتصاعدة والتي باتت حاضرة بقوة في مختلف مناحي الحياة، أظهرت التكنولوجيا الرقمية أنها تشكل بالفعل رافعة أساسية وغير مسبوقة للاقتصاد الدولي، وخاصة بالنسبة للقارة الإفريقية.
- فتبعا لتقرير أصدره البنك الدولي، بإمكان التحول الرقمي أن يضيف 712 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي لإفريقيا بحلول سنة 2050، مما يؤكد الإمكانات الهائلة التي يتيحها لتحفيز النمو الاقتصادي وإحداث تحول في القارة.
- فقد أصبح التحول الرقمي عنصرا لا محيد عنه على مستوى التعاون بين البلدان الإفريقية لعدة أسباب رئيسية تتجاوز التقدم التكنولوجي البسيط، وذلك عبر تسهيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للقارة.
- ولذلك فإن التجارة بين دول إفريقيا، والتي تعرقلها في بعض الأحيان البنيات التحتية المحدودة والمساطر الإدارية المعقدة، ستستفيد بشكل كبير من الرقمنة، حيث ستساهم منصات التجارة الإلكترونية، وأنظمة الدفع عبر الأنترنيت، والحلول اللوجستيكية الذكية في تبسيط المعاملات التجارية وتقليل التكاليف وتعزيز النجاعة.
- خاصة وأن الرقمنة تعمل أيضا على تحفيز الابتكار من خلال توفير منصة لتطوير أفكار وحلول جديدة. وذلك عبر مضاعفة أعداد حاضنات التكنولوجيا، والهاكاثونات (hackathons)، والمقاولات الرقمية الصاعدة (start-ups numériques)، مما يشجع ريادة الأعمال وخلق فرص الشغل.
- وعلى ضوء ذلك، سيكون بإمكان رواد الأعمال الأفارقة أن يتعاونوا بسهولة أكبر مع نظرائهم من مختلف البلدان والقارات، وأن يتقاسموا الموارد والخبرات لإيجاد حلول مصممة خصيصا لرفع التحديات المحددة التي تواجهها القارة.
- وفي ظل هذه التحولات، يمكن التأكيد على أن التكنولوجيا المالية (fintech)، تلعب دورا حاسما في تكامل الأسواق المالية الإفريقية. حيث تعمل خدمة الدفع عبر الهاتف المحمول، ومنصات التمويل الجماعي، والخدمات البنكية عبر الأنترنيت على تحقيق الإدماج المالي بشكل متزايد، حتى في المناطق القروية.
- كما يؤدي هذا التحول إلى تقليل الحواجز أمام دخول الشركات والمستهلكين، وبالتالي تعزيز المزيد من التكامل الاقتصادي في جميع أنحاء القارة.
- ولذلك، فمن خلال التكنولوجيات الرقمية يمكن للبلدان الإفريقية أن تدبر بشكل أفضل الخدمات العمومية لتعزيز شفافية الحكومات. ما سيمكن المنصات الإلكترونية الحكومية من العمل على تحسين النجاعة الإدارية والحد من الفساد. ذلك أن تسهيل الولوج إلى المعلومة، من شأنه أن يشجع على المزيد من الحكامة المندمجة والتشاركية.
حضرات السيدات والسادة؛
- إن الحكومة المغربية تضع التحول الرقمي على رأس أولوياتها. وفي هذا الإطار ستخرج إلى حيز الوجود في غضون الأسابيع القليلة المقبلة استراتيجية “المغرب الرقمي 2030″، التي أعدتها الحكومة. وتعتبر هذه الاستراتيجية التي تم إعدادها في إطار اللجنة الوطنية للتنمية الرقمية، ثمرة عمل مشترك ومكثف بين مختلف الفاعلين في القطاعين العام والخاص.
- وترتكز استراتيجية “المغرب الرقمي 2030“، على محورين أساسيين: الأول يتعلق برقمنة الخدمات العمومية، فيما يروم المحور الثاني بث دينامية جديدة في الاقتصاد الرقمي، بهدف إنتاج حلول رقمية مغربية، وكذا خلق القيمة المضافة وإحداث مناصب شغل.
- ولا شك أن التحدي الأساسي الذي سيطرح أمامنا لمواكبة إنجاح هذه الإستراتيجية يظل هو تكوين المواهب والكفاءات الشابة بالقدر الكافي من الجودة والعدد.
- وتحقيقا لهذه الغاية، وقعت المملكة المغربية اتفاقية في عام2023 تسمح لها بمضاعفة عدد الخريجين في المجال الرقمي ثلاث مرات تقريبا بحلول العام 2027.
- وفي إطار هذا التوجه، وقعت بلادنا مجموعة من الاتفاقات مع عدد من الشركات العالمية الرائدة، المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والبحث والتطوير، ما من شأنه أن يسرع التحول الرقمي ويضاعف الإمكانيات البشرية المحلية المتخصصة.
حضرات السيدات والسادة؛
- إن التحول الرقمي ليس مجرد “ترف” تكنولوجي، بل هو محفز أساسي لتعزيز التعاون بين البلدان الإفريقية. فهو يقدم حلولا ملموسة للتحديات التي تواجهها القارة، ويحفز التنمية المستدامة ويوفر بيئة مواتية لتعميق التكامل بين البلدان الإفريقية.
- ولذلك فإن تبني هذا التحول وتعزيزه يشكل أهمية بالغة لتحقيق إمكانات إفريقيا الكاملة في القرن الحادي والعشرين.
- ومن هذا المنطلق، يشكل معرض “GITEX” أفريقيا منصة متميزة لمناقشة المحفزات الرئيسية التي ستمكن القارة الإفريقية من وضع نفسها كمستهلك ومنتج للتكنولوجيا الرقمية.
- فدعونا نواكب معا هذا العصر الرقمي بكل جرأة وعزيمة. فقد حان الوقت لكي تكتب إفريقيا فصلا جديدا من تاريخها، يكون فيه الابتكار الرقمي المحرك الأساسي لتقدمنا الجماعي. فمن خلال توحيد الجهود، يمكننا تحويل هذه الرؤية إلى واقع مزدهر وملهم للأجيال القادمة.
- وفي ختام هذه الكلمة، أتمنى لضيوفنا الكرام مقاما سعيدا في بلدهم الثاني المغرب، كما أتمنى التوفيق لأشغال الدورة الثانية لمعرض “GITEX AFRICA“.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته