أخبار الدارسلايدر

حصيلة عهدة تبون.. عطش وغلاء ومزيد من الطوابير

الدار/ تحليل

تقترب الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها في الجزائر ومعها تتزايد تساؤلات الجزائريين حول حصيلة عهدة رئاسية كاملة قضاها عبد المجيد تبون على رأس البلاد وانتهت بهم إلى إحياء أحزن عيد في تاريخهم. أكثر من 90 في المائة من الأسر الجزائرية عجزت عن شراء أضحية العيد بسبب أسعارها الخيالية التي بلغت ملايين الدنانير، بينما قضت مدن كاملة مثل تيارت عيد الاضحى دون ماء وتحت وطأة عطش متواصل منذ أسابيع، علاوة على استمرار ظاهرة الخصاص في الكثير من المواد الأساسية بما يعنيه ذلك من طوابير إضافية أرهقت المواطن الجزائري البسيط وحولت حياته إلى جحيم.

يقول أحد المواطنين الجزائريين في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي إنه يستيقظ في الخامسة صباحا ليأخذ دوره في طابور الماء، وبعد بضع ساعات ينتقل إلى طابور آخر للحصول على كيس حليب. هذه الشهادة المؤلمة تلخص حياة مئات الآلاف من المواطنين الذين وعدهم عبد المجيد تبون بتحقيق الرخاء والتطوير والتنمية على كافة الأصعدة. لكن الظاهر أن هذا الرخاء المؤجل لم يكن سوى سراب انتخابي سرعان ما تبدد بعد أكثر من أربع سنوات قضاها الرئيس الذي قال ذات يوم إن الجزائر قوة ضاربة وأن على الجزائريين أن يؤمنوا بذلك. لكن كيف يمكن لمواطن بسيط حرمه الغلاء من فرحة العيد وحرمته السلطات من قطرة الماء أن يستمر في تصديق هذا الخطاب؟

لا يمكن في ظل هذا الواقع العملي المؤلم بل المأساوي أن يتجاهل إذاً المواطنون الجزائريون تقييم حصيلة العهدة المنتهية على غرار ما يفعله الإعلام الجزائري الخاضع إلى سيطرة نظام العسكر. لا توجد أي قراءة إعلامية موضوعية لهذه الحصيلة، كل ما هنالك هو محاولات دعائية لترويج نجاحات وإنجازات وهمية على غرار مشاهد الحصاد المطوّرة بالذكاء الاصطناعي. لقد اتضح بسرعة أنها مجرد حملة دعائية فاشلة بعد أن أطلقت السلطات طلبات عروض دولية لاستيراد آلاف الأطنان من الحبوب. وكان الأمر نفسه قد حدث في تدبير مشكلة الماء. كيف يُعقل أن تعيش مدن جزائرية كاملة عطشا مستمرا وتنتظر التزود ببعض اللترات باستخدام الشاحنات الصهريجية بعد مرور أقل من عام على تصريح تبون الذي أثار سخرية العالم في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأعلن فيه أن بلاده ستقوم بتحلية مليار و300 مليون متر مكعب من المياه يوميا!!

يعني هذا الوضع أن المواطن الجزائري يعيش معاناة مزدوجة. غلاء وطوابير وعطش في الواقع وإنجازات ومشاريع وأحلام في المواقع. وليس من السهل على الشعب في بلد غني بالموارد الطاقية أن يستسيغ مرارة هذه الصورة المستفزة، ولا سيما أنه يرى شعوبا تمتلك ثروات أقل لكنها تعيش أوضاعا وظروفاً اجتماعية واقتصادية أفضل. دون مبالغة من المفروض أن يتمتع المواطن الجزائري بالمستوى المعيشي الذي يتمتع به المواطن السعودي أو الليبي على الأقل، لكن الواقع بعيد عن هذا المستوى. هناك آلاف من الشبان الجزائريين الذين يخاطرون بأرواحهم كل يوم من أجل الوصول إلى الشواطئ الأوروبية، بينما يذوق نظراؤهم الذين لا تتاح لهم فرصة الهجرة مرارة الذل والمهانة.

هذا الواقع المأساوي المشوب بالفشل والخصاص والحرمان خلال العهدة الأولى لعبد المجيد تبون لم يمنع نظام الكابرانات في المقابل من الإنفاق بسخاء لا حدود له على عصابة البوليساريو المسلحة وعناصرها َقادتها الذين يتخذون من تندوف مقرا لهم. العطش الذي يعانيه المواطن الجزائري في تيارت لا يعرفه قادة الانفصاليين الذين توفر لهم المخابرات الجزائرية كفايتهم من المياه المعدنية، كما أن الحرمان من فرحة العيد الذي عاشه الكثير من أطفال الجزائر لم يعرفه أبناء العصابة المسلحة لأن النظام الجزائري تكفل بتوفير ما يحتاجون إليه من أضاحي على حساب أموال الجزائريين. هذا يعني أن الجهة الوحيدة الرّاضية تمام الرضا عن عهدة تبون هي جبهة البوليساريو التي تنعم بأموال الجزائريين العطشى الواقفين منذ زمن طويل في الطوابير.

زر الذهاب إلى الأعلى